بغداد - أ ف ب - عندما ابتعد الكتاب العراقيون عن التعامل مع الطبيعة الخلابة لمناطق الاهوار في جنوب العراق، رصدت العيون الاجنبية تلك الطبيعة ووثقتها عبر أسماء عدة بينها كيفن يونغ مؤلف كتاب «العودة الى الاهوار». وأقيم في بيت المدى الثقافي في بغداد بحضور عدد من المثقفين والكتاب العراقيين، احتفال لتوقيع الطبعة العربية من الكتاب الذي يقع في اكثر من 200 صفحة من الحجم المتوسط، ونقله الى العربية الكاتب والمترجم حسن الجنابي. وصدر الكتاب بالانكليزية للمرة الاولى العام 1977 عن دار «وليام كولينز» وضم عشرات الصور الملونة التي لا تقل قيمة عن النص. وصدرت الطبعة الثانية العام 1983 خالية من الصور عن دار «هاتشنسن» وأعادت طبعها دار «بنغوين» العام 1989. لكن الطبعة العربية الاولى صدرت العام 2005 والثانية في 2012. ويعتبر الكاتب كيفن يونغ اشهر صحافي بريطاني زار العراق في بداية خمسينات القرن الماضي بتشجيع من الرحالة الانكليزي ويلفريد ثيسغر الذي عمل في احدى الشركات البريطانية في البصرة، وترك عمله للتفرغ للكتابة عن أهوار العراق التي غادرها قبل ثورة العام 1958. ومكث يونغ في منطقة الاهوار من العام 1952 حتى العام 1957 وعاد اليها العام 1973 لتفقد الشخصيات التي تعرف اليها في الخمسينات. ويقول الكاتب العراقي علي حسين ان «الكتاب واحد من اهم المراجع في مجال تاريخ هذه المنطقة وشكل اهمية لكونه سجلاً اجتماعياً لحياة الاهوار». وأضاف: «ابدع مؤلفه في عكس صورة حية لحياة الناس الذين اهملتهم الحكومات منذ تأسيس الدولة العراقية، واستطاع يونغ أن ينقل أدق التفاصيل عن حياة أهل الأهوار ووقائع عن قضاياهم ووقف إلى جانبهم كما يبدو في وقت لم يكتب كتاب عراقيون عن تلك المنطقة الساحرة». ويعد الكاتب والمترجم حسن الجنابي الذي نقل الكتاب الى العربية واحداً من ابرز المختصين في مجال المياه والتغذية في العالم، ويعمل الآن سفيراً للعراق في منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة (فاو) وقد كُلّف مهمة برنامج احياء منطقة الاهوار بعد العام 2003. ويقول الجنابي: «وجدت في الكتاب جمالية خاصة لم يستطع الكتاب العراقيون التصدي لها. والكاتب سبر غور هذه المناطق الساحرة بكل شيء وعرف العادات الاجتماعية وطبائع سكانها ومشايخها وعكس صورة حية للطبيعة وكيف كان السكان هنا يعتمدون في العيش على ثرواتهم الحيوانية وخصوصاً الجاموس». ويضيف: «أعتبر الكتاب منجزاً حضارياً ولو أنه جاء بعيون أجنبية لكنه يمثل اكتشافاً لجمال العراق ومناطقه التي لم نلحق ان نكتشف جمالها واسرارها بسبب ملاحقة النظام السابق لنا وهذا شيء مؤسف». وكان حسن الجنابي غادر العراق العام 1979 وتنقل بين بلدان عدة مثل روما واستراليا والامارات. ولفت الى ان اهتمامه بعالم الاهوار جاء لكونه نشأ في مدينة الديوانية الجنوبية «المعروفة بزراعة الشلب (الرز) التي تتحول فيها الارض الى شبه مسطح مائي، فتنامى لدي حب الاهوار وكان واحداً من اسباب ترجمة هذا الكتاب». وكان النظام السابق عمد الى تجفيف الأهوار فهلكت على أثر ذلك ثروة حيوانية مهمة، واعتبر المجتمع الدولي هذا العمل جريمة منظمة في حق الإنسان والحيوان. وبعد العام 2003، رجع سكان الأهوار الى مناطقهم الأصلية وأعادوا إليها رونقها لكن ليس بالمستوى الذي كانت عليه سابقاً.