كرَّر المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع مساعيه إلى طمأنة المتخوفين من تصدر جماعته المشهد السياسي بعد الثورة، وتعهد «التعاون» مع كل الأطياف لبناء البلاد، مؤكداً أن الشيوعية سقطت وستتبعها الرأسمالية. وصدر موقفه قبل اجتماع السبت المقبل للبرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) والذي سيُخَصَّص للاتفاق على معايير الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد، والذي من المتوقع أن يشهد اختلافات حول نسب تمثيل نواب البرلمان داخل اللجنة. ويأتي ذلك في وقت تسبب تأييد نواب في البرلمان لمرشحين على مقعد رئاسة الجمهورية في حصول بوادر صدامات داخل أحزاب لم يلتزم بعض نوابها بقراراتها، سواء بتأييد مرشح بعينه أو التزام الصمت حتى غلق باب الترشح المقرر له 8 نيسان (أبريل). وتتركز الأزمة في حزبي «الوفد» الليبرالي و«النور» السلفي. وقررت الهيئة العليا ل «الوفد» إقالة كل من يخالف قرار الحزب بدعم المرشح منصور حسن. وكان نواب عن الحزب الذي حلَّ ثالثاً في صدارة الترتيب داخل البرلمان، وقَّعوا على توكيلات تأييد للمرشحين عمرو موسى وأحمد شفيق. وتحدى النائب «الوفدي» طارق سباق قرار حزبه، مؤكداً عزمه جمع توقيعات من النواب لعمرو موسى، مشدداً على أنه «لا يجرؤ أحد على فصل وفدي قرر ممارسة حقه الديموقراطي ودعم مرشح رئاسي»، لافتاً إلى أنه تمكن من جمع 14 توكيلاً لمصلحة موسى. أما حزب «النور» فأفيد بأن نواباً فيه وقَّعوا بدورهم توكيلات للمرشح الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل، الأمر الذي رفضته قيادات «النور». ولوَّح الناطق باسم الحزب يسري حماد بإقالة كل من يخالف قرار عدم تأييد مرشح بعينه إلى حين إغلاق باب الترشح ودرس كل المرشحين. وأشار حماد إلى أن ثلاثة فقط من نواب الحزب وقَّعُوا على التوكيلات. وكان أبو إسماعيل أصبح أول مرشح رئاسي ينجح في تخطي عقبة التوقيعات المطلوبة للترشح رسمياً لرئاسة الجمهورية بعدما جمع أكثر من 30 توقيعاً من نواب مجلس الشعب، غالبيتهم من الأحزاب المنتمية إلى التيار السلفي («النور» و«الأصالة»). ويشترط قانون انتخابات الرئاسة حصول المرشح الرئاسي على 30 ألف توكيل من المواطنين في 15 محافظة على الأقل، أو 30 توقيعاً من أعضاء البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى). وكشفت مصادر برلمانية أن المرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق حصل على أصوات 17 نائباً من نواب مجلس الشعب لتأييده لانتخابات الرئاسة المقبلة، وأوضحت أن شفيق حصل على تأييد نواب في «الوفد» و«الإصلاح والتنمية» و«المصريين الأحرار» وبعض المستقلين. في غضون ذلك، استطاع المدير العام لمنطقة آثار وسط الصعيد للآثار الإسلامية والقبطية أحمد عوض الصعيدي أن ينتزع لقب «المرشح الأول لرئاسة الجمهورية» رسمياً بعد حصوله على تأييد حزب «مصر القومي» الممَثَّل في البرلمان ب 4 نواب، وسلَّم الصعيدي صباح أمس أوراق ترشحه إلى اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة. ونفى الناطق الإعلامي باسم جماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمود غزلان «استقرار الجماعة على مرشح رئاسي». وأكد في بيان أمس أن جماعة الإخوان لم تستقر بعد على المرشح الذي ستدعمه، وفور الاستقرار على هذه الشخصية «سنُعلِن عنها». على صعيد آخر، زار مرشد «الإخوان المسلمين» محمد بديع الكنيسة الإنجيلية أمس واجتمع مع القس رئيس الطائفة الدكتور صفوت البياضي، في حضور نائب رئيس الطائفة القس الدكتور أندريا زكي، والقيادي في الطائفة نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور رفيق حبيب. وشارك في الزيارة من قيادات «الإخوان» المرشد السابق مهدي عاكف والناطق باسم الجماعة الدكتور محمود غزلان والصحافي محمد عبدالقدوس. وأكد بديع في كلمته أن القرآن الكريم حض على التعاون والتقارب بين البشر، مؤكداً أن الأديان السماوية كلها خرجت من مشكاة واحدة، والوصايا العشر نفسها التي وردت في التوراة موجودة في الأديان التالية المسيحية والإسلام، و«أن الله حضّنا على إقامة الدين في الأرض وعدم التفرق»، مشيراً إلى «أننا جربنا الشيوعية وسقطت، والرأسمالية ستسقط قريباً، ولا يبقى إلا اتباع القيم والأخلاقيات الدينية». ووجَّه التحية إلى ثورة 25 كانون الثاني (يناير) وإلى أرواح الشهداء، وقال: «لولا هذه الثورة ما استطعنا أن نعقد مثل هذا الاجتماع». وأكد أن «الثورة قضت نهائياً على فكرة الحاكم الفرعون، ولن يجيء فرعون جديد إلى مصر»، مشيراً إلى أن النظام السابق دأب على الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، والطوائف ببعضها بعضاً، حتى بين مشجعي الأندية، ظناً منه أن ذلك سيحقق له استقرار واستمرار الحكم، ويُبعِد الناس من التفكير في العمل السياسي والتغيير. وقال: «إننا في مرحلة بناء الأمجاد، ولم يعد أي فصيل هو المالك الوحيد لمصر، بل يجب أن نتعاون جميعاً في البناء. ونحن أصبحنا معاً بكل طوائفنا اتحاداً لملاك مصر». وشدد على أن أتباع الديانات السماوية لا يجب أن تقوم بينهم أي عداوة وصراع؛ لأن ذلك مخالفة صريحة للوصايا الإلهية. مشيراً إلى وجود الكثير من القواسم المشتركة بخاصة قسم العدل والمساواة والحرية التي هي أصول ثابتة في الإسلام والمسيحية. وأضاف أن الجماعة ستقوم بإنشاء لجنتين: واحدة علمية للنهوض بالعلوم والثقافة، والأخرى خدمية للتوسع في الخدمات العامة التي كانت تمارسها منذ تأسيسها. وكان النظام السابق يغلق كل الأنشطة الخيرية لها وهذه الأنشطة ستوجه لعموم المصريين دون تمييز. ودعا القس صفوت البياضي إلى مزيد من الحوار والتقارب من أجل النهوض بمصر والارتقاء بمكانتها، ولن يتحقق ذلك إلا باللجوء للقيم الدينية وتعميق الحوار المجتمعي والتعاون للنهوض بالأمة من كل أطياف المجتمع دون إقصاء أو تمييز أو تهميش لأي فصيل.