للوصول إلى حالة فهم أعمق لمبادئ عدم كسر القوارير، ينبغي أن تنضم قطاعات أخرى إلى قطاعي «المرطبات» الذي سحب قوارير «أبو نصف ريال»، والتطوير العقاري الذي أحال تراثنا المعماري إلى الزجاج ولا شيء غير الزجاج، وذلك في احترامهم «المفترض» للزجاج. ابتذال الكلمة كرسه تجار بضعة قطاعات فأهل الذهب والمجوهرات يسمون الذهب المستعمل المعاد شراءه «كسر» في إشارة إلى أنه سيكسرونه لإعادة صياغته، ولن يقوم أحد مطلقاً بتلميعه وبيعه في علبة جديدة. تجار العود والأخشاب الشرقية الثمينة يسمون بقايا العود في تلك الحقائب «كسر» ويبيعون بأقل من سعر القطع على رغم أنه وكما يفترض من الشجرة نفسها، لكنه العرف الاستهلاكي الذي يركز على الحجم حتى عند شراء خشب لإحراقه، ومع الفارق في الأسعار والغايات يفعل تجار الحطب الشيء نفسه. سماسرة السيارات يطلقون على السيارات الصغيرة أو القديمة «كسرة»، ولا سيما إذا كانوا هم المشترين لتحقيرها في عين صاحبها والحصول عليها بثمن بخس. الأغرب من بين هؤلاء أن نفراً قليلاً من الناس يطلق على الرجل ضعيف البنية أو ضعيف الشخصية لفظة «كسرة رجال»، وهذا على ظلمه وعدم إنصافه يعكس ثقافة انتشار «الكسر» في كثير من مناحي حياتنا، ثم يأتي، أو في الحقيقة تأتي من تطلب منا الرفق بالقوارير. حسناً، يبدو أن كثرة الكسر في حياتنا، أصاب البعض بالتبلد الحسي تجاه ما هو زجاجي، بما في ذلك القوارير المعنية بعدم الانكسار في مجتمع تحسبه ذكورياً خالصاً، لكنه في الواقع عكس ذلك، لأن كل إناثه، ومعظم ذكوره لا شأن لهم إلا المرأة وكسر الحواجز أمامها، ووضع الحواجز أمامها، إلى آخر ما تعرفون. الرجال يعيشون دور «غير قابل للكسر» وهو وهم اجتماعي صدقوه، ثم تسلطوا، أو تسلط بعضهم للإنصاف، على المرأة التي أقنعها سياق تربوي واجتماعي ما بأنها «قابلة للكسر»، والحل أبسط مما تعتقد الأفكار العظيمة، عليها فقط أن تتحول إلى «بايركس» أي تظل زجاجاً في دائرة القوارير الثقافية، لكنها غير قابلة للكسر، وهكذا يصبح لدينا تاريخياً إضافة إلى المرأة الحديدية، المرأة الزجاجية. «البايركسية». وبعيداً عن الكسر، والتكسير، يبدو القول بتمكين المرأة آخذاً في النفاذ، بطيئاً لا شك في ذلك، لكنه يحدث، أولاً لأن هناك رؤية قيادية تروم ذلك، ثم هناك استجابة عملية على أرض الواقع من المرأة، ولا سيما ذلك النوع «المنكسر». لا تحتاج النساء إلى «خذي كسره وحركي الأمور» كما في الحملة اللبنانية، هي تحتاج إلى اقتناع الكثرة نظرياً وعملياً بأن بعض أفكارنا عنها باليه، وللعلم فأفكارنا عنها ليست كثيرة كما نعتقد. [email protected] mohamdalyami@