أكد الروائي محمد المزيني، الذي اختير أخيراً عضواً في ملتقى الإبداع الخليجي، صعوبة الحياد في اختيار الأسماء المرشحة للمشاركة في ملتقى الإبداع، غير أنه قال في حوار مع «&»، إنه سيبحث بعناية عن الأسماء الجيدة، وأوضح أنه لن يكون للهوى أو الصداقات أي مجال في اختياره للمشاركين، وتطرق إلى برنامج «الصالون السردي» فوصف بداياته بأنها مرتبكة بسبب العوائق التي واجهها البرنامج، وقال إن أصداء روايته الجديدة جيدة، مضيفاً إن بعض الروائيين يتكئون على الإخوانيات في انتشار قراءة أعمالهم، وعلى ما سمّاه ب«الماديات» في إبراز أعمالهم. إلى نص الحوار: انطلاقاً من عضويتك في ملتقى الإبداع الخليجي التي أعلن عنها أخيراً، سيكون في مقدورك ترشيح أدباء وكتاب سعوديين للمشاركة، هل ستنحاز إلى ذائقتك الشخصية وإلى أصدقائك على حساب الآخرين، أم ستكون حيادياً؟ - نعم سنرشح عدداً من المبدعين السعوديين لكل دورة بحسب موضوعها، هذه السنة خصصت للقصيدة الحديثة (التفعيلة - وقصيدة النثر). والحيادية ربما ستكون صعبة المنال إلا أني وسأبحث جاهداً وبعناية عن الشعراء الذين يمثلون هذا الاتجاه بشكل مميز، فهناك ومن بين الكثير من الشعراء العرب ستتمايز الأصوات، لذلك لن يكون للهوى دور مباشر في انتقاء الأكفاء والمجيدين من شعرائنا ولدينا الكثير، وقد يكون لذائقتي إسهامها في اختيارهم، وهي ذائقة صارمة لا تفسح المجال للصداقات أو المعارف بأن تمارس الضغط الذي سينحي المجيدين عن هذا الملتقى، حتى النقاد الذين سيتم ترشيحهم لحضور الملتقى سيكون الحكم هو الفصل في موضوع أبحاثهم ودراساتهم. مضى أكثر من عامين على انطلاقة برنامج «الصالون السردي»، كيف تنظر إليه بعد هذه المدة، وكيف وجدت الكتاب والمشتغلين في السرد؟ - كانت انطلاقة الصالون السردي مرتبكة شيئاً ما بسبب العوائق الفنية التي واجهتنا في البداية، فالبرنامج بدأ بالبركة، فلم يكن ثمة أستوديو خاص بالبرنامج، فكنا نبحث عن المكان اللائق الذي سنصور فيه حلقاتنا، وقد بذلت جهدي من حيث محتوى أو مضمون الحلقات بحيث تكون ذات عمق خاص، وهذا ما ألزمني قراءة نصوص الكتاب الساردين واستخراج الأسئلة منها، وهذا أحرج بعض الكتاب وأربكهم، ولطبيعة الصراحة التي تحلى بها البرنامج فقد اعتذر البعض عن المقابلة. أما بالنسبة إلى الكتاب الذين التقينا بهم ويصل عددهم حتى الآن إلى 50 كاتباً تقريباً ما بين قاص وروائي ومسرحي وناقد فهم مختلفون من حيث الأدوات الإبداعية، بعضهم متمكن منها ويعرف جيداً طبيعة النص الذي ارتكب جناية كتابته، وبعضهم اكتشف المسافة التي تفصله عن جزيرة الإبداع، النقاش الحي معه فتح عينيه على الخلل الذي يعاني منه النص وقد اعترف بعضهم في البرنامج أنه تعجل في كتابة النص، ومع ذلك فكثير من المبدعين لديهم الحافز القوي لتصحيح مسارهم الإبداعي إلا أن التعالي الذي يقابلون به من لدن كبار المبدعين يدفعهم لتعجل النشر. البرنامج جاء مواكباً للاهتمام الروائي والانكباب على كتابة الرواية، لكن هل كانت له رسالة معينة غير استضافة كاتب ليتحدث عن تجربته؟ - نعم الرسالة كما أشرت إليها آنفاً، تكمن في تحري طبيعة النصوص الإبداعية واكتشاف عوالمها ومماهاتها مع الواقع، وكشف ظروف كتابتها، ومناقشة شخوصها واللغة التي كتبت بها، والفضاءات الخلفية أو الجانبية للنصوص الإبداعية، أما النقاد فكانت حوارات الصالون السردي تتركز على ما يشبه المقاربة ما بين النص والنص الموازي، وكيفية تعاطي النقاد مع نصوصنا السردية، وهذا بدوره يعد درساً أو تدريباً عملياً لكل مزمع على الإقدام لخوض التجربة الإبداعية السردية. ما التحديات التي واجهت برنامجك؟ - ذكرت لك بعضاً منها، ولكن أهمها في الإمكانات الضعيفة التي تقدمها القناة للبرنامج، فلم يقدر بحجم الجهد والتعب في الإعداد له، على رغم محاولة مدير القناة محمد الماضي لتلافي بعض المشكلات والصعوبات التي تواجهنا إلا أنه كما يقال ليس بالإمكان أفضل مما كان، فإذا ما علمتم أننا لا نزال نعاني من مشكلة الحيز أو المكان لتسجيل الحلقات فستقدرون حجم مأساة البرنامج، فحجز الأستوديو المتواضع الذي تسجل فيه عدد من البرامج يحتاج إلى وقت كافٍ لا يقل عن أسبوع، مما يضطرني لاستمهال الكتاب ريثما يتوفر المكان، بعضهم يعتذر لهذا السبب، هذا على اعتبار أني المعد والمنسق والمقدم للبرنامج، وقد يتساءل البعض عن سبب اصطباري على كل هذه المعاناة وأجيب، كنت في البداية قد التزمت مع القناة وتحديداً مديرها الذي لم يقابلني إلا بكل أدب جم، وتقديراً له وحبي لهذا العمل، وأملي في تحسين وضع البرنامج، أبقاني ملتزماً في تقديمه حتى اللحظة. كيف ترى تلقي روايتك «الطقاقة بخيتة»، وهل يختلف عن تلقي روايتك السابقة؟ - الحمد لله أصداء الرواية جيدة، كتب عنها العديد من الدراسات ودخلت حيز البحث أيضاً، إلا أن هذا لا يعني المؤشر الحقيقي لنجاح العمل، فقد يكون للتوصيات الشخصية دوره في التعاطي معه نقدياً كما يفعل بعض الروائيين الذين يتكئون على الإخوانيات أو الماديات في إبراز أعمالهم، فالمؤشر الأجمل هو تقبل القراء للعمل، القراء الذين لا تعرفهم، وهم يعرفونك من خلال نصوصك، كلماتهم البسيطة المشبعة بالإعجاب، أو حتى الإطراء هي الرصيد الحقيقي لأي كاتب، ولا أعني القراء الذين يختلقهم الكاتب بأسماء وهمية، فقد تعودت ألا ألاحق كل ما يكتب حول أعمالي، ولا ألاحق الناس بها عبر «تويتر» أو «فيسبوك» إلا ما يصدر حولها من قراءات أو دراسات رصينة وصادقة في نقدها له حتى لو كانت مجحفة. ربما تصلني من بعض الأصدقاء روابط لمقالات كتبت حول عمل من الأعمال فأستكره ترويجها. وقد تعجب أنني أكره العبارات المبالغ فيها في إطراء أي نص من نصوصي. هل المشهد الروائي ما زال يغري بالمتابعة؟ - نعم، اليوم المشهد الروائي مغرٍ تماماً بالمتابعة بسبب الربيع العربي وما يأتي بعده من فصول ساخنة، وإن زاحمت الكتب السياسية والفكرية فضاء الرواية واقتصت حصتها من القراء، إلا أنهم لا يزالون متشبثين بالرواية كعالم يفضي إلى كل المعارف من فلسفة وفكر وسياسة. كيف ترى أداء جمعية الثقافة والفنون، كونك تعمل في قسمها الإعلامي؟ - شهادتي في جمعية الثقافة والفنون مجروحة كوني أعمل فيها، ما أستطيع قوله الآن هو أن ثمة رجال ينافحون بجد للخروج من كل الأزمات التي تعاني منها، وعلى رأسهم المدير العام للجمعية عبدالعزيز السماعيل، فمن أبرز معوقات الجمعية: المجتمع السعودي وقابليته للفن الممسوخ تحت أدوات طرق وتعدين مختلفة، كيف نعيد ثقافة الفن للناس؟ ونغرس حبه في قلوبهم هذا يحتاج إلى وقت طويل، ثانياً ضعف إمكانات الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مقارنة بالأندية الأدبية التي منحت مكرمة ملكية تقدر بعشرة ملايين لكل فرع، بينما الجمعية تمارس أدوراً متنوعة ومثرية لذائقة الناس، كالفن التشكيلي والمسرح والتصوير الضوئي والتراث الشعبي، حتى لجأت بعض الأندية الأدبية لسلخ بعض مهمات جمعية الثقافة والفنون وتقديمها ضمن أنشطتها، كدورات المسرح والتصوير الضوئي، فجمعية الثقافة والفنون مأكولة مذمومة، فهي التي تحيي الأعياد والمناسبات في كل المناطق، كما أنها تمثل الدولة في كل المحافل الدولية من خلال أنشطتها ومهماتها المتنوعة المعدة بعناية محكمة، فهي تعرف ماذا ستقدم خلال سنة كاملة والمصروفات التي ستدفع من أجلها. اليوم الجمعية في سباق مع الزمن لتوفير مبانٍ مستقلة بها غير تلك المباني المستأجرة المتهالكة، والسؤال هنا: ألا تستحق بعد هذا كله الدعم اللائق بها وإعادة الاعتبار إليها؟