تراجعت حدة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة أمس رغم مماطلة إسرائيل في إعلان موقفها من هدنة ل 24 ساعة وافقت عليها الفصائل الفلسطينية عشية عيد الفطر المبارك، وإصرارها على تهدئة بلا قيود على عمل جنودها في القطاع. في الوقت نفسه، تواصلت مساعي التوصل إلى تهدئة، إذ وصل الرئيس محمود عباس إلى المملكة العربية السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز. (للمزيد) وقال السفير الفلسطيني لدى المملكة باسم الآغا ل «الحياة»، إن خادم الحرمين والرئيس عباس لديهما قلق مشترك تجاه تطور الموقف على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيداً بموقف الرياض الداعم للشعب الفلسطيني في المواقف كافة، ومشدداً على عدم قبول أي مزايدات من أحد على القضية الفلسطينية والموقف السعودي منها. وأضاف إن السعودية قدمت وما زالت تقدم الكثير للقضية وللشعب الفلسطيني، وخصوصاً في «غزة هاشم»، مشيراً إلى أن الموقف السعودي يتجاوز الدعم المادي إلى الدعم السياسي والاجتماعي، منوهاً بكلمة المملكة في اجتماع الأممالمتحدة لبحث الوضع في غزة، وتشديدها على ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. ويحل عيد الفطر غير سعيد على قطاع غزة المنكوب في هذه الحرب المستمرة منذ 18 يوماً، خصوصاً في ظل الخسائر البشرية المريعة والمآسي والفقد والدمار. إذ يعاني ربع مليون فلسطيني من التشرد، في حين لجأ الآلاف إلى مدارس تابعة ل «أونروا»، أو للإقامة مع أقاربهم أو مقار مؤسسات وجمعيات أهلية. في الوقت نفسه، يعاني سكان القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون، من نقص في إمدادات المياه والكهرباء والسلع الغذائية والأدوية، في وقت تستنزف المستشفيات كميات كبيرة جداً الأدوية والمستهلكات الطبية. في هذه الأثناء، حمّل وزير الخارجية القطري خالد العطية إسرائيل مسؤولية تعطيل التوصل إلى هدنة برفضها ورقة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لوقف نار إنساني لمدة 7 أيام. وكشف ل «الحياة» قبيل مغادرته باريس حيث واصل اتصالاته مع كل من نظيره التركي أحمد داود أوغلو ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل للتوصل إلى هدنة، أن إسرائيل رفضت ورقة كيري قبل انتهاء المحادثات التي كان يجريها وداود أوغلو مع الفصائل الفلسطينية. وأوضح: «كنا في نهاية نقاش ايجابي عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها ورقة كيري، وجاء الرفض قبل أن نصل إلى موقف». وكان الناطق باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري أعلن أمس موافقة الفصائل على «تهدئة إنسانية» تبدأ عند الثانية من بعد ظهر أمس، لمدة 24 ساعة، ومن دون شروط. وقال في بيان إنه «تم التوافق على تهدئة انسانية لمدة 24 ساعة تبدأ من الساعة الثانية بعد الظهر، استجابة لتدخل الأممالمتحدة، ومراعاة لظروف الشعب الفلسطيني وعيد الفطر»، مضيفاً: «ننتظر رداً رسمياً من العدو». يذكر أن أبو زهري كان أعلن ليل السبت - الأحد ثلاثة شروط لقبول الهدنة، هي أن تضمن انسحاب جنود الاحتلال من داخل حدود القطاع، وتمكين المواطنين من العودة إلى منازلهم، وإخلاء المصابين. غير أن إسرائيل تجاهلت إعلان الهدنة الفلسطينية، وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في مقابلة مع «سي إن إن» إن مقاتلي حماس «ينتهكون وقف النار الذي أعلنوه بأنفسهم»، مضيفاً أن إسرائيل «ستقوم بكل ما يلزم للدفاع عن الشعب». وأضاف أن القوات الإسرائيلية ستواصل عملياتها في محاولة لتفكيك شبكة الأنفاق التابعة ل «حماس» عبر الحدود وتدمير مخزونها من الصواريخ، وقال: «لن أتحدث عن عمليات عسكرية محددة». ويأتي هذا الموقف في ظل استطلاع للرأي الإسرائيلي أن 85،6 في المئة يعارضون وقف النار في هذه المرحلة. غير أن القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أفادت بأن الجيش تلقى أوامر بوقف النار، واستئنافه في حال حصول خرق من الجانب الفلسطيني. ميدانياً، استشهد 14 فلسطينياً حتى مساء أمس، ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء العدوان في الثامن الشهر الجاري إلى 1032، من بينهم 208 أطفال، و83 سيدة، و40 مسناً، فيما جرح أكثر من 6037 فلسطينياً. وأعلنت قوات الاحتلال أنها اغتالت الجمعة الماضي اسماعيل محمد العكلوك (25 سنة) في استهداف سيارة كان يستقلها، مشيرة إلى أنه ناشط بارز في منظومة إنتاج القذائف الصاروخية لكتائب القسام»، وساهم في تطوير الطائرات من دون طيار التي انتجتها أخيراً. كما أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية من دون طيار صاروخاً بعد ظهر أمس على المقر الرئيس ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا) في مدينة غزة، في خطوة تعكس استهانة بالوكالة الدولية بعد ان قصفت مدارس ومقاراً تابعة لها. في المقابل، أقرّ الجيش الإسرائيلي بأن 11 صاروخاً أُطلقت من غزة باتجاه إسرائيل منذ اعلان «حماس» عن التهدئة الأخيرة، علماً أن «حماس» أعلنت تبنيها هذا القصف رداً على خرق التهدئة التي وافقت عليها. كذلك أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها أحبطت أمس هجوماً بسيارة ملغومة قرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، عندما منع حراس الأمن سيارة مشتبهاً بها من دخول نقطة تفتيش «بيتار»، واعتقلوا سائقها العربي، مشيرة إلى أن خبراء المتفجرات عثروا على «عبوة ناسفة ضخمة وجاهزة» في السيارة.