كابول - رويترز، أ ف ب – في الذكرى السنوية الأولى لقتل وحدة كوماندوس أميركية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، نفذ الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة خاطفة غير مقررة لأفغانستان ليل الثلثاء - الأربعاء لتوقيع اتفاق استراتيجي مع كابول لحظ إمكان بقاء جنود من قوات بلاده في أفغانستان بعد الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية القتالية نهاية 2014. ووجه أوباما رسالة في سنة الانتخابات الأميركية تفيد بأن «النهاية وشيكة» لدور الولاياتالمتحدة في الحرب الأفغانية والذي استمر «أكثر من عقد»، لكنها لن تتخلى عن هذا البلد، فيما ردت حركة «طالبان» بعد ساعات قليلة من زيارته بتفجير أحد انتحارييها سيارة مفخخة أمام نزل يؤوي موظفين أجانب في كابول ما أسفر عن سقوط 7 قتلى، ثم بإعلان إطلاق حملة «هجمات الربيع» بدءاً من اليوم ضد قوات الحلف الأطلسي (ناتو) وحلفائها. وحطت طائرة الرئيس الأميركي في قاعدة بغرام العسكرية التي تبعد 50 كيلومتراً من كابول، ثم توجه على متن مروحية إلى القصر الرئاسي في كابول، حيث وقع مع كارزاي اتفاق شراكة يمتد خلال الأعوام العشرة التي تلي انسحاب القوات القتالية الأميركية بحلول 2014. ووصف أوباما الذي زار أفغانستان للمرة الثالثة منذ توليه الحكم في كانون الثاني (يناير) 2009، المناسبة بأنها «لحظة تاريخية بالنسبة إلى بلدينا»، مشيداً بتضحيات الأميركيين والأفغان خلال الأعوام العشرة الأخيرة وتكبدهم «تكاليف هائلة». وفيما اعترف بأن «الأيام الصعبة ستتواصل في أفغانستان لأن المعركة لم تنته»، أمل أوباما بمستقبل سلام مع توقيع الشراكة الاستراتيجية التي تؤكد توافقنا على المدى الطويل»، علماً أن الاتفاق يتطلب مصادقة برلماني البلدين. أما كارزاي فاعتبر أن الاتفاق مع الولاياتالمتحدة «لا يهدد أي دولة ثالثة أو دول مجاورة، ونأمل بأن يؤدي إلى إرساء الاستقرار والازدهار والتنمية في المنطقة». وبعد توقيع الاتفاق خاطب أوباما الأميركيين من أفغانستان قائلاً: «تقدمنا أكثر من عقد في ظل السحب السوداء للحرب. ولكن هنا، في الظلمة التي تسبق الفجر في أفغانستان، نلاحظ بارقة يوم جديد تلوح في الأفق بعد طرد القاعدة من أفغانستان وإضعاف صفوفها القاعدة قبل أن ننجح في معاقبة بن لادن». وأشار إلى أن «الحرب في العراق انتهت» بانسحاب آخر جندي أميركي من هذا البلد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعد نحو تسع سنوات من الغزو في آذار (مارس) 2003. وأضاف: «تقلص عدد جنودنا المعرضين للخطر إلى النصف، وسيعود مزيد منهم قريباً إلى ديارهم. نعرف تماماً كيف ننجز مهمتنا في أفغانستان، وتطبيق العدالة في حق القاعدة في الوقت ذاته»، معتبراً أن «فترة الحرب بدأت في أفغانستان، حيث ستنتهي أيضاً». وفي واشنطن، أوضح البيت الأبيض أن الاتفاق الاستراتيجي الذي وقع قبل ثلاثة أسابيع من انعقاد قمة الحلف الأطلسي في شيكاغو، لا يلحظ إنشاء قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان، لكنه يلزم هذا البلد منح تسهيلات للقوات الأميركية حتى 2014 وبعده، مع إمكان بقاء قوات أميركية إلى ما بعد 2014 من أجل تدريب القوات الأفغانية واستهداف باقي عناصر تنظيم القاعدة». وأشار البيت الأبيض إلى أن «الولاياتالمتحدة ستعتبر أفغانستان حليفاً رئيسياً غير عضو في الحلف الأطلسي»، وهو امتياز سبق أن نالته بلدان مثل اليابان والأردن ومصر. لكن الاتفاق لا يلزم الولاياتالمتحدة بعدد جنود أو مستوى تمويل في المستقبل. وتجاوبت واشنطن مع شرطين حددتهما كابول لقبول الاتفاق، أولهما نقل مسؤولية سجن بغرام إلى السلطات الأفغانية وإنهاء الغارات الليلية التي تشنها القوات الأجنبية على متمردي «طالبان». رد «طالبان» واحتجاجاً على زيارة أوباما، استهدف هجوم انتحاري تبنته «طالبان» نزل «القرية الخضراء» المحاط بتدابير أمن مشددة، والذي يستخدمه موظفو الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، قرب مطار كابول التي كانت تعرضت قبل أسبوعين لأسوأ هجمات منذ بدء النزاع قبل عشر سنوات، بعدما استهدف مسلحون مكاتب حكومية وسفارات وقواعد أجنبية. وفور بدء الهجوم الذي أسفر عن مقتل 6 مدنيين وحارس أمن وجرح 16 آخرين، انطلقت صفارة الإنذار في السفارة الأميركية التي وضعت في «حال إغلاق» مع مطالبة موظفيها بضرورة الاحتماء والابتعاد عن النوافذ. وتبنت «طالبان» الهجوم، وقال الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد: «فجر مجاهد مخلص سيارة مفخخة أمام قاعدة عسكرية أجنبية في كابول، ثم اقتحم مجاهدون آخرون القاعدة»، علماً أن انفجارين على الأقل سمعا في حرم النزل المحاط بتدابير أمن مشددة. وصرح الناطق باسم الحلف الجنرال الألماني كارستن ياكوبسون بأن «قوات الأمن الأفغانية ردت في شكل سريع وفاعل لاحتواء الهجوم، وقتلت جميع المهاجمين». وزاد: «كان هجوماً يائساً لطالبان رافقه أداء جديد لافت للقوات الأفغانية». ولاحقاً، أعلنت «طالبان» على أحد مواقعها الإلكترونية إطلاق عملية «الفاروق» بدءاً من اليوم والتي «ستستهدف المحتلين الأجانب ومستشاريهم والمتعاقدين معهم، وجميع من يساعدهم عسكرياً واستخباراتياً. وكذلك كبار مسؤولي حكومة كارزاي وأعضاء البرلمان، والمنتسبين العسكريين إلى وزارتي الدفاع والداخلية، وأعضاء ما يسمى بشورى الصلح العالي، والميليشيات القومية باسم المسلحين المرتزقة، وجميع المعادين للمجاهدين». وأوضحت «طالبان» أنها ستستخدم في العملية «تكتيكات حربية حديثة مع منح أولوية لحفظ أرواح المدنيين وأموالهم». وأعلنت تشكيل لجنة ل «الترغيب والجذب» من أجل استمالة جميع المنضمين للحكومة للالتحاق بصفوف المجاهدين. وفي شرق أفغانستان، قتل جنديان أجنبيان في انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع، ما رفع إلى 140 عدد قتلى القوات الأجنبية هذه السنة.