قررت الحكومة السودانية الاستمرار في محادثات مع دولة الجنوب لتسوية الملفات العالقة، على رغم القتال العنيف الذي اندلع بين جيشي البلدين على الحدود خلال الأيام الماضية. وسيلتقي مسؤولون من الجانبين اليوم في العاصمة الإثيوبية لمناقشة القضايا الأمنية، في وقت حمّلت الخرطومجوبا مسؤولية التدهور في العلاقات. ودعا الاتحاد الأفريقي في بيان أمس الخرطوموجوبا إلى سحب قواتهما إلى مسافة عشرة كيلومترات عن الحدود الفاصلة بينهما، كما نصَّت عليه وثيقة وقعها الطرفان أخيراً، وذلك بهدف تهدئة التوتر، إثر معارك جرت بين البلدين. وحض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، جان بينغ، في البيان، طرفي النزاع على تشكيل لجنة مشتركة للتحقق ومراقبة الحدود و «وقف دعم القوات المتمردة التي تنشط في أراضي كل منهما»، مؤكداً أن أي نزاع يمكن حله بالطرق السلمية. لكن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير العبيد مروح، اعتبر الموقف الافريقي غير متوازن لأنه يساوي بين «الضحية والجلاد»، مؤكداً استعداد حكومته لعلاقات حسن جوار مع الجنوب، مشيراً إلى أن المحادثات التي ستبدأ اليوم بين الدولتين في أديس ابابا ذات طابع فني، ولكن في حال حققت تقدماً فإنها ستفتح الباب أمام تحريك عملية السلام. وقال وزير الدولة لشؤون الرئاسة كبير مفاوضي الحكومة ادريس عبدالقادر خلال ندوة في البرلمان أمس، إن حكومته لن توقف المفاوضات مع دولة الجنوب وستحاور بيد وتحمل السلاح بيد أخرى، مؤكداً أن الخرطوم لديها ارادة سياسية قوية للسلام وستستمر في هذا الطريق مهما كان شاقاً وطويلاً. وتوجه إلى أديس ابابا أمس وكيل الخارجية السودانية رحمة الله عثمان مترأساً وفد السودان لاجراء محادثات مع دولة الجنوب. وأبدى وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين استغراباً لتوقيت هجوم الجيش الجنوبي على منطقة هجليج النفطية في ولاية جنوب كردفان في ظل الترتيبات التي كانت تُجرى لزيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا، ووصف الخطوة بأنها تمثل ضربة قاصمة لجهود تطبيع العلاقات. ورأى أن أي مدخل للسلام بين بلاده وجنوب السودان يجب أن يكون من خلال وقف العدائيات والترتيبات الأمنية، ولا يمكن الحديث عن اتفاق في شأن النفط أو خلافه بمعزل عن وقف العدائيات. واتهم الولاياتالمتحدة واوغندا بالسعي إلى اسقاط النظام في الخرطوم. وتابع: «يحلمون بإسقاط نظام الحكم في بلادنا... يريدون أن يكون عبر الجنوب، ولكن نحن نقول لهم ستنتظرون طويلاً». وفي السياق ذاته، تفقَّد وفد حكومي برئاسة وزير النفط السوداني، عوض أحمد الجاز، يرافقه وزير العلوم والثقافة عيسى بشري، وحاكم جنوب كردفان أحمد هارون، مناطق إنتاج النفط في هجليج بولاية جنوب كردفان، عقب الهجوم الذي تعرّضت له المنطقة. ووقف الوفد على أحوال المواطنين في المنطقة وسير العمل في حقل الحمرة على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود بين السودان وجنوب السودان. وأكد وزير النفط استمرار العمل في الحقول وعدم تأثر الإنتاج، موضحاً أن السودان لن يسمح بأي اعتداء على أراضيه ومقدراته. وقال لدى مخاطبته الضباط والجنود قرب الحدود مع دولة الجنوب إن «هذه الأرض لن يدخلها خائن أو عميل أو صاحب غرض». واستدرك قائلاً: «نقصد بالعدو الجهات التي تتربص بالسودان وتحاول محاصرته ومقاطعته... نحن لن نعتدي على أحد ولكننا لن نسمح لعميل واحد أن يدخل أرضنا». كما كذَّب أحمد هارون تصريحات رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، بالسيطرة على هجليج، مؤكداً أن الأحوال فيها مطمئنة ومستقرة، وقال إن سلفاكير يكذب على رؤوس الأشهاد والعالم. وزاد: «إنها فضيحة». وعرض التلفزيون السوداني صوراً لسيارات ودبابة ومدافع محترقة وقتلى من من جيش الجنوب قال إنها خسائر الجنوب. وقال مسؤول في وزارة الدفاع في جنوب السودان أمس، إن قواته عادت إلى المواقع التي كانت قد تحركت منها في هجليج.