أ ف ب - يستحيل تحديد أين ستبدأ الكارئة الصحية العالمية المقبلة ومتى وكيف، الا انه يمكن التوقع بشكل شبه أكيد أن العامل المعدي سيكون حيواني المصدر وسيعم المدن الكبرى! وأوضح جان فرنسوا غيغان من المعهد الفرنسي لأبحاث التنمية (اي ار دي) خلال ندوة نظمت مساء أول من أمس في باريس، حول «التهديدات الجديدة للأمراض المعدية الناشئة»، أن «العوامل البشرية المعدية تأتي خصوصاً من الحيوان». وجاء في بحث صدر في 2007، أن ثمة 1417 عاملاً معدياً للإنسان من فيروسات وبريونات وبكتيريا وطفيليات وكائنات أولية، أكثر من نصفها مصدره حيواني (من 52 الى 63 في المئة). ويؤكد غيغان أن التاريخ الحديث يُظهر أن الحيوانات تنقُل العدوى الى البشر أكثر وأكثر، إذ أن 70 في المئة من أصل 177 عاملاً ظهرت في السنوات الأربعين الأخيرة، أتت من طريق حيوانات في غالبيتها من الثدييات. فالحافريات وهي فئة واسعة تشمل الأبقار والجياد والخنازير، تعتبر «المزود الرئيس للعوامل المعدية متقدمة على الحيوانات اللاحمة والقاضمة والطيور»، كما يُلفت غيغان. ويشير الى أن فئة الرئيسات القريبة جينياً من البشر وهي ناقلة محتملة للعدوى، «لم تكن ناقلة كبيرة للأمراض الى البشر مع بعض الاستثناءات، لأن انتقال العدوى مرتبط قبل كل شيء بتواتر الاتصال بين الطرفين»، كما يقول. ومعروف عن الوطواط انه ينقل عدوى فيروس ايبولا (الحمى النزفية) والكَلَب، لكنها تشكل أيضاً خزاناً لفيروس يحتمل أن يكون خطراً على الإنسان مع اكتشاف فئة من الفيروسات لدى هذه الحيوانات مسؤولة عن الحصبة والنكاف (ابو كعيب). ويرى أرنو فونتانيه من معهد باستور أن الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، هو مثال واضح جداً على ذلك. وخزان فيروس سارس موجود في الوطواط أيضاً. وانتقل الى البشر بفضل حيوان لاحم صغير هو سنور الزباد. وحصيلة ضحايا سارس «محصورة « ب 774 حالة وفاة في 2002 و2003 سجلت خصوصاً في جنوب شرقي آسيا. ويوضح فونتانيه: «لقد كنا محظوظين لأن العامل لم يكن معدياً جداً». إلا أن فيروسات أو بكتيريا أخرى لن توفر هذه الفرصة. وتظهر التجارب الأخيرة انه يستحيل توقع كارثة صحية بسبب تعدد العوامل، كما تقول سيلفي بريان مديرة البرنامح العالمي لمحكافحة الإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية. وتوضح بريان أن الجميع كان يتوقع أن تأتي الكارثة الصحية الأخيرة من آسيا وأن يكون فيروس «اتش 5 أن 1» اي انفلونزا الطيور، الا أن فيروس «اتش 1 ان 1» أتانا من القارة الأميركية. وتفيد بأن عمليات النقل الدولية والتجمعات الرياضية أو الدينية الكبيرة وخصوصاً تطور المدن وتوسعها، هي عوامل تسهل انتشار الكارثة. ويقول تييري بينو من المعهد الوطني للبحث الزراعي ان «العامل الممرض في اميركا الجنوبية يحتاج الى ثماني ساعات للوصول الى فرنسا وهو وقت الرحلة الجوية». ومنذ 2007 يعيش اكثر من 50 في المئة من سكان العالم في المدن وهو وضع لا سابق له من الناحية الصحية، على ما يوضح جيرار سالم من جامعة باري-نانتير (باري 5). ويضيف: «قوة انتشار العوامل الممرضة وسرعتها في المدن الكبيرة أرغمتانا على إعادة درس أمراض كنا نظن أننا نعرفها جيداً مثل الحصبة والسل، مع حملات تحصين مبكرة».