أ ف ب، رويترز - دان مجلس الأمن الأحد «بأشد العبارات الممكنة» الحكومةَ السورية على ارتكاب مجزرة الحولة التي سقط فيها 108 قتلى، وتبادلت الحكومة والمعارضون الاتهامات بالمسؤولية عنها، فيما حمّلت موسكو «الطرفين» النظام والمعارضة مسؤولية المجزرة. وأشارت الدول ال15 الاعضاء في مجلس الأمن، وبينها روسيا حليفة دمشق، في بيان رئاسي مساء أول من أمس، الى ان الهجمات «تضمنت سلسلة غارات من الدبابات والمدفعية الحكومية ضد حي سكني»، وذلك في اعلان تمَّ تبنيه بالإجماع. واعتبر البيان أن «هذا الاستخدام الفاضح للقوة ضد المدنيين ينتهك القوانين الدولية والتزامات الحكومة السورية». وطلب المجلس من الحكومة السورية «الكف فوراً عن استخدام الاسلحة الثقيلة» في المدن السورية المتمردة، و «سحب قواتها وأسلحتها الثقيلة فوراً» من المدن لإعادتها الى الثكنات، تطبيقاً لخطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي أنان. وجدد الإعلان الصادر عن مجلس الأمن «التأكيد على ان كل أشكال العنف الممارسة من الاطراف كافة يجب ان تتوقف»، مضيفاً «المسؤولون عن اعمال العنف يجب ان يعاقبوا». وكررت الدول ال15 الاعضاء دعمها لجهود الوسيط كوفي انان وطالبته بنقل مطالب المجلس «بأوضح العبارات» الى الحكومة السورية. ومن المفترض ان يقدم أنان، الذي وصل أمس الى دمشق، تقريراً جديداً عن وساطته الأربعاء الى مجلس الامن، على ان تعقد الدول الاعضاء في مجلس الامن اليوم (الثلثاء) مشاورات بخصوص الشأن السوري. وكان اعضاء المجلس استمعوا في وقت سابق الى تقرير قدمه عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سورية الجنرال النروجي روبرت مود. ونقل مسؤولون في الاممالمتحدة عن المراقبين الدوليين، أن 108 اشخاص على الأقل قتلوا في الحولة بينهم 49 طفلاً وسبع نساء، اضافة الى حوالى 300 جريح. وسقط الضحايا خصوصاً بشظايا قنابل او تمت تصفيتهم «عن مسافة قريبة». وأفاد مصدر في الاممالمتحدة عن حصول قصف مدفعي على الحولة، التي هاجمها عناصر مسلحون، وفق المصدر. وفي تصريحات علنية، وصف مود عمليات القتل تلك بأنها «تعبير مأسوي للغاية» عن الوضع في سورية، لكنه أحجم عن إلقاء اللوم على طرف بعينه. وقال مود في تصريح لهيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) عبر الهاتف الأحد: «بالنسبة لي، فقد نشرت دوريات على الأرض طوال اليوم (الأحد) وبعد ظهر امس (السبت)، ونقوم بجمع الحقائق على الأرض ثم نستخلص استنتاجاتنا». ورحب السفير البريطاني في الاممالمتحدة مارك ليال غرانت، ب «الرد الحازم والموحد» من مجلس الامن على «الفظائع» التي يرتكبها النظام السوري، وقال للصحافيين: «في الأيام المقبلة، سيجتمع المجلس مجدداً لإجراء مناقشة أكثر تفصيلاً بشأن التدابير المقبلة الواجب اتخاذها». ووصف غرانت مجزرة الحولة بأنها «عمل وحشي ارتكبته الحكومة السورية». وقال الممثل الدائم المساعد لفرنسا في الأممالمتحدة مارتن بريان: «مع هذه الجريمة الجديدة، يُغرق النظام القاتل لبشار الأسد سورية بمزيد من الرعب ويهدد الاستقرار الاقليمي». وأضاف ان «النظام السوري لا يمكن ان يستمر لوقت اطول في انتهاك واجباته الا اذا كان يخاطر بإنهاء خطة انان». وكانت بريطانيا وفرنسا تقدمتا في البداية باقتراح أكثر حزماً، الا ان روسيا أعاقت اقرار البيان، مشككة بمسؤولية القوات السورية، وطلبت الاستماع اولاً لتقرير الجنرال مود امام مجلس الامن. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام محادثات مع نظيره البريطاني وليام هيغ أمس، أن «الطرفين» الجيش السوري والمعارضة ضالعان في مجزرة الحولة، ودعا الغرب الى وقف العمل على إسقاط النظام السوري، وقال: «نحن في وضع يبدو ان الطرفين شاركا فيه»، مشيراً إلى وجود آثار إطلاق نار عن مسافة قريبة على الجثث، الى جانب الإصابات بالقصف المدفعي. وكان ألكسندر بانكين نائب السفير الروسي لدى الأممالمتحدة، أعلن مساء أول من أمس أن موسكو لديها شكوك في ما يتردد عن وقوف الحكومة السورية وراء المذبحة، مضيفاً أن الكثير من الضحايا قتلوا فيما يبدو بالسكاكين او برصاص أطلق عليهم من مدى قريب. وقال بانكين إن مود «لم يربط بشكل مباشر بين قصف (الجيش) وأعداد القتلى»، وأضاف أن المراقبين «شاهدوا جثث القتلى وتأكدوا من فحص للذخيرة ان قذائف مدفعية ودبابات أطلقت على حي سكني». وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، أشار في رسالة موجهة الاحد الى مجلس الامن، الى ان هذه المجزرة زادت من حساسية مهمة بعثة المراقبين الدوليين الموجودين في سورية. ولفت بان الى ان «مراقبي الاممالمتحدة يواجهون المزيد من الاتهامات بعدم النجاح في وقف العنف، وفي بعض الحالات يتم الإلقاء باللائمة عليهم بسبب ارتفاع حدة هذا العنف». وتحدث عن «سوء فهم لدورهم». وخلص الى التأكيد على ان المراقبين «في حالة خطرة، سواء لجهة قدرتهم على القيام بعمليات او لناحية أمنهم الشخصي». وتنفي السلطات السورية مسؤوليتها عن المجزرة، التي اثارت موجة استنكار دولية وأدت الى إضعاف خطة انان. وانتقد السفير السوري لدى الاممالمتحدة بشار الجعفري ما وصفه بعاصفة الأكاذيب، وأكد نفي مسؤولية حكومته، قائلاً إن هذه المذبحة ارتكبتها «جماعات ارهابية مسلحة»، ورفض أيضاً «تسونامي الأكاذيب» لسفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الذين أنحوا باللائمة على الحكومة السورية في هذه المذبحة. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، نفى أول من أمس مسؤولية السلطات السورية عن مجزرة الحولة، وقال إنه «ليس من سمات الجيش السوري قتل نساء وأطفال ورجال طاعنين في السن بالرصاص». ويقول نشطاء معارضون إن قوات نظام الرئيس بشار الأسد قصفت الحولة بعد احتجاجات، ثم اندلعت مناوشات بين القوات ومقاتلين معارضين.