اجتمعت الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل عصر أمس على وقع تهديدات وزير الدفاع موشيه يعالون بأن العملية العسكرية «متواصلة بكل قوة ولا تتقيد بجدول زمني»، وفي الوقت نفسه بحث المستجدات على المبادرة المصرية لوقف النار، وسط أنباء تفيد بأن إسرائيل تبحث عن مخرج يضمن لها بعض ماء الوجه، كل ذلك مع اتساع النقاش داخل إسرائيل في «أسباب عدم دحر حركة حماس». وقال يعالون إن الجيش يواصل العملية العسكرية بكل قوة، وإن الطيران الحربي وسّع نطاق هجماته على القطاع ليل الثلثاء– الأربعاء، في موازاة «التقدم على نحو مرض» في معالجة «أنفاق الإرهاب ومواصلة جباية الثمن الباهظ جداً» من «حماس». وزاد أن إسرائيل لا تقيد نفسها بجدول زمني أو بمكان العمليات، «والجيش ينشط في كل مكان حيث توجد أنفاق أو حفَر أنفاق حتى إن استوجب الأمر تعميق التوغل لمناطق لم ندخلها بعد». وأردف أن كل الخيارات العملانية ما زال مطروحاً على الطاولة، «ومن المهم أن نواصل اليقظة والتأهب». وكان الجيش أعلن عن «هدنة إنسانية» لأربع ساعات حصرها في المناطق التي لا تشهد مواجهات عسكرية. وقبل إعلانه، وزع مناشير في مناطق جباليا وخان يونس ودير البلح ومدينة غزة دعا فيها المواطنين إلى الابتعاد عن المناطق التي تدور فيها معارك. من جانبه، توعد وزير المال يئير لبيد قائد الذراع العسكري لحركة «حماس» محمد ضيف «بالبقاء تحت الأرض وهو محكوم بالموت، وهو يعرف أننا عاجلاً أم آجلاً سنعثر عليه ونقتله». وأضاف أن «حماس منهكة من الضرب ومذعورة لأنها خسرت المعركة بفضل بطولة جنودنا وعزائمهم». وجاء هذا التصريح تعقيباً على بث الشريط الصوتي لضيف الذي أعلن فيه أن حركته سجلت انتصاراً، محذراً الإسرائيليين من نتائج التوغل إلى أعماق القطاع. ولم تخفِ إسرائيل حرجها من تهديدات ضيف، الذي وصفته عند إطلاق حربها على القطاع قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، ب «المطلوب الرقم 1». كما أحرجها بث شريط فيديو وثّق عملية إنزال مقاومين في مستوطنة وقتل خمسة جنود. وقال ضابط كبير إن الشريط أصلي «مع حذف مقاطع وإعادة تحريره». واعتبر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان خلال لقائه نواباً من البرلمان الألماني حضروا للإعراب عن دعمهم إسرائيل، إن ما يحصل هو «أحد انعكاسات صراع الحضارات مع الإسلام الراديكالي»، مضيفاً أن إسرائيل ستعمل من أجل إقامة آلية مراقبة دولية تضمن صرف الأموال التي يتم تحويلها للقطاع لأغراض مدنية، واستخدام مواد البناء لإقامة بنى تحتية مدنية فقط «لا لحفر أنفاق أو إنتاج صواريخ». من جانبه، دعا الرئيس السابق شمعون بيريز الحكومة إلى وقف الحرب «بعد أن استنفدت ذاتها، ومن أجل إعادة غزة إلى رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) لأنها تابعة له شرعياً وتم خطفها منه». في هذا السياق، أشار كبير معلقي «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع إلى أن السلطة ستؤدي دوراً مركزياً في قطاع غزة في «اليوم التالي» لوقف الحرب، وأنها ستعود إلى هناك «تحت لافتة حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف غامزاً أن حكومة نتانياهو التي أدارت حملة دولية ضد حكومة الوحدة الفلسطينية «تتمسك بها الآن بكل قوة كسلّم يتيح لها إنهاء العملية باحترام، علماً بأنه فقط قبل شهر وُصفَ أبو مازن رئيساً لعصابة إرهاب واليوم غدا المنقذ». ونفى وزير الاتصال عضو الحكومة الأمنية يغآل أردان أن تكون إسرائيل هي التي طلبت وقف النار، معتبراً «النشر غير المعتمد الذي يدعي عكس ذلك جزءاً من مصالح سياسية أو إعلامية»، من دون أن يتطرق إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أعلن أول من أمس أن نتانياهو طلب مجدداً مساعدة واشنطن في محاولة التوسط في وقف للنار في غزة، ما تسبب في حرجٍ آخر لرئيس الحكومة. على صلة، كشفت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيس أمس، عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أوصت رئيس الحكومة بالمبادرة إلى بلورة قرار يصدره مجلس الأمن لإنهاء الحرب، معتبرة أن من شأن قرار كهذا أن يمنح أقل قدر من الشرعية الدولية ل «حماس»، لكنه يتيح دفع مصالح إسرائيلية إلى أمام، مثل تجريد القطاع من السلاح ومراقبة دخول الأموال ومواد البناء إليه، وإعادة السلطة وأجهزتها الأمنية إلى المعابر الحدودية للقطاع، تماماً على غرار القرار الدولي (1701) الذي أنهى الحرب على لبنان عام 2006 ودعا إلى نزع السلاح في الجنوب وسيطرة الجيش اللبناني على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. وتابعت أن مثل هذا القرار سيعزز تحالف إسرائيل مع مصر. ونقلت الصحيفة أن نتانياهو اطلع على هذه التوصية، وأن عدداً من وزراء الحكومة الأمنية المصغرة قدم اقتراحاً مماثلاً. وتابعت أن وزير الدفاع يرى احتمال اللجوء إلى مثل هذه الخطوة في حال فشلت الجهود المصرية لوقف النار، على أن تقودها الولاياتالمتحدة. إلى ذلك، ذكر المعلق السياسي للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية ستبقي على «الوتيرة الحالية من الأيام الأخيرة» في العملية العسكرية لتمكين الجيش من تدمير الأنفاق، لكن هذا مشروط بعدم حصول «تعقيد» في إشارة إلى سقوط عدد كبير من الجنود القتلى. وأضاف أن نتانياهو ويعالون لن ينجرا وراء ضغط وزراء اليمين بقيادة نفتالي بينيت لتوسيع العملية البرية. وأشار إلى أن بينيت هو الذي يقف وراء تظاهرات اليمين لتوسيع رقعة الحرب وضد الولاياتالمتحدة. وتوقع المعلق العسكري المخضرم رون بن يشاي أن ينهي الجيش مهمة تدمير الأنفاق مطلع الأسبوع المقبل، مضيفاً أن أحداً في إسرائيل لا يتوقع أن ترفع «حماس» الراية البيضاء. وزاد أن الجيش وسع عمليته البرية الليلة قبل الماضية لأربعة أحياء أخرى، ونقل عن أحد الضباط قوله انه «حيث يلقي الطيران أطناناً من المتفجرات فلن تكون هناك مقاومة اكثر» في إشارة الى قتل كل من قُصف. إلى ذلك، توقف معلقون عند اشتداد التوتر بين المستويين السياسي والعسكري على خلفية اكتشاف الكم الهائل من الأنفاق وعدم معالجتها، وربطوا بين التوتر واحتمالات تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول أي من المستويين مسؤول عن التقصير.