التأمت الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل مجدداً مساء أمس للبت في تطورات الحرب على غزة والاقتراحات المختلفة لوقف النار، وسط ضغوط من قيادة الجيش على المستوى السياسي للبت إما بتوسيع رقعة الحرب أو وقفها وسحب قوات الجيش من القطاع، في مقابل ضغوط أميركية وصفت بالجدية لوقف النار. كل ذلك في ظل انتقادات شديدة اللهجة لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو من وزراء في حكومته على عدم توسيع الحرب واتهامه بالتخبط، وأخرى عن اطّلاعه منذ عام على «خطر الأنفاق» من دون أن يحرك ساكناً، بحسب مصادر عسكرية. واعتبرت أوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية حادثتيْ تسلل مقاومين فلسطينيين إلى الأراضي الإسرائيلية مساء الاثنين وقتل عشرة جنود، ليرتفع عدد القتلى الجنود منذ بدء الحرب إلى 55، «يوماً أسود» و»نقطة تحول» في الحرب الدائرة تستوجب «قراراً حاسماً من الحكومة الأمنية». ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن ضابط كبير قوله إنه ينبغي على الحكومة الحسم الفوري «أو أن نتوغل أكثر في القطاع أو نخرج منه». وأضاف أن ما يجري في غزة ليس عملية عسكرية، إنما هي بالنسبة إلى الجنود حرب بكل المفاهيم و»يجدر بالحكومة الأمنية أن تسميها باسمها». وأضاف أنه ينبغي أيضاً على القيادة العسكرية أن تدير هذه الحرب من دون أن تتأثر بما يريده الجمهور. وأردف أن الجيش يواصل عملية هدم الأنفاق «لكنني لا أعتقد أننا سننجح في الكشف عن جميعها». على صلة، وفي ما يبدو دفاعاً استباقياً للجيش عن استجوابه بعد انتهاء الحرب، عن عدم إطّلاع الإسرائيليين على أخطار الأنفاق، وأنه لولا العملية البرية التي أقرت فقط في الأسبوع الثالث للحرب، لما تم الكشف عن خطورتها، قال ضابط رفيع المستوى إن الجيش قدم للحكومة قبل أكثر من عام تصوراً دقيقاً عن وضع الأنفاق وخطرها في القطاع، وأن رئيس الحكومة اطّلع عليها شخصياً، «والقرار كان بيده». وأشار معلقون سياسيون إلى أن نتانياهو يواجه «معضلة حقيقية» في اتخاذ القرار المناسب، فمن جهة لا يمكنه تجاهل «الضغط الأميركي الجدي» عليه بوقف الحرب حيال الأعداد الهائلة من المدنيين القتلى، ولكونه معنياً فعلاً بخفض نار التوتر مع واشنطن، ومن جهة أخرى يلمس الضغط المتعاظم من وزراء كثيرين في حكومته يطالبونه بمواصلة الحرب، وهو ما يؤيده غالبية الإسرائيليين. ويقود زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» المتطرف الوزير نفتالي بينيت الحملة داخل الحكومة المصغرة لعدم وقف الحرب، وقال أمس إن «الحسم العسكري الواضح وحده هو الذي سيمنع الحرب المقبلة». وأضاف أن إسرائيل تقف اليوم أمام «لحظة مصيرية في تاريخها، فالإسلام المتطرف يسعى إلى محوها عن وجه الأرض... إنه لا يبحث عن قطعة أرض، ولا عن دولة فلسطينية إنما فقط عن القضاء علينا... والأنفاق ليست أساس المشكلة، إنما هي ذراع لتطبيق استراتيجية القضاء علينا». وشدد على أن الهدف المعلن لهذه الحرب يجب أن يبقى تجريد القطاع من السلاح، «ويجب عدم تخفيف أو وقف الحرب حتى نحقق هذا الهدف، سواء بالقوة أو بالاتفاق... يجب مواصلة ضرب حماس بلا شفقة، ليلاً ونهاراً، في الأيام العادية وفي الأعياد. إسرائيل أمام لحظة حسم، حماس منهكة ومعزولة، ومنظومة القبة الحديد تعمل جيداً، وضباط الجيش وقادته محفّزون ولديهم مهنية عالية، والجبهة الداخلية منيعة والشعب في إسرائيل موحد... الآن الوقت للحسم الواضح». واقترح أن يسيطر الجيش على حزام أمني داخل القطاع لمدة عام على الأقل، مع الحفاظ على حرية التحرك للجيش «تماماً مثلما فعلنا في الضفة الغربية بعد عملية السور الواقي قبل 12 عاماً». وذكرت «هآرتس» أن نتانياهو يسعى الآن إلى تشكيل آلية دولية تكون مهمتها العمل على تجريد القطاع من السلاح. ونقلت عن مسؤول كبير قوله إن مهمة القوة الدولية يجب أن تتمحور في «مراقبة كل ما يدخل إلى القطاع من أسلحة ومواد بناء وتهريب كي لا يتم استخدامهما في عمليات إرهابية».