في تطور كان منتظراً الشهر المقبل، انخفض عدد العاطلين من العمل في ألمانيا خلال الشهر الجاري الى ما دون الثلاثة ملايين، للمرة الأولى منذ 18سنة. ويأتي هذا الحدث وسط انتعاش اقتصادي يطاول القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدماتية في البلاد، ما وضع ألمانيا في طليعة الدول الأوروبية من ناحية معدل النمو، المقدر في نهاية السنة ب3.5 في المئة. وأفاد المكتب الاتحادي للعمل أول من أمس، بأن عدد العاطلين من العمل تراجع خلال الشهر الجاري 86 ألفاً ليبلغ 2.954 مليون. ومقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي انخفضت البطالة بنحو 283 ألف شخص. وتراجع المعدل العام للبطالة من 7.7 في المئة إلى 7.5. وأوضح رئيس المكتب فرانك يورغن ان سوق العمل استفادت من انتعاش الاقتصاد، مشيراً إلى ارتفاع الطلب على العمال والمستخدمين. وكما في كل مرّة، انقسم رجال الأعمال والخبراء الألمان حول موضوع زيادة الأجور. ففي حين حذر عدد منهم العمال من المبالغة في مطالبتهم، مثل الخبير كاي كارستنزن، عتبر أن الانتعاش قد لا يصمد طويلاً، وأيده في ذلك رئيس «معهد الاقتصاد الكبير» وبحوث النمو ميشال هوتر. أما رئيس معهد بحوث الاقتصاد كلاوس تسيمّرمان فأيّد فكرة زيادة الأجور، لكنه انتقد المستشارة أنغيلا مركل وأعضاء حكومتها على تدخلها لمصلحة الزيادة، محذراً من دفع زيادات موحدة في كل القطاعات من دون التمييز بين القوي والضعيف فيها. وانتقد رئيس نقابة المستشفيات في ألمانيا غيورغ باوم بدوره المستشارة ووزير الاقتصاد على مطالبتهما بدفع زيادات تبلغ 3 في المئة وأكثر، قائلاً إن ذلك «لا يمكن فهمه أبداً في وقت تقتصد الحكومة إزاء المستشفيات»، مشيراً إلى أن الأخيرة ستكون بحاجة إلى بليون يورو من الدولة العام المقبل لتغطية نفقاتها. كذلك رفض رئيس اتحاد أرباب العمل في قطاع المعادن مارتين كانّيغيسر، مطالبة النقابات والسياسيين باعتماد الزيادة، التي دفعت أخيراً في مصانع صهر الحديد، والبالغة 3.6 في المئة في مجمل قطاع المعادن، الذي يشمل الصناعة الإلكترونية. الى ذلك، اعترف عدد غير قليل من الخبراء بأن المتوسط الفعلي لأجور الألمان، يقلّ اليوم عنه قبل 10 سنوات. وحضّ هؤلاء أرباب العمل والحكومة على إقرار حدّ أدنى للأجور، كما تطالب بذلك النقابات العمالية منذ سنوات. وفي هذا الإطار طالب اتحاد الحقوقيين الألمان في مؤتمره الذي عقده أواخر الشهر الماضي في برلين، الحكومة بسنّ قانون للحد الأدنى للأجور يشمل كل القطاعات الاقتصادية. وعلى خلفية انتعاش العمل الموقت في البلاد واتساعه، حذّر الاتحاد العمالي العام الحكومة من هذا المنحى، مشيراً الى أن الصناديق الاجتماعية والصحية والتقاعدية لن تتمكن من الصمود، من دون تأمين وظائف دائمة، والقيام بما هو مطلوب منها إزاء المنتسبين اليها.