رويترز - يطلق أفراد من الشرطة يتمركزون قرب القصر الرئاسي السوري، الذي تم تشييده بالرخام الرمادي على الطراز السوفياتي والمطل على دمشق نيران الأسلحة الآلية ليلاً بينما يقترب مقاتلون من المعارضة من مقر سلطة الرئيس بشار الأسد. ويقول سكان وديبلوماسيون في العاصمة إن مسلحين يحرسون الشقة الفاخرة لضابط استخبارات في مكان مجاور يتابعون حركة المرور القادمة من وراء أسوار خرسانية أقيمت حديثاً وحواجز طرق أصبحت منظراً مألوفاً في الأحياء السكنية. ومع مضي 15 شهراً على قيام الانتفاضة السورية التي أصبحت ممزوجة حالياً بتمرد مسلح على حكم الأسد تمكن مقاتلو المعارضة من اختراق دمشق. وبدأوا يهاجمون معاقل الجيش وقوات الأمن ويخوضون معارك بالأسلحة النارية مع القوات الموالية للأسد مما أجبر الرئيس السوري على تخصيص المزيد من الموارد لحماية دمشق وزاد من احتمال كان مستبعداً في وقت سابق وهو خروج دمشق من تحت سيطرته. ومن الممكن أن تتحول الاضطرابات إلى حرب مدن كاملة مما يفتح جبهة جديدة للقوات التي تعاني ضغطاً أصلا ويزيد من التوترات الطائفية بين السنة والعلويين المتمركزين في جيوب جبلية مطلة على المدينة التي يسكنها ثلاثة ملايين نسمة. ويمثل العلويون بالفعل غالبية ميليشيات «الشبيحة» الموالية للأسد وكذلك الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس. ولم يمنع هذا حركة الاحتجاج التي يقودها السنة من الانتقال إلى العاصمة التي تتمتع بحراسة مشددة حيث تتعرض نقاط التفتيش وخطوط الإمداد التابعة للجيش لهجوم من مقاتلي المعارضة المسلحين بأسلحة خفيفة. ويقول سكان إنه مع حلول الليل أصبحت التظاهرات، التي كان الشبيحة يخمدونها بسهولة، تندلع تحت حماية مقاتلي المعارضة في أماكن ليست بعيدة عن وسط المدينة. وبخلاف المحتجين فإن الشوارع سرعان ما تخلو من المارة وتقيم قوات الأسد حواجز طرق تفصل بين المناطق الرئيسية. وأظهر تسجيل فيديو وضعه نشطاء على موقع «يوتيوب»، ولم يتسن التحقق منه من جهة مستقلة، حشوداً في تجمع مناهض للأسد الاثنين وهم يرقصون ويلوحون بأعلام كبيرة باللونين الأبيض والأخضر تعود إلى عهد ما قبل حزب «البعث» الذي تولى السلطة في البلاد بعد انقلاب عام 1963. وقال ديبلوماسي غربي ما زال موجوداً في المدينة بعدما أغلقت الكثير من السفارات أبوابها «أعتقد أننا نتجه إلى المرحلة التي لن يصبح فيها النظام مسيطراً إلا على غالبية الأجزاء المركزية من دمشق والطريق المؤدي للمطار. ربما يتمكن من مواصلة شن غارات على مناطق أخرى لكن لن يكون له وجود حقيقي هناك». وانتشرت المعارك بالأسلحة النارية من الضواحي التي يجد الجيش صعوبة في السيطرة عليها منذ بداية العام الحالي. ويقول سكان إنهم يسمعون دوي إطلاق الأسلحة النارية يومياً الآن في الأحياء السكنية الشمالية مثل برزة والقابون التي فرت غالبية سكانها وفي منطقة كفر سوسة غرباً التي تضم مقر الاستخبارات والذي يشبه القلعة الحصينة. وقالت لانا، وهي سيدة أعمال تعيش في كفر سوسة مع زوجها وأبنائها الثلاثة، «أصبحت حلقة مفرغة الآن. القوات تطلق النار على المتظاهرين صباحاً ومقاتلو المعارضة يردون بمهاجمة نقاط التفتيش والحافلات ليلاً». وأضافت: «ما من أحد يجرؤ على الخروج والقوات التي تحرس حواجز الطرق أصبحت متوترة للغاية بخاصة ليلاً. أخطأت وقررت العودة سيراً على الأقدام من منزل صديقة لي الساعة العاشرة ليلاً أحد الأيام ولم يكن هناك شخص واحد في الشارع. تمكنت من العودة. هناك آخرون لا يتمكنون من ذلك في بعض الأحيان». وأوردت مثالاً لناشط سلمي عثروا على جثته في صندوق سيارته بالقرب من مجمع أمني في شارع الخطيب وأضافت أن أصدقاءه الذين ذهبوا لتقديم واجب العزاء ضربتهم الشبيحة. لكن مقاتلي المعارضة يردون الهجمات. وهاجم المقاتلون الجمعة حافلات الشبيحة الذين تم إحضارهم لإخماد الاحتجاجات في القابون ما أسفر عن سقوط 20 من أفراد الشبيحة بين قتيل وجريح ودفع قوات الأمن من مجمع استخبارات القوات الجوية المجاور لإطلاق نيران مدافع مضادة للطائرات وقذائف المورتر الثقيلة على المنطقة طبقاً لما قاله نشطاء من المعارضة. وقالوا إن هذه كانت المرة الأولى التي يقصف فيها الجيش دمشق ذاتها لا الضواحي مضيفين أن قوات مدعومة بحاملات الجند المدرعة انتشرت في القابون بعد يومين وقامت بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل. وأظهرت لقطات وضعها نشطاء للمعارضة على موقع «يوتيوب» شاحنات الجيش والجنود وهم يرتدون زي القتال داخل استاد العباسيين لكرة القدم في دمشق والذي أصبح قاعدة للقوات والشبيحة ممن يواجهون أحياء المعارضة مثل جوبر وزملكا وعربين إلى الشرق. وقال ناشط في عربين، التي تتعرض في شكل منتظم لقصف من الجيش مع اشتباك مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية في منطقة زراعية على أطراف العاصمة، «كان الشبيحة يأتون ويطلقون النار على المحتجين في عربين كالذباب. الآن لا يجرؤون على المجيء من دون حماية الجيش». وفي المنطقة القديمة من دمشق التي كان يرتادها السياح قبل الانتفاضة قالت مصادر في المعارضة إن تجار البازارات الذين كانوا منذ زمن طويل داعمين مخلصين للنخبة العلوية الحاكمة بدأوا إضراباً منذ أسبوع.