في اليوم الثامن عشر للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أدى القصف الجوي والبري والبحري الإسرائيلي إلى استشهاد 40 فلسطينياً، ما رفع إجمالي عدد الشهداء إلى 840، والجرحى إلى أكثر من 5400، كما نزح مزيد من الفلسطينيين عن منازلهم، بعد تهديدات إسرائيلية بقصفها، ليرتفع عدد المهجرين إلى 230 ألفاً، في وقت واصلت فصائل المقاومة موحدة التصدي لقوات الاحتلال المتوغلة في المناطق الشمالية وعلى طول الحدود الشرقية للقطاع، وإطلاق عشرات الصواريخ على بلدات إسرائيلية. وأعلنت إسرائيل أمس مقتل جندي من قوات النخبة، فيما أعلنت «كتائب القسام» أنها قتلت عشرة جنود في اشتباكات وجهاً لوجه في بلدة بيت حانون شمال القطاع أمس. لكن عيون الفلسطينيين في قطاع غزة «رحلت» أمس نحو القدس والضفة الغربية حيث سقط عدد من الشهداء والجرحى في مواجهات دامية في مدن عدة، يحدوهم الأمل أن ترتفع وتيرة التضامن معهم، وصولاً إلى انتفاضة ثالثة تُنهي الاحتلال الإسرائيلي لوطنهم. ورحبت الفصائل بهذا التطور الذي جاء بعد أيام قليلة على تغيير الرئيس محمود عباس موقفه الرافض شروط المقاومة عبر تبنيها ودعمها في الحراك السياسي الهادف إلى التوصل إلى تهدئة شاملة. ووصف الناطق باسم حركة «حماس» فوزي برهوم تصاعد المواجهات مع الاحتلال على حاجز قلنديا الذي يفصل مدينة القدسالمحتلة عن امتدادها الطبيعي في الضفة، بأنه «عمل مقاوم وشجاع». وقال في تصريح مقتضب إن «المطلوب استمرارها (المواجهات) وانتشارها في كل مدن الضفة». ثم دعا في تصريح منفصل «أهلنا في الضفة» إلى «نصرة فعلية لغزة بإشعال انتفاضة عارمة بمشاركة الجميع، والاشتباك مع العدو على كل المحاور وخطوط التماس». ورأت حركة «الجهاد الإسلامي» أن «هبة المقدسيين وأهالي الضفة في وجه الاحتلال، ستنتصر لدماء ضحايا غزة الذين تُقترف في حقهم مجازر إبادة جماعية». واعتبرت في بيان أمس أن ما تشهده مدينة القدس والضفة من مواجهات مع جيش الاحتلال «دليل على لحمة شعبنا». وشددت على أن «دخول أهالي الضفة على خط المواجهة التي تخوضها غزة، كفيل بإرهاق الاحتلال، واستنزافه، وتقهقره، ولجم عدوانه المتواصل ضد الأبرياء في القطاع». ورجحت أن «انتصار غزة سيكمله ثوار الضفة وإخوان الشهداء القادة محمود طوالبة، ويحيى عياش، ورائد الكرمي». من جهتها، اعتبرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أن «الحراك الشعبي الملحمي» في القدس والضفة «امتداد طبيعي لمقاومة شعبنا الباسلة في قطاع غزة، وجزء مكمل ويرسم ملحمة التلاحم والوحدة لشعب واحد وموحد». واعتبرت أن «مسيرة ال 48 ألفاً، وما شهدته من مواجهات بطولية وتضحيات ما هي إلا بداية لحراك شعبي سيتواصل حتى تحقيق النصر في غزة وكل أرض فلسطين». في غضون ذلك، أعلنت «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) أن نحو 230 ألف فلسطيني شُرّدوا من منازلهم نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل، مشيرة إلى أن «160 ألفاً منهم يقيمون في منشآتها». وجددت دعوتها لكل الأطراف إلى «احترام القانون الدولي والإنساني، وعدم التعدي على ممتلكات الأممالمتحدة في قطاع غزة». بدورها، دعت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إلى فتح ممر آمن في غزة لتمكين عمال الإغاثة الإنسانية من انتشال جثامين الشهداء الفلسطينيين وإجلاء الجرحى، وإمداد مستشفيات القطاع بالمستلزمات الطبية والأدوية الضرورية. وقالت في بيان أمس إن «أربعة مستشفيات، من بينها مستشفى (شهداء) الأقصى في القطاع الصحي، تضررت» نتيجة القصف المتواصل منذ بدء العدوان في الثامن من الشهر الجاري. من جهته، قال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري إن الحركة «قبلت بتهدئة إنسانية لمدة ثلاث ساعات لتمكين سيارات الإسعاف من إخلاء الشهداء والجرحى». وأضاف إن الحركة «تلقت اتصالاً من الصليب الأحمر بسبب التهدئة، ووافقت» الحركة عليها، إلا أن «الاحتلال رفض التهدئة، ولا يسمح لسيارات الإسعاف بأن تقوم بدورها». ميدانياً، ارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا في القطاع نتيجة استمرار الغارات الجوية والبرية والبحرية منذ 18 يوماً أمس إلى 840. وتمكنت فرق الإسعاف أمس من انتشال سبعة جثامين متحللة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وشهيدين من حي الزيتون جنوبها. كما استشهد أكثر من 20 فلسطينياً أمس، من بينهم مسؤول الإعلام الحربي في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد». قيادي في «الجهاد» بين الشهداء وأعلنت «السرايا» استشهاد مسؤول إعلامها الحربي صلاح أحمد أبو حسنين (45 سنة) وثلاثة من أبنائه تتراوح أعمارهم بين تسعة و 15 سنة، وإصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة بعد قصف منزله في مدينة رفح جنوب القطاع عقب وصوله إليه اشتياقاً لأبنائه الذين لم يرهم منذ بدء العدوان. كما استشهدت شيماء حسين قنن (23 سنة)، وهي حامل، نتيجة قصف منزل لعائلة الشيخ، إلا أن الأطباء في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع تمكنوا من إنقاذ جنينها. وواصلت قوات الاحتلال استهداف الأطقم الطبية، إذ ارتكبت جريمة حرب جديدة عندما قصف سيارة إسعاف وقتلت مسعفاً بينما كان يحاول تقديم يد العون للجرحى. كما أطلقت طائرة استطلاع من دون طيار ثلاثة صواريخ على سيارة إسعاف شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع سقط أولها أمام السيارة، فتركها فوراً السائق والطبيب والممرض قبل استهدافها بصاروخين، ما أدى إلى تدميرها، وإصابة الثلاثة بجروح. رد المقاومة في هذه الأثناء، أعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أمس أنها استدرجت قوة إسرائيلية خاصة إلى منزل شرق بلدة بيت حانون وفجرت عبوات ناسفة فيه، وقصفت مدينة أسدود بخمسة صواريخ «غراد»، وتل أبيب بصاروخ «فجر 5»، وآخر من طراز «أم 75»، وعسقلان بخمسة «غراد»، ومطار بن غوريون بثلاثة «أم 75». وتبنت «كتائب الأقصى - لواء العامودي» التابعة لحركة «فتح» قصف بئر السبع واسدود بثلاثة صواريخ «غراد». وأعلنت ألوية الناصر صلاح الدين قصف مستوطنات غلاف غزة بنحو 70 صاروخاً رداً على مجزرة بيت حانون أول من أمس. أما «سرايا القدس»، فأعلنت قصف اسدود وبئر السبع بخمسة صواريخ «غراد»، وكريات ملاخي بصاروخي «غراد» وياد مردخاي بأربعة 107. كما أعلنت أنها قصفت منذ بدء العدوان «المدن والمستوطنات والمواقع الصهيونية بأكثر من 1700 صاروخ وقذيفة»، فضلاً عن استشهاد 13 من عناصرها. بدورها، أعلنت إسرائيل مقتل جندي من قوات النخبة أمس في اشتباكات في القطاع، ما رفع عدد الجنود القتلى منذ بدء العدوان البري في 19 الجاري إلى 33، وإصابة قائد الكتيبة 12 في «لواء غولاني» بجروح خطيرة جداً في حي الشجاعية. كما أعلنت أن الجندي أورون شاؤول، الذي أسرته «كتائب القسام» الأحد الماضي في معركة شرسة في حي التفاح شرق غزة «قتيل مجهول مكان دفنه».