القدس المحتلة، تولوز (فرنسا) - «الحياة»، أ ف ب، يو بي آي - أنهت الشرطة الفرنسية حصاراً استمر 22 ساعة لشقة لجأ إليها المواطن الجزائري الأصل محمد مراح، المنفذ المزعوم لاعتداءات تولوز ومونتوبان (جنوب غرب) الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن سقوط 4 يهود و3 جنود مسلمين، بقتل المشبوه لدى محاولته الفرار من الشرفة بعد دهم الشقة مع مواصلته إطلاق النار. وكشفت وسائل إعلام أن نحو 300 رصاصة أطلقت في المواجهة مع مراح الذي حمل جعبة لم يعرف محتواها. وأوضحت أن وحدة كوماندوس فجرت ثلاث شحنات ناسفة قبل منتصف الليل، ما دمر الباب الرئيسي لمبنى الشقة وأحدث فجوة في الجدار، ثم واصلت الشرطة إطلاق عيارات نارية كل ساعة تقريباً. وصعّدت تحركاتها في الفجر، وفجرت شحنتين أخريين لمحاولة إرهاق مراح قبل أن تقتحم الشقة. وصرح وزير الداخلية كلود غيان من موقع الاشتباك بأن «مراح كان توفي حين سقط أرضاً»، مشيراً إلى جرح 3 شرطيين احدهم في حال الخطر. وذكر بأن مراح «أبدى استعداده للاستسلام في مرحلة أولى، ثم تراجع»، معلناً انه «لم يشاهد هجوماً بهذا القدر من العنف». وكرر غيان أن السلطات سعت إلى اعتقال منفذ الاعتداءات حياً كي تستطيع استجوابه ومقاضاته، «لكنه شدد موقفه ليلاً، وقال لضباط في الشرطة عبر الهاتف أريد أن أموت والسلاح بيدي». وأشار فرانسوا مولان، المدعي العام في باريس، إلى أن مراح أبلغ مفاوضيه أنه «يفتخر بنجاحه في تركيع فرنسا»، وأنه «يأسف فقط لعدم قدرته على تنفيذ خططه الخاصة بقتل مزيد من الأشخاص، وبينهم جندي وضابطان في الشرطة»، علماً أن القاتل كان تباهى أيضاً بانتمائه إلى تنظيم «القاعدة»، موضحاً أنه نفذ هجماته الثلاثة للانتقام من مقتل أطفال فلسطينيين، ومن مشاركة الجيش الفرنسي في الحرب على أفغانستان. إشادة إسرائيلية وفيما أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك بتحرك أجهزة الأمن الفرنسية «بقوة وذكاء» في مواجهة القاتل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال زيارة لتعزية عائلات القتلى الأربعة اليهود في تولوز والذين دفنوا في القدس أول من امس، أن «إسرائيل وجدت لتكون ملاذاً لليهود المهددين بالخطر، ولتشكل درعاً للشعب اليهودي». وزاد نتانياهو: «بسبب قتل اليهود أنشئت دولة إسرائيل، ولو امتلك القتلة القدرة على قتل جميع اليهود أينما وجدوا فسيفعلون». وفي تصريح إلى إذاعة «90 أف أم» الإسرائيلية الخاصة في تل أبيب، نددت مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن ب «الأصولية الإسلامية»، وانتقدت تأثير دول خليجية في الهجوم ضد المدرسة اليهودية في تولوز الاثنين الماضي. وقالت: «كشف هوية القاتل أكد ما أندد به منذ سنوات، وهو تنامي أصولية إسلامية في بلادنا تسيء السلطات العامة تقديرها». وأضافت: «تخضع أحياء كاملة في الضواحي لسيطرة الأصوليين الذين ينقلون أسلحة ويحصلون على تمويل خارجي. سبق أن نددت بسلوك دول خليجية نعرف أنها ساعدت جهاديين في ليبيا، وأنها تستثمر بكثافة في الضواحي الفرنسية مع نيات خفية تقلقني». يذكر أن مارين لوبن أبدت مرات رغبتها في زيارة إسرائيل، لكنها لا تزال تعتبر رسمياً شخصاً غير مرغوب في إسرائيل، بسبب سمعة والدها الزعيم التاريخي للجبهة الوطنية الذي أطلق تصريحات كثيرة معادية للسامية في السابق. تحديات وكانت الصحف الفرنسية أجمعت على أن تحول مراح إلى الجريمة «يشكل تحدياً لمرشحي الانتخابات الرئاسية» المقررة في نيسان (أبريل) المقبل، وأن «ما حصل في تولوز سيشكل منعطفاً». ويدور جدل في فرنسا حول مراقبة أجهزة الاستخبارات للشبكات الإسلامية المتطرفة بعد كشف وزير الداخلية غيان أن مراح يخضع لمراقبة منذ سنوات، واستدعي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 إلى مركز الاستخبارات الداخلية في تولوز لاستجوابه في شأن رحلته إلى أفغانستان وباكستان. لكن غيان اكد أن «إبداء آراء سلفية لا يكفي لإحالة احد على القضاء، ويصعب في أي حال مكافحة فرد معزول لم يظهر أبداً أي ميل جنائي». ويعتقد خبراء بأن «الجهاد» يجتذب «أقلية محدودة» في الضواحي الفقيرة للمدن الفرنسية. لكن آخرين مثل زعيم امغر ديل كيبل، خبير العلوم السياسية والشؤون الإسلامية، يحذرون من أن «الأمر يصبح مقلقاً حين يفرض سلفيون قوانينهم مثل النقاب على باقي المسلمين». وتابع كيبل: «حين تحصل قطيعة مع قيم الجمهورية الفرنسية يصبح المجال مشرعاً أمام التطرف الإسلامي، علماً أن السلفيين يستهدفون المهمشين بحجة رغبتهم في إعادة هويتهم لهم وبراءتهم عبر اعتماد تطبيق أصولي للدين». وأشار إلى أنه «في تسعينات القرن العشرين استطاع الأئمة المتطرفين تجنيد شبان في مساجد، لكن بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 بات الأمر صعباً بسبب رقابة الاستخبارات في المساجد. وبات التجنيد يحصل عبر الإنترنت أو شخصياً».