منذ تأسيسها عام 1392ه/ 1972م؛ ودارة الملك عبدالعزيز تتبوّأ موقعاً ريادياً مهمّاً، وكانت -ومازالت- تقف في طليعة المؤسسات المهمة التي تضطلع بدور تاريخي وتوثيقي كبير وعميق؛ فهي منذ انطلاقتها الوثّابة وضعت صون وحماية تاريخ الوطن في قلب اهتماماتها، ومن هنا عرّفت بدورها كمؤسسة متخصصة في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية والعالم العربي. وهو تعريف كما يلحظ المتابع؛ يحمل مضامين عديدة وعميقة وعنوان عريض زاخر، وعظيم في دلالاته، وأدواره، ولم يقتصر دورها على خدمة تاريخ المملكة فقط، وإنما امتد دورها إلى ما هو أبعد وأشمل، فوضعت خدمة العالم والجزيرة العربية ضمن مسؤولياتها، وهي بلا شك مهمة جليلة. وقد قدمت الدارة على امتداد مسيرتها مهام جليلة خدمت من خلالها التاريخ والجغرافيا والإنسان في كل مكان، اليوم يتواصل هذا الدور الكبير من خلال تكريس هذا الدور عبر الندوات التاريخية، وكذلك طباعة الكتب للرواد، وللعلماء الأجلاء والمؤرخين في كل مكان، كل هذا يعكس نظرة الدارة المتسلحة بالرؤية الواعية التي تدرك أهمية صون وحفظ التراث، وبما يخدم الأجيال وتبصيرهم بموروثهم المحلي، لتؤكد أنها حارس أمين وموثوق على كنوز الماضي والحاضر، ومصدر إلهام لمستقبل واعد. بالأمس شهدنا ندوة احتفائية بكتاب «ملوك العرب» لأمين الريحاني الأديب والمفكر اللبناني الذي قدم وصفاً فريداً للعرب وملوكهم يتجاوز الصور النمطية الغربية، وهذا الاحتفاء تجسيد لقيمة الدارة كمؤسسة توثيقية وجسر حضاري يربط بين الماضي والحاضر عبر مبادرات علمية وتاريخية مهمة تسهم في إثراء الوعي التاريخي. إن هذه الندوة ليست مجرد حدث أكاديمي بل هي استكمال لدور الدارة الجليل في توثيق التاريخ العربي والتفاعل مع رموزه الفكرية، لنخلص إلى قناعة راسخة بأن الدارة ليست حارساً أميناً لتراثنا وتاريخنا العربي فقط، بل إنها منصة للحوار الثقافي العربي، وفضاء يجمع بين الماضي والحاضر في صيغة حضارية وفكرية متجددة.