هل اكتفت الدراما العربية من الأعمال الموجهة الى الأطفال بالدبلجة؟ في سوق التوزيع كم لا يحصى من الأعمال المستوردة والمعدّة للدبلجة ومن بعدها للعرض في زحمة القنوات الفضائية العربية التي تحتاج أن تقدم فترة خاصة للأطفال، ناهيك عن حاجتها لملء ساعات بثها عموماً. لا بد من الإشارة هنا إلى مفهوم خاطئ يسود الحياة الفنية العربية إزاء ما يمكن تقديمه للأطفال العرب، فالفهم السائد يتحدث دائماً عن «الكرتون» باعتباره هو وحسب ما يمكن إنتاجه للأطفال في حين تغيب دراما القصص والحكايات «البشرية» التي تقوم بداية على الواقعية وتتعامل مع الحياة العربية من مختلف وجوهها. لافت هنا أن هذا الغياب يأتي متعاكساً تماماً مع ما نمتلكه كعرب من إرث قصصي تراثي ناهيك عما يتوافر إلى جانبه من قصص يبدعها الكتاب اليوم في مختلف البلدان العربية، وأكثرها يلامس ذهنية الطفل العربي، ويمكنه أن يساهم في العملية التربوية على نحو يتماشى ومفاهيم العصر. من يتأمل اليوم علاقة الطفل العربي بما يقدم له على الشاشة الصغيرة يجد أن أكثر الأعمال نجاحاً بين الأطفال العرب كانت تلك التي قامت على تراث قصصي عربي جمع بين التشويق والمحلية كما هو حال «سندباد» مثلاً. هذا النوع من الأعمال (سواء قدم بتمثيل بشري أو كرتوني مدبلج) نجح في ملامسة روح الطفل العربي ووعيه على حد سواء بعيداً من التغريب، وأيضاً مما في أفلام المغامرات من مبالغات لا تستقيم وفكرة التربية بمعانيها وطرائقها الإيجابية الصحية. لا تتعلق المسألة بإمكانات إنتاج الكرتون وحسب، فالأهم هي القصص والحكايات ذاتها والتي يمكنها أن تخلق تواصلاً حيوياً بين الطفل وثقافته وحياته، مثلما يمكنها تحفيز مواهبه وقدراته الذهنية وخياله الذي يحتاج أن ينمو ويتطور في شروط ومناخات صحية سليمة. ربما لا تجد دعوة كهذه صداها الذي تستحقه في أوساط الإنتاج التي تجد مصلحة أكبر في الدبلجة بما تدرّه من أرباح بكلفة بسيطة، لكنها مع ذلك يمكن أن تكون دعوة مفيدة وواجبة للقنوات الفضائية العربية التي لا يجوز في أي حال أن تتنصل من المسألة تحت أي ذرائع.