توقع رجال دين في النجف ظهور قوة ثالثة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، تضم الشخصيات الليبرالية والعلمانية الى جانب القوى الإسلامية التقليدية التي اكتسحت الانتخابات في الدورات السابقة، والتحالف الكردستاني، فيما اكد رجل الدين والقيادي في المجلس الإسلامي الأعلى السيد صادق البكاء ان تطلعات رجال الدين السياسية مشروعة. وقال ل «الحياة» ان «الانتخابات المقبلة في العراق يتوقع ان تشهد تغيراً استراتيجياً في اختيار الجماهير لممثليهم في البرلمان». وأضاف البكاء: «انتخابات مجالس المحافظات رسمت صورة مستقبلية للانتخابات البرلمانية من جراء تكبد الإسلامين خسارة كبيرة في عقر دارهم مثل مدينة كربلاء، عندما اختارت الجماهير شخصية علمانية قومية على حساب الإسلامين بفوز يوسف الحبوبي بأعلى نسبة من الأصوات». وأشار الى ان «سوء استخدام رجال الدين السياسين للسلطة القى بظلاله على النظرة السلبية للجماهير لرجال الدين من خلال صعودهم الى السلطة، وهذا ما كنا نبهنا عنه في حوزة النجف، بضرورة ابتعاد رجال الدين عن تسلم مناصب في الدولة في هذه المرحلة». لكن نجل المرجع الشيعي آية الله الشيخ بشير النجفي، أحد المراجع الأربعة الرئيسين في النجف الشيخ علي النجفي، توقع ان لا يتخلى الشارع العراقي عن هويته الإسلامية في الانتخابات المقبلة». وأضاف النجفي في تصريح الى «الحياة» «نحن ندعو دوماً الى اختيار الكفاءات في المناصب القيادية في الدولة العراقية مهما كانت انتماءاتهم»، مشيراً الى ان «المرجعية الدينية لا تتدخل في الانتخابات المقبلة ولن تنحاز الى أية جهة وستترك الخيار للشعب العراقي»، مشدداً على ان «الشعب العراقي شعب مسلم ولا يمكنه ترك هويته وانتمائه». الى ذلك اعتبر امام جمعة النجف السيد صدر الدين القبانجي ان «المرجعية الدينية ورجل الدين لم يكن لهما القدرة في التأثير في المسارات كما هي قدرتهما اليوم، مشيراً إلى «أنهما أصبحا يتكلمان في السياسة ولديهما تطلعات مشروعة». وأضاف القبانجي خلال استقباله عدداً من رجال الدين من محافظتي ميسان وبابل إن «قدرة المرجعية الدينية في التأثير أصبحت أكثر من السابق، مبيناً إن تطلعات رجال الدين السياسية «مشروعة». وأعرب القبانجي، وهو قيادي في المجلس الأعلى الإسلامي الذي يقوده السيد عبد العزيز الحكيم، عن اعتقاده أن «التحول العظيم الذي حدث في العراق هو باتجاه حرية حركة رجال الدين والحوزة الدينية»، مبيناً أن «دورنا يتمثل بأن نحمل رسالة الإسلام ونحفظها إلى الأجيال المقبلة». وعزا سبب ابتعاد الناس عن شخصية رجل الدين إلى «الحرب الموجهة ضد الإسلام في الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى وأماكن الترفيه والمجون». أما مدير مركز السيدة الزهراء في النجف للدراسات والبحوث الشيخ صالح مرتضى فعزا سبب توقعه تفوق العلمانين في الانتخابات المقبلة الى الانتكاسة التي أصابت الإسلام السياسي في العراق وإيران هذه الفترة. وقال مرتضى في تصريح الى «الحياة» ان «الإسلاميين الذين خرجوا من الصف الشيعي منذ انطلاق الثورة الإيرانية بزعامة الإمام الخميني عام 1979 ودمجوا الدين مع السياسة سببوا ضربات موجعه الى المذهب الشيعي «، وأضاف ان « خط المرجعية التقليدية الشيعية منذ الإمام الطوسي والحلي وإلى مدرسة الإمامين الخوئي والسيستاني اليوم، يدعون الى فصل الدين عن السياسة ويحذرون من تبوؤ رجال الدين مناصب عليا في الدولة، وإن اخفقوا سيكون الدين مذموماً ورجاله كذلك». وأشار الى ان «استبيانات اجرتها مؤسستنا شملت نحو ألف شخص من كل الطبقات الاجتماعية في النجف اظهرت ان الاستياء من حظوة رجال الدين تزايد بعد انتخابات المحافظات الأخيرة، نتيجة اخفاق هؤلاء في ادارة الدولة في العراق وإيران والفقر المدقع الذي يعيشه الشعبان فيما بلداهم يملكان الخيرات»، لافتاً الى ان «الاضطرابات الإيرانية الأخيرة نتيجة الانتخابات في البلاد كان لها التأثير المباشر في الشارع العراقي لزعزعة الثقة برجل الدين».