أجمعت اتحادات أصحاب العمل ومعاهد البحوث الاقتصادية الألمانية والأوروبية والدولية في الأسابيع الماضية، على ان الانتعاش الاستثنائي الذي يشهده الاقتصاد الألماني حالياً، هو انتعاش صلب وسيتواصل السنة المقبلة أيضاً، وإن لم يكن بالوتيرة العالية ذاتها. وأصبح من شبه المؤكد ان النمو في الناتج المحلي الإجمالي السنوي لألمانيا، سيسجل هذه السنة 3.5 في المئة، واثنين في المئة عام 2011، ما سيضع ألمانيا في مقدم الدول الأوروبية والغربية، خصوصاً ان متوسط النمو في دول الاتحاد الأوروبي سيبلغ 1.6 في المئة هذه السنة و1.3 في المئة السنة المقبلة، وفقاً للتوقعات. وفي الوقت ذاته حقق «مؤشر داكس» للأسهم في بورصة فرانكفورت قفزات مهمة خلال الأسبوعين الماضيين، تجاوز فيها حدّ ستة آلاف و500 نقطة بعد مخاض طويل، ثم قفز إلى ما فوق ستة آلاف و750 نقطة دفعة واحدة في آخر يومي تداول الأسبوع الماضي. وعاد اليورو إلى الارتفاع من جديد أمام العملة الخضراء والعملات الأخرى، مخترقاً عتبة 1.4 دولار، من دون ان يثير ذلك قلق الشركات الألمانية المصدرة. وأظهر «تقرير الخريف» السنوي الصادر أواسط الشهر الماضي عن أهم معاهد البحوث في البلاد، بتكليف من الحكومة الألمانية، ان معدل النمو المنتظر هذه السنة سيكون الأقوى منذ الوحدة عام 1990، متوقعاً ان يعود الاقتصاد الألماني نهاية السنة المقبلة إلى المستوى الجيد الذي وصل إليه صيف 2007، قبل بدء الأزمة المالية الدولية. وتوقع التقرير انخفاض البطالة عام 2011 إلى ما دون 2.9 مليون شخص عن العمل، الأمر الذي تحقق عملياً الشهر الماضي. ولفت التقرير إلى ان العجز في موازنة الدولة سيتراجع هذه السنة إلى 3.8 في المئة، والعام المقبل إلى 2.7 في المئة، بفضل جباية الدولة ضرائب ورسوم. وسيمكّن هذا الأمر ألمانيا من ان تكون الدولة الأولى التي ستلتزم بمعاهدة ماسترخت، قبل سنتين من الموعد الذي حددته المفوضية الأوروبية لها، ولمعظم دول منطقة اليورو. وتحدد المعاهدة سقفاً للعجز المالي المسموح به في الموازنة العامة عند ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأورد التقرير الاقتصادي الشهري الصادر عن «غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية»، ان دراسة وضعتها شركة الاستشارات «ميكنسي» أواسط الشهر الماضي، بطلب من صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ»، أظهرت ان إنتاج القطاعات الألمانية تجاوز هذه السنة إنتاج متوسط الدول الأوروبية ليسجل 10 في المئة، في مقابل 8.5 في المئة عام 2009، و5.8 في المئة عام الأزمة الاقتصادية في 2008. وتوقع اتحاد الصناعة الألمانية أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، تحسناً ملموساً في الصادرات، معتبراً ان ارتفاع سعر اليورو لا يشكل أي قلق على حجم الطلبات المنتظرة. وتوقع صندوق النقد الدولي نمواً لألمانيا ب 3.3 في المئة هذه السنة واثنين في المئة عام 2011، مؤكدا أنه سيكون أعلى من النمو الذي سيتحقق في عدد كبير من الدول الصناعية. وفيما أعلن «اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية» ان استطلاعاً للرأي أجراه مع 28 ألف شركة، أظهر ان سوق العمل ستؤمّن عام 2011 نحو 300 ألف وظيفة جديدة، خصوصاً في قطاع الصحة وقطاعات الخدمات والبحوث والتجارة، أعلن معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ، ان استطلاعاً أجراه حول الأمر ذاته، أشار إلى ان 90 في المئة من الشركات الألمانية تخطط لزيادة عدد العاملين فيها خلال الشهور المقبلة، إنما في الغالب على قاعدة عقود عمل موقتة. ويستعد «اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة» (بي جي اتش) للاحتفاء بتسجيل رقم قياسي ألماني جديد في قيمة الصادرات إلى الخارج السنة المقبلة، إذ يُتوقع ان تتجاوز تريليون يورو للمرة الأولى في تاريخ البلاد، لتسجل تريليون وثلاثة بلايين يورو، في مقابل 937 بليون يورو لهذه السنة.