يؤكد علي الدباغ، الناطق باسم الحكومة العراقية الذي يشغل أيضاً منصب الناطق باسم القمة العربية المزمع عقدها في بغداد نهاية آذار (مارس)، أن إعادة هيكلة الجامعة العربية ستكون أبرز القضايا التي سيتبناها العراق خلال القمة، ويشير في حديث الى «الحياة» إلى أن بغداد لن تتبنى أي «مخططات» إقليمية خارج الإجماع العربي خلال ترؤسها القمة. وهنا نص الحديث: ما زال الجدل دائراً قبل أسابيع من موعد قمة بغداد عن انعقادها من عدمه، فهل حسم هذا الأمر؟ - العراق والجامعه العربية ودول عربية كثيرة ترى أن عقد القمة أمر ضروري، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على موعد القمة في 29 من آذار يسبقه اجتماع لوزارء الخارجية يوم 28 واجتماع لوزراء الاقتصاد والتجارة يوم 27 من الشهر ذاته. ومستوى التمثيل؟ - مستوى التمثيل يخص الدول العربية نفسها وما تراه مناسباً لكن نحن نعتقد أن ظروف قمة بغداد مهمة وحساسة، فالزعماء العرب لم يجتمعوا بغرض التشاور منذ عامين حول الكثير من القضايا والتطورات التي تمر بها الدول العربية، ومن المؤسف أن يتم البحث في هذه المحاور في المحافل الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوربي فيما الاجتماعات العربية غائبة. قمة بغداد ستجري مقاربة للظروف التي تشهدها المنطقة وأهميتها تستدعي أن يكون مستوى التمثيل بمستوى التحديات. لكن الحكومة أرسلت مبعوثين لتوجيه الدعوات الرسمية ويفترض أن يكون لديكم تصور حول مستوى التمثيل؟ - الحكومة أرسلت الوفود إلى الزعماء العرب ولم نتلقّ أي رد سلبي، لكن مستوى التمثيل ستقرره الدول لاحقاً وفق ظروفها. استلمنا تأكيدات من بعض الدول حول حضور زعمائها ونتطلع إلى أن تكون القمة مناسبة لحضور كل الزعماء. ما أستطيع تأكيده أن جلالة ملك الأردن سيحضر وكذلك الرئيس اللبناني وأمير الكويت وولي عهد أبو ظبي، ووزير خارجية البحرين، كما أن دولاً مثل الجزائر ومصر وليبيا واليمن سيكون تمثيلها جيداً، وفي شكل عام هناك اهتمام من الجميع بحضور القمة. العراق أعلن التزامه بالإجماع العربي حول عدم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد فهل حسم هذا الأمر؟ - الدعوات وجهت إلى عشرين دولة ليس بينها سورية، ونحن ملتزمون بقرارات الجامعة العربية التي قررت تعليق عضوية سورية في كل الاجتماعات، سورية لن تحضر وأيضاً المجلس الانتقالي السوري لن يحضر، لأن القمة هي للدول ومع هذا سيكون الملف السوري على جدول الأعمال. لكن مؤتمر أصدقاء سورية الذي عقد في تونس أخيراً وكذلك التحركات الدولية في هذا الشأن، تضعف قدرة قمة بغداد على الخروج بمقاربات جديدة حول القضية؟ - مناقشة القضية السورية ضمن الإطار العربي هو الأهم، مؤتمر تونس عقد من أجل الحصول على دعم معين ولم يستطع ذلك، نحن مع الشعب السوري ومع حريته في اختيار نظامه وآلية الحكم، ولكن نعتقد أن البيت العربي هو الأهم في مناقشة الوضع في سورية، وأية مناقشات تخرج عن الإطار العربي تعني تدويل القضية وتستدعي تدخلاً دولياً، ونحن نخشى من هذا السيناريو. لكن هناك من يعتقد أن قمة يترأسها العراق لا يمكن أن تخرج بقرارات حاسمة حول سورية مثل تسليح المعارضة أو الاعتراف بها؟ - أن يترأس العراق القمة لا يعني أن هناك قرارات «راديكالية». دول عربية كثيرة تشارك العراق مخاوفه حول سورية كتونسوالجزائر وعمان، وأعتقد أن قرار تسليح المعارضة لن تتخذه الجامعة خلال مؤتمر القمة لأن هذا القرار له تبعات ويحتاج إلى مظلة دولية ولا بد أن يكون من خلال تدخل عسكري، نحن كدولة مجاورة لسورية ما زالت لدينا مخاوف من تطورات الوضع هناك لكن هذا لا يعني أن يستثمر العراق رئاسته للقمة للخروج بقرارات أو مخططات تخالف الرؤية العربية المشتركة. الرؤية العربية دعني أركز على جملتك الأخيرة، هل تعني أن العراق لن يساهم كرئيس للقمة العربية في دعم النظام السوري في نطاق تأثيرات إيران مثلاً؟ - العراق لن يستثمر رئاسته القمة العربية في تنفيذ أجندات إقليمية حول سورية، فهو سيمثل الجامعة العربية والرؤية العربية ولن تكون هناك تأثيرات إقليمية. العراق سيكون نزيهاً في ترؤسه العمل العربي المشترك بما يضمن الخروج بالحد الأدنى من التوافق، ولن تكون هناك كما قلت خطوات «راديكالية» قد تسبب تشتت المواقف العربية. هل تم تحديد جدول الأعمال؟ - رؤية العراق أن لا يكون جدول أعمال القمة متخماً بالقضايا فلا يمكن القادة مناقشتها، بند فلسطين ثابت في القمة العربية، ونتطلع أن نناقش الوضع الاقتصادي العربي، العراق يحتاج إلى أشقائه العرب في مجال النهوض الاقتصادي مثلما أن العرب يحتاجون العراق ولهذا فإننا نسعى أن يكون التعاون الاقتصادي هو مدخل نجاح للقمة. أضف إلى ذلك أن العراق يعتقد أن الأوان حان للحديث عن هيكلة الجامعة العربية وتجديد شبابها وأن تكون فاعلة أكثر ونعمل على إدراج هذه القضية في جدول الأعمال، وهناك أيضاً ملف حقوق الإنسان فنحن نعتقد بضرورة وضع آليات ومواثيق واضحة لحقوق الإنسان في الدول العربية وإيجاد آليات عربية لمراقبة هذا الملف بديلاً عن التوجه إلى منظمات دولية تكيل بأكثر من مكيال. أفهم من كلامك أن العراق متحمس لتغيير هيكلية الجامعة العربية وآلياتها، هل لديكم مشروع سيطرح على الزعماء العرب؟ - المشروع ليس عراقياً وتم طرحه خلال القمم السابقة لكن لم يتم تفعيله، نعتقد أن الأوضاع الحالية تتطلب المضي في هيكلة الجامعة العربية. نحن في عصر الشعوب، والجامعة يجب أن تناصر الحريات في الدول العربية. «القائمة العراقية» هددت بطرح موضوع الخلاف السياسي الداخلي على جدول عمل القمة فما هو موقف الحكومة؟ - ليس من المألوف أن تطرح قضايا داخلية صرفة في اجتماعات القمة، ومن روّج لهذا الأمر يعلم جيداً أنها دعوات إعلامية لن تجد لها طريقاً إلى جدول الأعمال، ونأمل من السياسيين أن يعزلوا الخلافات السياسية الداخلية عن المشترك الوطني. الحكومة لن تسمح بأي نوع من التشويش على القمة العربية، وجدول الأعمال لن يضم أي مناقشة لقضايا داخلية. لكن العراق لم يكن لديه تحفظات من طرح القضايا الداخلية على القمم السابقة؟ - العراق كان يحاول أن يقارب علاقته مع دول الجوار والعراق كان محتلاً وله أزمات أمنية ومن هذه الناحية طرحت القضية العراقية على القمم السابقة، ولكن الخلافات الحالية خلافات داخلية ما زالت محل بحث ضمن الإطار الوطني، وهناك خلافات داخلية كبيرة في مصر وليبيا واليمن وغيرها. والحديث عن تفاصيلها في مؤتمر القمة غير ممكن. جرى الحديث أخيراً عن قضية المعتقلين العرب في العراق، وتمت تسريبات أن هناك مرونة في هذا الملف قبيل القمة العربية؟ - لا يوجد جديد، فهذه قضية قضائية، فالمحكومون العرب يبت القضاء العراقي في مصيرهم، والحكومة ليس لديها دخل في هذا الموضوع، وتم الحديث أخيراً مع عدد من الدول ومنها المملكة العربية السعودية حول تبادل السجناء لكن هذا الأمر لن يتم إلا بتوقيع اتفاقيات ثنائية لتبادل السجناء، والعراق لم يوقع حتى الآن أية اتفاقية للتبادل وبالتالي الأمر منوط بمجلس القضاء هو ينظر إمكان حصول ذلك. تعيين السفير السعودي غير المقيم في العراق أخيراً، هل كان ثمرة التهيئة للقمة العربية؟ - الاتصالات قائمة منذ سنوات والوفد السعودي جاء إلى العراق منذ أكثر من عامين وكان من المفترض أن تفتح السفارة في حينها، من جانبنا نتوقع أن يتم تعيين سفير مقيم في العراق فهناك مشتركات كثيرة بين البلدين وهناك آفاق واسعة للتعاون خصوصاً في الجانب الاقتصادي. شروط داخلية سمعنا عبر وسائل الإعلام المحلية تلمحيات إلى أن دولاً عربية قدمت شروطاً تتعلق بالوضع السياسي العراقي مقابل مشاركتها في القمة؟ - لا أتصور أن الدول العربية تتحدث عن هذا الأمر الداخلي، وأستبعد أن يستمع العراق إلى مثل هكذا شروط، العراق فيه مشاكل، لكننا نعتقد أن العراقيين هم من يجدون الحلول، وخذ مثلاً أن كل الأجندات الخارجية لم تستطع تشكيل الحكومة الحالية إلا عندما اجتمع الزعماء العراقيون واتفقوا على تشكيلها في نطاق مؤتمر أربيل. العراق يسعى إلى علاقات طيبة مع جيرانه وطبيعية مع الجميع لكنه لا يريد أن يكون ظلاً للدولة على حساب دولة أخرى، يجب أن يفهم الجميع أن العراق لم يعد عراق صدام ولا نسعى أن يكون لديه مخالب. هناك زيارة متوقعة لرئيس الحكومة نوري المالكي إلى الكويت هل تم تحديد موعد الزيارة؟ - ننتظر من الكويت تحديد موعد زيارة الوفد العراقي. هناك غموض يسود العلاقة مع الكويت، فنحن نسمع مثلاً أن العراق يطالب بتحويل التعويضات عن حرب الخليج إلى استثمارات كويتية والكويت ترفض، ثم نكتشف أن الكويت هي من كان يطالب بهذا الحل والعراق هو من يرفض؟ - لم يتم طرح هذه المسأله بصورة رسمية، طرحت على رئيس البرلمان السابق عندما زار الكويت ولم تكن للحكومة رؤية محددة حول القضية. هذا الأمر يجب أن يناقش بتفاصيلة لا سيما أنه قرار أممي، بالنسبة للتعويضات الشعب العراقي لم يكن سبباً في ما جرى، الشعب دفع الكثير ويجب أن لا يعاقب مرتين يجب لأن ننظر إلى المستقبل لا إلى الماضي. هل ستركز الزيارة على موضوع ميناء مبارك إذاً؟ - حتى موضوع ميناء مبارك يجب أن يتم النظر إليه من زوايا تحقيق المصالح المشتركة وأن لا يتم تجاهل مصالح الطرف الآخر، فإطلالة العراق المائية محدودة على الخليج عكس الكويت وبالتالي فإنه أكثر حساسية من الكويتيين تجاه ما يمكن أن يعيق هذه الإطلالة. على إخواننا في الكويت أن يتفهموا قلق العراق لأن هذا القلق مشروع ولا يرقى لأن يكون تهديداً. التصعيد الأخير مع تركيا انفجر ثم انحسر ماذا حدث؟ - الأزمة بدأت من تركيا، وهي أزمة شخصية ولا ضرورة لها وتم تجاوزها بحكمة وبطريقة تحرص على العلاقة مع الجارة تركيا بعيداً من الأمور الشخصية والرؤية الشخصية، فالنظام العراقي نظام مؤسسات ولم يعد يرتبط بشخص الرئيس ويعلق مصير البلد على غضبه.