حضر الزعماء العرب اخيراً الى ضفة دجلة. اجتمعوا تحت قبة قصر مبهر، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري انه كان المكان الذي خطط فيه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لغزو الكويت العام 1990، وتحول مقراً للسفارة الأميركية طوال اكثر من ست سنوات. كان امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح نجم القمة، شكلت زيارته الأولى لبغداد منذ عقدين رمزاً كبيراً، واضافت زخماً خليجياً إلى المؤتمر الذي حضره ايضاً زعماء تونس وليبيا وجيبوتي ولبنان وفلسطين والصومال وجزر القمر والسودان، فيما مثل الدول الاخرى رؤساء حكومات ووزراء خارجية. وجاء تمثيل المملكة العربية السعودية وقطر عبر سفيريهما لدى جامعة الدول العربية. الحكومة العراقية حشدت اكثر من 100 الف رجل أمن لحماية القمة وأعلنت حظر تجول شاملا، تزامن مع قطع كامل للاتصالات في بغداد، استثنيت منه منطقة الكرادة التي تقع فيها ابرز الفنادق حيث اقامت فيها الوفود، فيما اشرف طاقم خدمات يضم مئات المضيفين والمضيفات والطباخين والمنظمين الاتراك الذين تعاقدت معهم الحكومة العراقية خصيصاً لتوفير اقصى مستويات «البذخ» في الضيافة، ولتجنب الخروقات الامنية التي يمكن ان تحدث عند الاستعانة بكوادر عراقية. بعض الوفود اعرب عن «دهشته» لقدرة بغداد على توفير رفاهية غير متوقعة للوفود، فيما تعاني المدينة في الاساس من الفقر والبطالة وانعدام الخدمات الاساسية وغياب الطاقة معظم ساعات اليوم. الاجواء الربيعية ساعدت في اظهار بغداد بشكل مختلف لم تكدره العواصف الترابية التي تتعرض لها المدينة في مثل هذا الوقت كل عام. التقطت كاميرات النقل التلفزيوني مراراً عيون الوفود معلقة في سقف قاعة الاجتماعات، فهو السقف الذي بناه صدام حسين منتصف التسعينات ليخلد، حسب المهندسين العراقيين الذين اشرفوا على بنائه، قصف العراق لاسرائيل ب 39 صاروخاً خلال حرب العام 1991، وأزالت الترميمات التي سبقت القمة، نفذت بعضها السفارة الاميركية خلال فترة شغلها المكان، رسومات لفنانين عراقيين تشير الى عمليات القصف تلك. وكان معظم الزعماء العراقيين الحاليين وجهوا انتقادات لاذعة إلى انشغال النظام السابق ببناء القصور، فيما الشعب يعاني الفاقة والحصار. الانطباع الذي خرجت به الوفود من بغداد بعد القمة، كان يتعلق في الغالب بالإقرار بقدرة العراق على تنظيم مؤتمرات مهمة وحمايتها امنياً، وعودة العراق للعب دور أكبر على الصعيد العربي. لكن عودة العراق الى المنظومة العربية جاءت من بوابة الازمة السورية التي ولدت وجهات نظر متفاوتة انعكست في كلمات الزعماء ورؤساء الوفود خلال القمة. وكان حضور اعمدة «الربيع العربي»، في تونس وليبيا ومصر واليمن، للقمة باختلاف مستويات التمثيل يشكل مدخلاً جديداً لحضور العراق العربي، إذ ركزت كلمات المسؤولين العراقيين على تحية هذه الدول والترحيب بثوراتها، وقدم الرئيس التونسي اعتذاراً الى الشعب العراقي لمشاركة تونسيين في اعمال ارهابية في العراق. ومع وجود تركيا على تماس مباشر مع الوفود عبر شركاتها التي نظمت عملياً قمة بغداد واعادت اعمار الفنادق والشوارع ومقار القمة ووفرت الادوات المكتبية والزهور وحتى عشرات الالاف من البزات الرسمية وربطات العنق التي وزعت على رجال الامن والموظفين العراقيين، فإن ايران كانت غائبة تماماً طوال فترة انعقادها ولم تحضر الا في كلمة امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الذي طالبها بالتزام القرارات الدولية لتسوية مسألة برنامجها النووي سلمياً، فيما لم يفلت من الاجراءات الامنية الصارمة خلال انعقاد القمة سوى صاروخ كاتيوشا واحد سقط قرب سفارة طهران المجاورة للمنطقة الخضراء ولم يعرف مصدر اطلاقه.