تصاعدت حدة التصريحات التي اطلقها مسؤولون ايرانيون بارزون، في شأن ظاهرة الفساد المالي التي يحقق فيها القضاء، بعد تأكيده مواصلة محاكمة مجموعة أمير منصور خسروي المُتهمة باختلاس نحو 3 بلايين دولار، والتي يعتبرها خصوم الرئيس محمود أحمدي نجاد، قريبة من «تيار الانحراف» الذي يُتهم بقيادته اسفنديار رحيم مشائي، مدير مكتب نجاد. واتهم الرئيس الإيراني القضاء ومجلس الشوري (البرلمان) بالتدخل في الشؤون التنفيذية التي تتولاها الحكومة، كما انتقد محاكمة مجموعة خسروي، اذ اعتبر أن «بعضهم يعتقد بأن إعدام 4 أشخاص يعكس صلابتهم وحسمهم لمواجهة الفساد». أتى ذلك فيما واجه القضاء ومجلس صيانة الدستور تشكيل نجاد لجنة للإشراف علي تنفيذ الدستور، اذ اعتبرا أن ذلك يتعارض مع قانون فصل السلطات، وحذرا الحكومة من التدخل في الإشراف علي تطبيق الدستور. اشتباك بين الاجهزة لكن نجاد شدد على أن «الإشراف علي تنفيذ الدستور لا يعني في أي شكل الاشتباك مع الأجهزة الأخري، بل المساهمة في سلامة الأداء» العام للمسؤولين. ودافع عن تمسكه بفكرة أن تنفيذ القوانين والإشراف علي تطبيقها يدخلان في إطار واحد، محذراً أجهزة الرقابة من الوقوع في حبائل التوجهات السياسية. لكن رئيس القضاء صادق لاريجاني ردّ على نجاد، مدافعاً عن عمل أجهزة القضاء ونزاهتها، كما نفى أي تعاط سياسي مع ملفات الفساد المالي، متهماً بالفساد شخصيات تعمل في مؤسسات حكومية. كما انتقد رئيس البرلمان علي لاريجاني، شقيق رئيس القضاء، التفسير الأحادي لمسألة الرقابة في تنفيذ القوانين، داعياً الي وضع أطر دستورية واضحة لمتابعة الرقابة علي تطبيق القوانين، تخدم جميع الأجهزة المكلفة ذلك. خامنئي في غضون ذلك، شدد مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي علي ضرورة مواجهة المتلاعبين بالأموال العامة، معتبراً اقتراض أموال من المصارف لإنفاقها في قطاعات ليست صناعية وتنموية «دليل على الخيانة والسرقة من أموال الشعب، ويجب معاقبة» من يفعل ذلك، وذلك في إشارة الى مجموعة خسروي المُتَهَمة بالتلاعب بالقروض المصرفية واستخدامها في غير محلها. وتعتقد مصادر بأن الانتخابات النيابية التي نُظمت في آذار (مارس) الماضي، كشفت خلافاً بين شخصيات في التيار الأصولي، وأنصار نجاد، بعدما حاولت دوائر قريبة من الرئيس الإيراني الاستقلال في ارادتها السياسية وخوض الانتخابات بعيداً من رغبة المرشد، والاحتماء بعباءة رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي، إثر رفض هذه الدوائر الانضمام الي قائمة «الجبهة المتحدة للأصوليين»، ومشاركتها في الاقتراع تحت يافطة «جبهة استقامة الثورة الإسلامية». وعلي رغم تفوّق «الجبهة المتحدة للأصوليين» علي منافستها، في الجولة الأولي من الانتخابات، لكن بوادر انشقاق مبكرة بدت واضحة علي رئاسة البرلمان، اذ أعلنت «جبهة الاستقامة» مساندتها ترشيح غلام علي حداد عادل لرئاسة المجلس، بدل علي لاريجاني الذي تدعمه «الجبهة المتحدة للأصوليين»، ما يوحي بحدوث انشقاق مشابه في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل، وخصوصاً علي صعيد دعم لاريجاني في معركة الرئاسة. وثمة تكهنات بأن الشهور المتبقية من رئاسة نجاد ستشهد مزيداً من التجاذبات مع البرلمان والقضاء، بسبب عدم استعداد هاتين المؤسستين لمواصلة السير في اتجاه التستر علي الأخطاء التي ترتكبها الحكومة.