توجه 100 ألف فلسطيني إلى حيي الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة لتفقد منازلهم، مستغلين ساعات «التهدئة الإنسانية» ال12 التي بدأت عند الثامنة من صباح أمس. وسار الآلاف منهم مشياً على الأقدام كيلومترات عدة قادمين من مدارس أو منازل أقاربهم التي لجأوا اليهم من العشرين من الشهر الجاري، أي بعد يومين من بدء العدوان البري، يحدو كل واحد فيهم الأمل في أن يجد بيته لا يزال قائماً. واندفع عشرات الآلاف من سكان الحيين ومدينة غزة إلى الشوارع بسياراتهم وعرباتهم وشاحناتهم الصغيرة بكثافة «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه» من منازلهم المدمرة، وجلب ملابس وفرشات وأغطية والحاجات اللازمة، ليعودوا إلى أماكن لجوئهم قبل أن تنتهي مدة التهدئة القصيرة. وبكى كثيرون بمرارة عندما وصلوا إلى منازلهم المدمرة، فيما انشغل آخرون بالبحث تحت الركام عن أغراضهم وأثاثهم وأجهزتهم الكهربائية وغيرها. وغطى ركام المنازل وقطع الطوب والحديد المتناثرة أرضيات الشوارع، فيما أغلقت شوارع بأكملها بالركام. كما سارع آخرون لمساعدة فرق الدفاع المدني في البحث عن جثامين الشهداء، وتشييعهم إلى مثواهم الأخير. وقالت مصادر طبية أنه تم انتشال نحو 100 جثة من مناطق متفرقة من القطاع خلال ساعات التهدئة، من بينها 33 جثة من بلدة بيت حانون شمال القطاع، سقط معظمهم نتيجة القصف المكثف على البلدة ليل الجمعة - السبت. كما استشهد عشرات آخرون ليل الجمعة - السبت في مناطق القطاع، خصوصا المناطق الواقعة على طول الحدود الشرقية البالغ طولها نحو 50 كيلومتراً، ما رفع عدد الشهداء إلى ألف، والجرحى إلى نحو 5700. وعلى رغم أن التهدئة الموقتة جاءت لتمكين الفلسطينيين من جمع رفات شهدائهم، إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت الطواقم الطبية من دخول بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع غزة التي تتعرض إلى مجازر كبيرة منذ أيام عدة راح ضحيتها 80 شهيداً ومئات الجرحى. وناشد سكان البلدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل العاجل والفوري والتنسيق للسماح الطواقم الطبية للعبور للبلدة للتمكن من انتشال أقاربهم. لكن كثيرين آثروا المغامرة والدخول إلى المناطق «المحرمة»، وانتشلوا عددا قليلاً من الجثث. وكان مصدر في الأممالمتحدة قال ل «الحياة» في ساعة متقدمة من ليل الجمعة - السبت، إن فصائل المقاومة وإسرائيل وافقت على «تهدئة إنسانية» لمدة 12 ساعة تبدأ عند الثامنة صباحاً من اليوم التاسع عشر من العدوان المتواصل على القطاع. وقبل دخول التهدئة حيز التنفيذ، كثفت قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على المناطق المختلفة في القطاع. وارتكبت مجزرة بشعة في حق عائلة النجار المهجرة من قرية خزاعة هرباً من الموت بسبب كثافة القصف الجوي والمدفعي إلى مخيم اللاجئين في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إذ أبيدت العائلة، لكن بصواريخ الطائرات هذه المرة. وقالت مصادر طبية إن عشرين من أبناء العائلة استشهدوا، من بينهم 11 طفلا، وأربعة نساء، وأصيب عدد آخر بجروح عندما قصفت طائرات حربية إسرائيلية المنزل الذي لجأوا إليه والمؤلف من أربع طبقات، ودمرته على رؤوسهم. كما استشهد الفتى حسام عبد الغني ياسين (15 عاماً)، وهو حفيد مؤسس «حماس» الشهيد أحمد ياسين، في استهداف منزل لعائلة الكجك في مدينة غزة، والتي استشهد أحد أفرادها أيضاً. واستهدفت قوات الاحتلال مستشفى بيت حانون بالقصف. كما استشهد مسعفاً بعد قصف سيارة اسعاف كان يستقلها، ما رفع عدد الشهداء المسعفين إلى سبعة، و16 جريحاً منذ بدء العدوان في الثامن من الشهر الجاري. وحتى دخول التهدئة حيز التنفيذ، واصلت فصائل المقاومة الرد على جرائم الحرب الإسرائيلية وقتل المدنيين العزل وتدمير المساكن والمستشفيات. وقبل دخول التهدئة حيز التنفيذ، شهدت بلدة بيت حانون ومنطقة وادي السلقا جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع وشمال بلدة القرارة المجاورة لها اشتباكات مسلحة عنيفة جداً. وأطلقت الفصائل، خصوصاً «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، و «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الاسلامي»، عشرات الصواريخ على بلدات جنوب إسرائيل ووسطها وصولاً إلى منطقة تل أبيب. وأعلنت «القسام» أن إحدى مجموعاتها قتلت فجر أمس في مكمن في منطقة كيسوفيم عدداً من الجنود بعدما اشتبكت معهم من مسافة صفر «واكتفى العدو بالاعتراف بمقتل اثنين» منهم. كما فجرت «عبوة برميلية» أسفل دبابة «ميركفاه» مقابل أبراج الندى قرب بيت حانون وأصابتها في شكل مباشر. وأعلنت «القسام» أنها أطلقت منذ بدء العدوان 1975 صاروخاً وقذيفة، من بينها 216 صاروخا من طرازات «ار 160» و «جى 80 و «فجر 5» و «اس 55»، وقتلت 80 جندياً. فيما أعلنت «كتائب المقاومة الوطنية»، الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية أنها أطلقت منذ بدء العدوان 463 صاروخاً وقذيفة وقتلت أربعة جنود. من جانبها، أعلنت إسرائيل مقتل ثلاثة جنود أمس، وأربعة ليل الجمعة- السبت، ما يرفع عدد القتلى من الجنود إلى 40. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن 35 جندياً أصيبوا خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في غزة، من بينهم 13 في حال الخطر. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف ليل الجمعة- السبت 155 هدفاً في القطاع، فيما قالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال ألقت أكثر من عشرة آلاف طن من المتفجرات على القطاع منذ بدء العدوان.