لا يمرّ أسبوع واحد من دون أن تواصل معاهد البحوث الاقتصادية الألمانية واتحادات أرباب العمل رفع توقعاتها لمعدل النمو المنتظر هذه السنة. وتؤكد بيانات واستطلاعات دورية أن عجلة الاقتصاد الألماني ما زالت تدور بسرعة بفضل امتلاء دفاتر الشركات، وتزايد الصادرات مع توقع تسجيل رقم قياسي لها هذه السنة، إضافة إلى ارتفاع الاستهلاك الداخلي وزيادة استثمارات الشركات الألمانية لتوسيع أعمالها. وجاءت زيارة رئيس الحكومة الصينية ون جياباو إلى برلين مع 13 وزيراً مطلع الأسبوع الجاري، وعقده صفقات ب10,5 بليون يورو مع الشركات الألمانية الكبرى، لتؤكد أكثر الآفاق الجيدة المنتظرة للنمو الاقتصادي في ألمانيا. وفي وقت كان «تقرير الربيع» لأهم المعاهد الاقتصادية الألمانية توقع نمواً نسبته 2,8 في المئة، رفع العدد الأكبر منها أكثر من مرة أخيراً توقعاته لمعدل النمو إلى ما بين 3,1 في المئة و 4 في المئة أي في شكل يوازي النمو المهم الذي تحقق العام الماضي أو يتجاوزه، وهو 3,6 في المئة. وارتفع قبل أيام مؤشر «إيفو» الاقتصادي الشهري المهم في شكل فاجأ الجميع بعدما ساد اعتقاد بأنه سيراوح مكانه أو ينخفض قليلاً. كما أن مؤسسة الاستهلاك الألمانية أكدت مطلع الأسبوع أن بياناتها تدل على أن النمو سيعتمد هذه السنة على عامل الاستهلاك الشخصي أكثر من اعتماده على عامل الصادرات. وفيما ذكر «معهد اقتصاد العالم» في هامبورغ أواسط الشهر الماضي أنه ينتظر نمواً من 3,5 في المئة في نهاية العام الجاري بدلاً من 2,3، رفع «معهد الاقتصاد الدولي» في كيل تقديراته إلى 3,6 في المئة بدلاً من 2,8 في المئة. أما «معهد الاقتصاد الكبير وبحوث النمو» التابع لمؤسسة «هانس بوكلر» القريبة من النقابات العمالية، فتوقع معدل نمو من 4 في المئة و2,3 في المئة السنة المقبلة. وبدوره رفع معهد بحوث الاقتصاد في رينانيا ووستفاليا في هسّن، توقعاته لمعدل النمو من 2,9 في المئة إلى 3,7. وأفاد بأن الاقتصاد الألماني «يشهد ازدهاراً قوياً يستند إلى عاملي الاستثمارات المتنامية والاستهلاك الخاص المتزايد». وفيما لا تزال الحكومة الألمانية ووزارة الاقتصاد تتوقعان رسمياً معدل نمو من 2,6 في المئة هذه السنة، أوضح وزير المال فولفغانغ شويبله في تصريح أخيراً، أنه ينتظر أكثر من 3 في المئة. ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية (الغرفة) عن الخبير الاقتصادي يواخيم شايده قوله إن ألمانيا «ستبقى سائرة على طريق تأمين العمل شبه الكامل لليد العاملة في البلد». وتوقع خبراء آخرون أن يستمر تراجع البطالة التي انخفضت الشهر الاسبق عن حدّ الثلاثة ملايين شخص لتستقر حول 2,7 مليون عام 2012. كما توقع شايده أن ترتفع الأجور، محذراً في هذا المجال «من بدء لعبة التضخم والزيادة الخطرة للأجور». ولفت إلى أن معدل التضخم الوسطي في ألمانيا سيسجل 2,4 في المئة هذه السنة، فيما المسموح به 2 في المئة فقط أوروبيا. ووصفت، المحللة المالية في مصرف «كوميرتس بنك» أولريكه روندورف الانتعاش الاقتصادي الحاصل في ألمانيا بأنه «ممتاز»، لكنها لحظت أنه سيفقد على المدى المتوسط بعض حيويته وقدّرت أن يحقق في نهاية الربع الثاني نمواً من 0,3 في المئة بعد 1,5 في المئة في الربع الأول. لكن مجموعة «سيتي غروب» المالية الألمانية توقعت حصول نمو من 0,6 في المئة. وعلى عكس تخوف الكثيرين من حصول أزمة يورو بسبب العجز المالي الذي تواجهه اليونان ودول أوروبية أخرى، أعرب معهدا كيل وهامبورغ الاقتصاديين عن اعتقادهما بإمكان التغلب على الأزمة هذه، ومنع تصعيدها وتحولها إلى إفلاس دولة تشبه الأزمة التي نتجت من إفلاس مصرف «ليمان براذرز» في الولاياتالمتحدة عام 2008، علماً أن خبراء آخرين يشككون في امكان إنقاذ اليونان من الإفلاس. ونصح المعهدان ألمانيا ب «العمل في اتجاه دعم أثينا مادياً، حتى لو اضطرت الى مواصلة الدعم مادياً لسنوات أخرى». وأكدا أن أي بديل آخر «سيكون أكثر كلفة» على أوروبا وعلى الاقتصاد الألماني بخاصة.