اعتبر اقتصاديون أن زيادة معدلات المخاطرة في القنوات الاستثمارية، والبيروقراطية في الأجهزة الحكومية المانحة للتراخيص الاستثمارية، سببان رئيسان لزيادة الودائع لدى المصارف السعودية، التي اقتربت من 1.5 تريليون ريال في نهاية الربع الأول من العام الحالي، مشيرين إلى أن المخاطرة والبيروقراطية يشكّلان هاجساً وتخوفاً لدى المستثمرين السعوديين، خصوصاً الصغار منهم. وأوضحوا في حديثهم ل«الحياة» أن زيادة حجم المخاطرة في استثمار الأموال لا تتوقف على البيروقراطية، بل تشمل عدم وجود الوعي الاستثماري الكافي، والرغبة في الاستثمار في قنوات الاستثمار ذات المرود السريع والمرتفع، علاوة على عدم وجود رؤوس الأموال الكافية لدى الفرد لاستثمارها في مشروع تجاري، إضافة إلى غياب مفاهيم الدخول مع شركاء وتكوين شركات لاستثمار رؤوس الأموال. وقال الخبير الاقتصادي رئيس مركز الدراسات الاقتصادية في جدة الدكتور خالد الحارثي: «إن العائد من الاستثمار هو المقياس الحقيقي والأساسي لتوزيع المحافظ الاستثمارية للفرد، سواء كان نقداً أم أصولاً عقارية أم استثمارات تجارية، وبناء على هذه المعطيات فإن ارتفاع حجم الودائع في المصارف التجارية يكون سببه ارتفاع حجم المخاطرة». وأضاف: «ارتفاع معدلات المخاطرة في الغالب يعود إلى سببين، أحدهما متعلق بالأحداث السياسية، والآخر ببيروقراطية الأجهزة المانحة لتراخيص الاستثمار»، مشيراً إلى أن عراقيل استخراج التراخيص تسهم في شكل كبير في عدم إقبال الكثيرين على إقامة المشاريع، وتفضيل إيداع أموالهم في المصارف. وتابع الحارثي قائلاً: «لدينا العديد من العراقيل في ما يتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة لبدء عمل تجاري استثماري، تتلخص في طول تلك الإجراءات من استخراج التراخيص والسجلات التجارية اللازمة لعقود التأسيس، إضافة إلى عدم وجود عمالة وصعوبات الاستقدام، وتلك الإشكالات التي تتعلق ببدء الأعمال الاستثمارية تجعل البيئة الاستثمارية لدينا طاردة لرؤوس الأموال وليست جاذبة». وبحسب الحارثي فإن المشكلات في عمليات الاستثمار لا تتعلق بالجهات المانحة للتراخيص، بل إن هناك إشكالات تتعلق بالفكر الاستثماري لدى السعوديين «إن انعدام ثقافة بناء الشركات والشراكات بين الأفراد والاعتماد على فكر المؤسسات للفرد أسهم في عدم قدرة الكثيرين على الاستثمار في القنوات الاستثمارية الموجودة، بسبب ضعف رؤوس أموالهم». وشدد في هذا الخصوص على أهمية تعزيز الوعي الاستثماري، لاسيما أن بناء شركات سيسهم في دخول السيولة للسوق السعودية ويدعم الاقتصاد ويرفع نسب مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي. من جهته، رأى المحاضر في كلية الاقتصاد في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، أن عدم وجود قنوات استثمارية عدة في مجالات مختلفة أسهم في عدم إقبال السعوديين على استثمار أموالهم وإبقائها في المصارف. ولفت إلى أن «القنوات الاستثمارية لدينا في السعودية تعتمد على سوق العقار أو سوق الأسهم، وكلتاهما لا يمكن لغالبية السعوديين الاستثمار فيهما لارتفاع معدلات المخاطرة، خصوصاً سوق الأسهم». ورأى أن الدخول للاستثمار في سوق الأسهم أصبح من الخيارات المستبعدة لغالبية السعوديين بعد انهيارها في العام 2006، لاسيما أن الغالبية منهم يطمحون من خلال استثماراتهم تلك إلى ربح سريع وبمعدلات مرتفعة. وزاد: «أما في ما يتعلق باستثمار الأموال في سوق العقار السعودية، فإن العقارات في المملكة تعاني من تضخم وارتفاع في أسعارها، ما أسهم في عدم قدرة الكثيرين على الاستثمار فيها وتخوفهم منها، إذ إن الاستثمار في سوق العقارات يتطلب أموالاً كبيرة، وهو ما لا يتوافر لدى الغالبية». أما الأمين العام للجنة التوعية المصرفية في المصارف السعودية طلعت حافظ، فأوضح أن غالبية الودائع في المصارف السعودية والتي بلغت 1.473 تريليون بنهاية الربع الأول من العام الحالي 2014 هي ودائع تحت الطلب لشركات ومؤسسات وأفراد وبعض الهيئات الحكومية. وذكر في حديثه ل«الحياة» أن الودائع الادخارية في المصارف السعودية تقدر ب348 بليون ريال، «ويمكن القول إن الغالبية العظمى من الودائع لدى المصارف السعودية هي ودائع تحت الطلب (حسابات جارية) وليست ودائع ادخارية.