بعد ارتفاع طفيف في معدل البطالة في ألمانيا في نهاية شباط (فبراير) الماضي، أعلنت «وكالة العمل الاتحادية» الالمانية مطلع الشهر الجاري عن انخفاض المعدل في آذار (مارس). وكان عدد العاطلين من العمل بلغ قبل شهرين 3.11 مليون، بزيادة 26 ألفاً عليه في كانون الثاني (يناير) الماضي، ليعود فيتراجع في الشهر الماضي إلى 3.03 مليون، بانخفاض 82 ألفاً، ما خفضّ معدل البطالة في البلاد من 7.4 إلى 7.2 في المئة. وينتظر خبراء السوق أن تعود البطالة إلى الانخفاض إلى ما دون الثلاثة ملايين نهاية الشهر الجاري، بغض النظر عن أداء الاقتصاد الألماني. وأوضحت «وكالة العمل الاتحادية» ان معدل البطالة هو الأكثر انخفاضاً خلال السنوات ال21 الأخيرة. وأكد رئيسها فايزه أن «لا إشارات إلى أن الانتعاش في سوق العمل في ألمانيا وصل إلى نهايته»، معبراً عن تفاؤله باستمرار الانتعاش المستمر منذ ثلاث سنوات من دون توقف. وأقرّ ب «وجود محاذير وتعثّر هنا وهناك قد تؤثر على العمال»، لكن شدد «على عدم وجود تطورات مقلقة تدفع إلى الاعتقاد بانتكاسة تصيب الانتعاش خلال الأشهر المقبلة». إلى ذلك، أكدت دراسة وضعها «معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ» (إيفو) بتكليف من الصحيفة الاقتصادية الألمانية «فايننشل تايمز دويتشلاند»، أن «لا نهاية منتظرة قريباً» لنمو الوظائف في ألمانيا. وأكد كبير خبراء «المعهد» كلاوس أبّيرغر إن الشركات العاملة في ألمانيا «تواصل التخطيط لاستيعاب مزيد من الأيدي العاملة فيها». وتُظهر هذه النتائج والتقويمات أن المخاوف التي ظهرت في نهاية العام الماضي، على خلفية أزمة الديون الأوروبية وتراجع النمو في الربع الأخير منه، لم تكن في محلها، وأن ثلاثة أرباع الخبراء والمراقبين يستبعدون أي ارتفاع للبطالة في ألمانيا هذه السنة. وسجّل هؤلاء «فارقاً واضحاً» بين ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى التي تعاني من ارتفاع في معدلات البطالة. وأوضحوا أن جوهر العمل في ألمانيا يتغير منذ سنوات، ويتجه للخروج عن مبدأ «العمل الثابت» إلى «العمل الموقت». الوظائف الموقتة وأظهرت دراسة جديدة نشرها «معهد بحوث سوق العمل والمهن» أن نسبة الوظائف الموقتة ارتفعت خلال عقد من 32 إلى 45 في المئة من عدد العاملين في البلاد، وتشكل النساء القسم الأكبر منهم. وتحتج النقابات العمالية منذ زمن على هذا التحول، وتدعو الحكومة إلى التوقف عن تأمين الإطار التشريعي والقانوني له، لأنه يسمح لأرباب العمل بتحميل العامل أو الموظف معظم الأخطار والسلبيات الناتجة، وفي مقدمها عدم نيله أجراً يتناسب مع العمل الذي يؤديه. وثمة مطالبات بإلغاء التدبير القانوني الذي يسمح لأرباب العمل بتحديد مدة عقد العمل بسنتين على الأكثر. ويطالب النقابيون منذ سنوات بإقرار قانون يضع حداً أدنى للأجور في البلاد، علماً أن الحكومة الألمانية أصبحت أكثر ميلاً لإقراره. وبعد سنة أخرى جيدة للاقتصاد الألماني، بدأت نقابات عمالية عدة تنفيذ حملة إضرابات متفرّقة في البلاد للحصول على زيادات جديدة على الأجور، تصل إلى 6.5 في المئة، رفضَها أرباب العمل الذين اقترحوا زيادة تبلغ 3.3 في المئة. وفي انتظار عقد الجولة المقبلة من المفاوضات بين الطرفين، أظهر استطلاع دوري ينشره «اتحاد غرف التجارة والصناعة» الألمانية أواخر الشهر الماضي وأجراه مع عدد كبير من الشركات الألمانية وجود تفاؤل لديها. وقال الأمين العام ل «الاتحاد» مارتين فانسليبن «أوضاع الشركات وأعمالها الراهنة لا تزال جيدة»، مضيفاً أن عجلة الاقتصاد الألماني «تدور بقوة». وأوضح أن الشركات تنتظر هذه السنة دفعاً إلى الأمام من السوق الداخلية، وأوضح أن الاتحاد ينتظر معدل نمو يبلغ واحداً في المئة في نهاية السنة. ووصف هذا الأمر ب «الخبر الجيد» بعد أن شهد اقتصاد البلاد «ركوداً في الربع الأخير من العام الماضي جرى تجاوزه». وأثنى المسؤول الألماني على استعداد الشركات الألمانية لزيادة عدد العاملين فيها، ملاحظاً أنه «يؤكد تحسّن وضعها الاقتصادي». وتوقع فرصاً لتشغيل ربع مليون شخص، وخفض البطالة هذه السنة بمقدار 150 ألفاً لتستقر على 2.8 مليون شخص. ولفت الى أن الاستطلاع أظهر أن الاستهلاك «سيبقى سنداً مهماً للنمو في البلاد هذه السنة»، ملاحظاً أن الاستثمارات تستفيد من الامكانات الموجودة ومن الفوائد المنخفضة، كما من الشروط الملائمة التي يوفرها الموقع الاقتصادي الجيّد لألمانيا. وأضاف: «التجارة الخارجية ستبقى ركيزة للاقتصاد الألماني، وإن كانت ديناميتها ستنخفض هذه المرة».