بدأت خريطة الانتخابات الرئاسية في مصر تتضح، قبل نحو أسبوعين من انتهاء فترة قبول أوراق الترشح، وبدا أن «معركة الدستور»، مرشحة للاحتدام، وأن مواجهة تلوح في الأفق بين التيار الإسلامي والقوى المدنية. وأصبح الأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسى أول المرشحين للرئاسة. وبينما أعلنت أحزاب ليبرالية انسحابها من عملية الاقتراع على تشكيل لجنة الدستور التي أجريت أمس في الاجتماع المشترك للبرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى)، واستمرت حتى ليل أمس، كانت قوى شبابية تتظاهر أمام مقر الاجتماع في قاعة المؤتمرات في ضاحية مدينة نصر احتجاجاً على ما اعتبرته «مؤشرات على انفراد الإسلاميين في عملية وضع الدستور». وكانت موجة من الانسحابات بدأت مع بدء الاقتراع على تشكيلة لجنة الدستور التي تضم 100 عضو، مع إعلان مؤسس حزب «العدل» النائب مصطفى النجار انسحابه، تبعه إعلان نواب تحالف «الثورة مستمرة»، ونواب أحزاب «المصري الديموقراطي» و «المصريين الأحرار»، ما وضع الحزبين الإسلاميين الرئيسيين «الحرية والعدالة» و «النور» في عزلة. وأعلن أحمد سعيد، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، وزياد بهاء الدين، رئيس الهيئة البرلمانية ل «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، ومصطفى الجندي من قائمة «الثورة مستمرة»، انسحابهم وأحزابهم في شكل رسمي من الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى، المتعلق باختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور. وقال سعيد، في مؤتمر صحافي، إن الانسحاب جاء احتجاجاً على عدم ضمانة إجراءات عملية اختيار ال 50 عضواً من الشخصيات العامة والهيئات، وما تفقده من عدم وجود معايير حقيقية تعكس التمثيل الحقيقي لكل طوائف المجتمع، مضيفاً أنهم امتنعوا عن التصويت في الانتخابات التي أجريت اليوم، لأن وضع الدستور يستحق مشاركة أساتذة متخصصين وفقهاء قانون وكبار قامات مصر، وليست أسماء مرشحة من الغالبية فقط. وقال زياد بهاء الدين إن الانسحاب جاء بعد ساعة من المناقشات مع الدكتور محمد سعد الكتاتني، حيث أبدوا له خلال المناقشات تحفظهم على طريقة التصويت للأعضاء من خارج البرلمان، لافتاً إلى أنه سيعلن موقفه في شكل رسمي في مؤتمر «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي». وكان المرشد العام لجماعة «الإخوان» محمد بديع استبق الاجتماع المشترك للبرلمان، بالسعي إلى طمأنة المتخوفين من سيطرة الإسلاميين على عملية وضع الدستور، مؤكداً في مؤتمر لأنصاره، أن مصر تحتاج إلى تقديم نموذج إسلامي يستلهم روح الشريعة الإسلامية وليس أحكامها، وتساءل: «كيف نحبب الله إلى خلقه، ونحن نصدر الأحكام، وكأننا قضاة، على رغم أننا دعاة قبل أن نكون قضاة»؟ وقال بديع: «نحن في حاجة إلى نموذج يُذِيق الناس حلاوة الإسلام، ويُقدّم فقه الأولويات، فقد ولدنا بحريتنا، قبل أن نكلف بأحكام الشريعة، فلا تقدموا الشوك قبل أن تقدموا الورد». وتابع: «نحتاج إلى فقهاء ينزلون الحكم محبباً إلى قلوب العباد قبل أن ينزلون الحكم سيفاً مسلطاً على رقاب العباد». وأعلن عن إعداد جماعته دراسة تركز في كيفية «بر المسيحيين»، موضحاً أن بر المسيحيين يأتي تنفيذاً لأمر الله «أن تبروهم وتقسطوا إليهم». وأوضح أنه كان خلال زيارة للبابا شنودة، الذي وصفه ب «فقيد مصر والعالم»، أكد له فيها أن رسول الله هو الذي أوصى المسلمين بالأقباط. في غضون ذلك، بدأت خريطة الانتخابات الرئاسية تظهر بعد نحو أسبوعين من فتح الباب أمام قبول أوراق الترشيح، وأعلن أمس مجلس شورى العلماء وهو مجلس يضم كبار شيوخ التيار السلفي، تأييده للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية. فيما حضر عمرو موسى مرشح الرئاسة في مصر إلى مقرِ اللجنة القضائية العليا المشرفة على انتخابات رئاسة الجمهورية وسط عدد من أنصاره ومؤيديه ومستشاريه القانونيين مساء أول من أمس الجمعة، حاملين التوكيلات التي تمكن موسى من جمعها، ليتقدم بها في شكل رسمي لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية. وبهذا يكون موسى أول مرشحٍ للرئاسة عن طريق توكيلات شعبية، حيث يشترط قانون انتخابات الرئاسة حصول المرشحِ على 30 ألف توكيلٍ من المواطنين في 15 محافظة على الأقل أو على 30 توقيعاً من أعضاء مجلسي الشعب والشورى. وأعلن القاضي هشام البسطويسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية ونائب رئيس محكمة النقض، أنه سيتقدم بأوراق ترشحه لانتخابات الرئاسة كمرشح عن حزب «التجمع» اليساري.