وافقت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل على شروط كبار ممثلي أحزاب المعارضة في البرلمان الاتحادي لضمان إقرار مشروع المعاهدة المالية الأوروبية قبل بدء العطلة الصيفية للبرلمان بداية الشهر المقبل، وذلك إثر محادثات مضنية على مدى الأسابيع الماضية. وستضمّن المعاهدة الأوروبية تأمين مزيد من الأموال لمساعدة دول منطقة اليورو المتعثرة. ولفت ممثلو الحزب الاشتراكي وحزب الخضر المعارضين بعد انتهاء اجتماعاتهم مع مركل في مقر المستشارية في برلين أول من أمس إلى أن المستشارة اقتنعت أخيراً بوجهة النظر الداعية إلى تخفيف شروط التقشف من أجل تشجيع النمو في أوروبا، كما وافقت على تضمين المشروع بنداً ينص على فرض ضريبة على التحويلات المالية في أوروبا، التي يقدرها خبراء بمئات بلايين اليورو، الأمر الذي كانت ترفضه حكومة مركل رفضاً قاطعاً. وأشارت مصادر في المعارضة إلى أن التمويل الجديد على المستوى الأوروبي سيؤمن للاقتصاد أكثر من 100 بليون يورو خلال السنوات الأربع المقبل. وتعهدت الحكومة أيضاً بالسعي إلى فرض ضريبة على التحويلات المالية في منطقة اليورو، حتى وإن قبلت ذلك تسع دول فقط من أعضاء الاتحاد السبعة والعشرين. وأزال الاتفاق عقبة مهمة من أمام حكومة مركل للتصديق على «المعاهدة المالية» على اعتبار أن ذلك يتطلب موافقة ثلثي نواب البرلمان، ما لم يكن متوافراً من دون نواب المعارضة. كذلك تحتاج الحكومة إلى إقرار المعاهدة في مجلس اتحاد الولايات الألمانية المشكّل من 16 ولاية، وذلك لن يحصل من دون موافقة معظم الولايات التي أصبح يحكمها الحزبان الاشتراكي والخضر. وأتفق على دعوة البرلمان الاتحادي ومجلس اتحاد الولايات إلى الاجتماع في 29 الشهر الجاري لإقرار مشروع المعاهدة المعدل. ويتماشى التعديل، وخصوصاً الشق المتعلق بخفض شروط الإنفاق وتأمين حوافز للنمو في الدول المتعثرة، مع ما طالب به الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل انتخابه رئيساً، وشدّد عليه بوضوح حين زار مركل في برلين عقب تسلمه مهامه الرئاسية، وكان واضحاً أن انتصاره رجّح كفة القادة الأوروبيين الداعمين لهذا التوجه والرافضين لنهج التقشف الحازم الذي فرضته عليهم مركل والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. ويتوقع مراقبون أن تنحو القمة الأوروبية التي ستعقد في 28 و29 الشهر الجاري المنحى ذاته من دون معارضة تُذكر من جانب ألمانيا وبعض حلفائها في اسكندينافيا. وأورد موقع «شبيغل أونلاين» الألماني أن القمة الرباعية، التي كان مقرّراً أن تُعقد في وقت لاحق أمس في روما، ستكون «قمة الثلاثة ضد مركل»، في إشارة إلى الخلافات بين رؤساء حكومات إيطاليا وفرنسا وإسبانيا من جهة، والمستشارة من جهة أخرى. وواضح أن اللاعبين الأربعة الكبار يريدون الاتفاق على إدارة الاختلاف في المواقف وتحديد ما هو مشترك قبل انعقاد القمة التي يُتوقع أن تحسم أموراً كثيرة. ويرى بعضهم أن أدوات اللعبة التي كانت تستخدمها مركل حتى الآن لن تبقى هي ذاتها خلال القمة الأوروبية وبعدها.