الذين يتابعون الأفلام بالترجمة النصية على الشاشة في الواقع يتابعون القصة مكتوبة لا مصورة. لا يمكن التركيز على شيئين في الوقت نفسه. تفوتك كثيرا من المشاهد وتعابير الوجوه وتفاصيل الصورة ذاتها بما تحتويه من مادة درامية. مضافا إلى ذلك سوء الترجمة في كثير من الأحيان. بسبب هذه العيوب وغيرها اعتمدت الشعوب خيار الدبلجة. وهو ما لاحظناه عربيا في المسلسلات المكسيكية ثم في المسلسلات التركية وقليلا من أفلام الكرتون. الدبلجة قربت الفن الدرامي من الناس وخففت من عبء القراءة. صار المشاهد يتماهى مع الأحداث. إذا تطورت عربيا سوف تضيف شيئا جديدا سيخدم الفن الدرامي العربي. سقوط حاجز اللغة سيدفع المشاهد العربي إلى مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأجنبية بكثافة. سيرتفع ذوقه وحسه الفني وقدرته على التقييم. عندئذ لن يبقى أسير الرداءة التي تعاني منها كثير من الأعمال العربية. تطور الدبلجة سيشكل تحديا للمنتج العربي. سيوفر له فرص نجاح كبيرة من خلال الدخول في المنافسة مع الأجنبي عبر الجودة وليس عبر سجن اللغة والاحتكار.التحدي اليوم عالميا. الدبلجة صناعة يمكن أن تدر فلوسا كثيرة. إذا تعود المشاهد العربي على متابعة الأعمال الفنية من خلالها لن يعود مرة أخرى إلى خيار الترجمة النصية الهزيل. تتم الدبلجة العربية الآن بثلاث خيارات لغوية. العربية الفصحى كما نشاهد في المسلسلات المكسيكية وبعض الأفلام الوثائقية واللهجة المصرية كما في قليل من أفلام الكرتون وأخيرا الدبلجة بخيار اللهجة السورية كما شاهدنا في المسلسلات التركية. سنشهد في السنوات القليلة صراعا بين هذه الاتجاهات. تجربة السينما درس يجب أن نعيه وندرسه بعناية. من الصعب الآن مشاهدة فيلم سينمائي بلهجة غير اللهجة المصرية. أصبحت اللهجة من أصعب العقبات أمام كثير من العرب لتطوير فن السينما. تكريس لهجة معينة حتى تكون سيدة الصناعة أمر في غاية الخطورة على التطور الفني وعلى مسائل سياسية واقتصادية وثقافية. شاهدت فيلم العراب على قناة ماكس. يعد فيلم العراب من أعظم الأفلام التي أنتجت عبر تاريخ السينما العالمية إذا لم يكن أعظمها. لم أتخيل أن أحدا سيجرؤ ويدبلجه باللهجة السورية. أعمال كلاسيكية بهذا المستوى كان يفترض أن تترجم باللغة العربية وهذا ما توقعته. لم تكن الدبلجة فاشلة بقدر ما هي مثيرة للاستغراب. لماذا اللهجة السورية أو أي لهجة عربية. من الواضح أن المؤسسات السورية الفنية في أوج نشاطها. إذا فرضت توجهها هذا فسوف تصبح اللهجة السورية هي أداة الدبلجة وبالتالي يصبح هذا النشاط حكرا على السوريين. تجربة العرب مع السينما يجب أن تكون درسا. ما نستسهله ونسترخصه الآن سيكون قاسيا بعد عدة سنوات ومكلفا سندفع ثمنه مستقبلا ليس اقتصاديا فحسب بل سنرى نتائجه الفكرية والسياسية والثقافية. المحور المحايد وهو اعتماد اللغة العربية وفرضها على كل فيلم أو مسلسل أجنبي سنعرضه على قنواتنا. يجب إلا نقع في الفخ بفلوسنا.