ألهبت جملة قرارات الحكومة الأردنية برفع الأسعار خياراً وحيداً للخروج من أزمة عجز موازنة الدولة الحاد، حماسة سكان العالم الافتراضي من الأردنيين من أجل إطلاق حملات «فايسبوكية» لمواجهة الأزمة، ما أشعل حراكاً مستعراً على شبكات التواصل الاجتماعي للتحضير لفعاليات احتجاجية مضادة أبرزها الدعوة إلى إضراب عام. وفي الأيام القليلة الماضية انشغل «الفايسبوكيون» بالبحث عن صور يستخدمونها شعاراً لحملاتهم عبر تحفيز الشباب على اعتمادها كصورة ل «البروفايل» بدلاً من الصور التي كانوا يعتمدونها، ولو موقتاً، لإظهار قوة الحملة التي يقودونها واتساعها، علها تجد صدى لدى أصحاب القرار. ويأتي هذا الحراك الإلكتروني، بعدما كسب سكان العالم الافتراضي من «فايسبوك» و «تويتر»، الرهان على أن الشباب العربي ليس غافلاً عن قضاياه، بل استطاع جعل هذا العالم، منصة لإطلاق ثوراته ضد الظلم والفساد. وتتميز دعوات الشباب الإلكترونية، المناهضة لرفع الأسعار، بأنها شبه مقتصرة على فئة معينة من الأعمار، وهم الشباب الأكثر فاعلية في المجتمع، غير أنها في الوقت ذاته تمثل شريحة واسعة من السكان الذين تتألف غالبيتهم من الشباب بالإضافة إلى أنها تعكس مختلف الأطياف والتوجهات السياسية والحزبية. وانطلقت أخيراً حملة «صمتك بكلفك»، وحملة «جيبة المواطن مش بترول الحكومة»، من بين حملات عدة، لحشد أكبر عدد ممكن من «الفايسبوكيين» و «التويتريين»، تخللها أيضاً توحيد صورهم تحت شعار «لا لرفع الأسعار»، وإنشاء مجموعات خاصة يتم عبر صفحاتها التعبير عن الرفض الشعبي للتوجه الحكومي إلى رفع الأسعار وأزمة الغلاء. وتتيح تلك المجموعات التي تخص أشخاصاً من ذوي الفكر والتوجه المشتركين، الفرصة للتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم، والقيام بعصف ذهني مشترك بينهم، للخروج بأفكار مناهضة لسياسات الحكومة. وتوحد المنابر التفاعلية، مطالب «سكان» العالم الافتراضي، فالدعوات إلى عدول الحكومة عن رفع الأسعار على سبيل المثال لا الحصر، أسهمت بخلق صداقات افتراضية وأخرى واقعية بين عدد كبير من الشباب الأردنيين في تلك المنابر. ويفسر الناشط الشبابي الطالب أحمد الطبوش، قضية تكوين صداقات ومجموعات عبر تلك المواقع، بالتزامن مع مرور البلد بأزمات اجتماعية بأن «فايسبوك» يمنح كل من هو مهتم بكل ما يتعلق بالعمل الاجتماعي فرصة ليعزز تواصله مع الآخرين بما يسهم في خدمة وطنه». ويضيف الطبوش أنه برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة إرسال أشخاص طلبات صداقة إلى مواقع أشخاص في العالم الافتراضي لا يعرفونهم من قبل، لكنهم يلمسون لدى بعضهم توافقاً على قضايا مشتركة، لافتاً إلى أن الكثير من تلك الصداقات الافتراضية الجديدة تحولت إلى واقعية على الأرض. «ارتفاع الأسعار... أثبت أن الشباب الأردني واع لقضاياه»، يقول الطبوش، نافياً كل ما يقال عن أن الشباب غائب عن همومه، ومشدداً على أن قضية ارتفاع الأسعار وباعتبارها تمس الجوانب الحياتية، وليست مطلباً سياسياً، وحدت صفوف كثيرين في الأردن، كما طاولت أيضا أردنيين يعيشون في الخارج. ولوح ناشطون شباب أخيراً بتنفيذ إضراب عام، إذا لم تعدل الحكومة عن توجهها إلى رفع الأسعار، وعمدوا إلى تغيير صورهم الشخصية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي واستبدال صورة مكتوب عليها «رفعك للأسعار ما تركلي خيار... إضراب عام» بها. وتأتي هذه الدعوة، إلى تغيير الصور الشخصية، على غرار حملة «جيبة المواطن مش بترول الحكومة» التي أثمرت توحيد صور مشتركين على مواقع التواصل الاجتماعي، على هيئة صورة كاريكاتورية مكتوب عليها «لا لرفع الأسعار». ويعتبر ناشطون يدعون إلى توحيد صورة «الإضراب العام»، أن هذه خطوة بمثابة رسالة للحكومة، بأن هناك حال احتقان «شديدة»، تجتاح الشارع الأردني بمختلف فئاته وأطيافه، جراء قرار رفع الأسعار، لافتين إلى أن الدعوة إلى الإضراب على أرض الواقع، لن تتم مرة واحدة، بل ستتخذ إجراءات مسبقة وتمهيدية. وأشاروا إلى أن الدعوة إلى تغيير الصورة في صفحات «فايسبوك» و «تويتر» جاءت «عفوية» من دون تخطيط مسبق لها، ذاهبين إلى أنها واحدة من ردود الفعل المنددة والمستهجنة لقرار رفع الأسعار. وفي السياق ذاته تحمل الحملة الشعبية «صمتك بكلفك» المناهضة لرفع الأسعار التي لمس أصحابها تقبلاً واسعاً من مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، أبرزها أرباب وربات الأسر، رسالتين، أولاهما موجهة للحكومة وتقول: «حل أزمتكم الاقتصادية التي سببها الفساد وأنتم، لن يكون على حساب جيوبنا وجيوب المواطنين... وعليكم أن تتعقلوا وتعيدوا أموال البلد المنهوبة والشركات المباعة، وفرض الضرائب على المؤسسات الكبيرة وأصحاب المليارات»، فيما تقرأ الرسالة الثانية «زمن الخوف والصمت ولى.. لنقف صفاً واحداً وكلمة واحدة».