بقي لبنان حتى مساء أمس على خط التنافس بين الولاياتالمتحدةوإيران، إذ واصل وفدا البلدين لقاءاتهما التي تقاطعت عند المسؤولين الرسميين وتوازت لدى القوى السياسية، فيما توزع الاهتمام الداخلي على اتجاهين أيضاً، الأول الإضراب العام الذي كان الالتزام به جزئياً، والثاني رفع سقف الإنفاق الذي كان على جدول أعمال جلسة لمجلس الوزراء لم تنعقد بعدما اقترح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأجيلها. وكانت جلسة أول من أمس شهدت سجالاً حول رسالة سورية نقلت انزعاج مسؤول سوري كبير من مواقف الحكومة اللبنانية وفي شأن الباخرة التي ضبطها الجيش اللبناني وتحوي أسلحة. وأكد النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة اللبنانية بعد توقيعهما اتفاقات في السراي الكبيرة، عزم بلاده على «تمتين حكومة نجيب ميقاتي وتقويتها»، معتبراً «أن الديموقراطية والحرية في لبنان قل نظيرهما في المنطقة»، ومتمنياً «أن تقتدي بقية الدول به». ودان رحيمي «التدخلات الخارجية بالشأن السوري»، داعياً الى «إتاحة المجال أمام الرئيس السوري (بشار الأسد) لكي يتحدث مع شعبه ومع المعارضين ليصلوا الى طريق الحل السياسي المناسب الذي يؤدي في نهاية المطاف الى تشكيل حكومة سورية قادرة وتقوم بالإصلاحات السياسية المطلوبة». وكان رحيمي الموجود في لبنان برفقة وفد وزاري ونيابي كبير، واصل لقاءاته السياسية أمس على هامش اجتماعات اللجنة العليا المشتركة اللبنانية - الإيرانية. فقابل رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسلمه، وفق بيان للقصر الرئاسي، رسالة خطية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تضمنت دعوة الى مؤتمر دول عدم الانحياز الذي ينعقد في طهران. وأكد رحيمي لسليمان «التزام إيران الكامل دعم لبنان وعقد اتفاقات تعاون بين البلدين». وأكد ميقاتي من جانبه رداً على سؤال عن تزامن زيارة رحيمي لبنان مع زيارتين لمسؤولين اميركيين (جيفري فيلتمان وجوزيف ليبرمان)، أن التزامن «محض صدفة... المصلحة اللبنانية العليا تقتضي أن نكون على علاقة جيدة وممتازة مع جميع الأطراف من دون استثناء». ولفت ميقاتي الى أن التعاون الإيراني - اللبناني «مبني على أساس معرفة كل بلد لخصوصية البلد الآخر، وأقدر للجانب الإيراني معرفته تماماً بالخصوصية اللبنانية في هذه الظروف بالذات». ورأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، خلال غداء أقامه على شرف الوفد الإيراني، أن زيارة رحيمي «فرصة للمكاشفة والمصارحة على مستوى المنطقة... والاعتراف بأن إيران شكلت كسباً للنظام العربي ولقضاياه العادلة... وأنها لا تصدّر ثقافة مذهبية بل ثقافة إسلامية... لا تريد ولا تسعى ولا من مصلحتها إيجاد خصوصية شيعية في نظام المنطقة». على خط مواز، تابع نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان لقاءاته لليوم الثالث، ونقل الى سليمان «دعم الولاياتالمتحدة لاستقلال لبنان وسيادته واستقراره». وأوضح بيان للقصر الجمهوري أن سليمان «شدد على أهمية المساعدة في جعل لبنان مركزاً لحوار الأديان والثقافات والحضارات». والتقى فيلتمان مساء ميقاتي بعد أن كان اجتمع نهاراً مع رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة والمطران الياس عودة. وكان لافتاً أن فيلتمان لم يدل بأي تصريح أو بيان عن لقاءاته. وعلمت «الحياة» أن فيلتمان ذكر خلال اجتماعاته في بيروت بضرورة تسديد لبنان حصته من موازنة المحكمة الخاصة بلبنان عن عام 2012. وفيما التقى رحيمي قيادة «حزب الله» وأكد لها استعداد إيران لمساعدة لبنان على كل الأصعدة وفق بيان للحزب، اولم عضو «قوى 14 آذار» النائب بطرس حرب لفيلتمان في حضور نواب. وذكرت معلومات ان الديبلوماسي الأميركي اكد للحضور ان النظام السوري «في حال انهيار». في غضون ذلك، رد السفير االسعودي لدى لبنان علي بن عواض عسيري على التصريحات التي ادلى بها السفير السوري لدى لبنان علي عبدالكريم علي، واتهم فيها المملكة ودولاً خليجية بالوقوف وراءها. واستغرب في بيان، تصريح علي، مؤكداً أنه «يوزع التهم جزافاً ويفتقر الى الأدلة والبراهين»، ومعتبراً أن التصريح يأتي «في سياق سياسة الهروب التي تمارسها الحكومة السورية في محاولة يائسة لحرف الانتباه عن حقيقة ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق». ولفت الى أن «المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، دأبت على تقديم المساعدات الانسانية من دون غايات سياسية»، متمنياً «ألا يكون علي تعمّد الإدلاء بتصريحه من منبر وزارة الخارجية اللبنانية، بهدف الإيهام بأن تصريحه يتم بالتنسيق مع المسؤولين فيها». من جهة أخرى، هنأت كتلة «المستقبل» النيابية القوى الأمنية على «إنجاز ضبط باخرة السلاح، «وأملت بأن تكون هذه الخطوة «دافعاً لخطوات أخرى لضبط كل أنواع الأسلحة التي يمكن أن تهرب عبر السفن أو المعابر اللبنانية إلى داخل لبنان».