رضخت الخرطوموجوبا إلى ضغوط إقليمية ودولية من أجل العودة إلى طاولة المحادثات لتسوية القضايا العالقة بينهما خلال ثلاثة أشهر، وسط تهديدات بمعاقبتهما في حال لم يحدث ذلك. وأفرج رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الذي قطع أمس زيارته للصين، عن أسرى سودانيين بوساطة مصرية، لكن سلطات بلاده طردت 154 سودانياً يعملون في شركة نفطية. وأفيد أن حكومة جنوب السودان قررت طرد 154 سودانياً يعملون في شركة بترودار النفطية بعد إيقاف إنتاج النفط ودخول البلدين في حرب منذ شهر آذار (مارس) الماضي. ومنحت السلطات في جوبا عمال النفط ثلاثة أيام يغادرون بعدها أراضي الجنوب. وأعلنت السفارة السودانية في جوبا أنها تبذل جهوداً مكثفة لنقلهم إلى الخرطوم عبر طائرة خاصة. كما وافقت حكومة الجنوب على وساطة وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو بإطلاق سودانيين أسرهم الجيش الجنوبي لدى احتلاله منطقة هجليج النفطية في 10 نيسان (أبريل) الجاري. ونقلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأسرى إلى القاهرة ومن المقرر أن يكونوا قد وصلوا إلى الخرطوم ليل أمس. وكانت جوبا عرضت 13 أسيراً سودانياً في تلفزيونها الرسمي، لكن الخرطوم قالت إنهم طاقم طبي كان في مستشفى هلجيج وليسوا عسكريين، واتهمتها بتصفية أسرى آخرين. وفي الشأن ذاته طالب مجلس الأمن الدولي حكومتي السودان وجنوب السودان بالوقف الفوري للنار والعودة إلى طاولة التفاوض، وقال إنه سيدرس خطوات إضافية لمنع تصاعد الاشتباكات بين الجارين. وتُقدّر الأممالمتحدة إن الاشتباكات أدت إلى تشريد نحو 35 ألف شخص. ورحب المجلس بخروج قوات جنوب السودان من هجليج، ودان الهجمات الجوية التي يشنها السودان على ولاية الوحدة في جنوب السودان، وذكر أن الهجمات الجوية التي شنها الطيران السوداني أسفرت عن مقتل 16 شخصاً وإصابة 34 آخرين في ولاية الوحدة. وأبلغ السفير البريطاني في مجلس الأمن مارك ليال غرانت الصحافيين أن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي حدد خريطة طريق مفصلة وواضحة جداً وطلب من مجلس الأمن دعمها بقرار يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة مما سيكون ملزماً قانوناً للبلدين. وأمهل الاتحاد الأفريقي دولتي السودان ثلاثة أشهر لحل خلافاتهما، وهدد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الخرطوموجوبا في حال عدم الاستجابة. وقال مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن رمضان العمامرة إن الاتحاد يطلب من الطرفين وقف الأعمال العدائية فوراً، ويحضهما على استئناف المفاوضات بينهما برعاية وسطاء أفارقة خلال أسبوعين. وأعربت الخرطوم عن استعدادها لإجراء محادثات مع جوبا في شأن القضايا الأمنية لمنع العودة إلى الحرب الشاملة، بعد أن استمرت الاشتباكات بين الدولتين على مدى أسابيع. وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي للصحافيين في الخرطوم أمس عقب عودته من أديس أبابا: «أنا مستعد الآن للحديث لكن في شأن القضايا الأمنية... ومستعد لمنح الأولوية لقضايا الأمن والسلام... أعتقد أن هذا في غاية الأهمية»، مبيناً أن المحادثات مع الجنوب لن تشمل القضايا الاقتصادية والحدود والتعاون. كما أعلن وزير شؤون الرئاسة في حكومة جنوب السودان دينق ألور استعداد بلاده للعودة إلى المفاوضات مع الخرطوم في شأن المسائل العالقة بين البلدين ووقف النار بعد الاشتباكات التي اندلعت بينهما حول منطقة هجليج في ولاية جنوب كردفان. ورأى ألور أن التوصل إلى تسوية بالتفاوض بين الجانبين هو أفضل الخيارات المتاحة، مشيراً إلى أن بلاده على استعداد للعودة إلى المفاوضات على الفور. وأضاف أن جنوب السودان على استعداد كذلك لتوقيع اتفاق لوقف النار وذلك بموجب اقتراح لجنة الوساطة الأفريقية والتي يرأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو مبيكي. وفي تطور متصل قررت الحكومة الصينية أمس إرسال مبعوثها الجديد لشؤون أفريقيا تشونغ جيان هوا إلى السودان وجنوب السودان لحضهما على إجراء محادثات لمنع نشوب حرب شاملة. وقطع سلفاكير زيارته إلى الصين التي كان مقرراً أن تمتد حتى السبت المقبل، وألغى رحلته التي كان من المزمع أن يجريها اليوم الخميس إلى شنغهاي من دون تحديد أسباب واضحة لذلك. من جهة أخرى دخل رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السوداني كمال عبيد في ملاسنة حادة مع كتلة المعارضة في جلسة عرض مشروع «قانون رد العدوان ومحاسبة المعتدين» في شأن دولة الجنوب الذي تحفظت عليه المعارضة. وانتقد رئيس كتلة حزب المؤتمر الشعبي المعارض في البرلمان إسماعيل حسين مشروع القانون ووصفه بالكارثة، محذّراً من أن مشروع القانون يضع البلاد في مواجهة وعداء مع دول الجوار لا سيما مصر التي يقول السودان إنه قواتها تحتل مثلث حلايب المتنازع عليه بين الخرطوموالقاهرة. وأكد أن في ظل قانون رد العدوان ومحاسبة المعتدين لن يكون هناك مجال لازدواجية المعايير وتستوي حينها حلايب مع منطقة هجليج والفشقة التي تحتل جزءاً منها قوات إثيوبية. غير أن عبيد رأى أن عدوان الجنوب يحتاج إلى قانون لأن تشريعات البلاد السارية ليس فيها ما يحرم استخدام كلمة «تحرير السودان» من أهله وعقيدته وهويته، في إشارة إلى حزب «الحركة الشعبية» الحاكم في الجنوب. وقال إن المجموعات السكانية في الحدود أول من تضرر من اعتداء هجليج والقانون جاء لحمايتها. واعتبر رئيس البرلمان أن مثلث حلايب المحتل مصرياً لا يشمله القانون المصوب إلى دولة الجنوب، موضحاً أن النزاع مع مصر قانوني وأن السودان تقدم بشكوى رسمية في ذلك إلى مجلس الأمن.