القدس المحتلة - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - كسبت أجهزة الأمن الفرنسية سباقها مع الوقت، إذ كشفت بسرعة فائقة هوية المتهم باغتيال 7 أشخاص بينهم ثلاثة أولاد يهود في تولوز (جنوب غرب) وجنود مسلمون في مونتوبان المجاورة، وهو مواطن جزائري الأصل يدعى محمد مراح ويبلغ 24 من العمر، والذي اعلن، وفق وزير الداخلية كلود غيان، انتماءه إلى تنظيم «القاعدة»، وتنفيذه هجماته انتقاماً لأطفال فلسطين وللتدخلات الخارجية للجيش الفرنسي. وحتم ذلك، تنديد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ب «المتاجرة باسم فلسطين لتبرير أعمال إرهابية تستهدف حياة أبرياء، والتي لا يقبلها أي طفل فلسطيني». وواكبت كشف هوية المتهم حال عامة من التأسف، خصوصاً في أوساط الجالية العربية والمسلمة التي سارع مسؤولوها، وفي مقدمهم رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي محمد موسوي، إلى تأكيد شعورهم ب «إهانة» لأن هجمات مراح تناقض أسس الإسلام بالكامل. وحُدِدت هوية مراح بعد تحقيقات كثيفة شارك فيها أكثر من 200 ضابط من الشرطة القضائية والاستخبارات الداخلية بإشراف وزير الداخلية غيان الذي لازم تولوز منذ استهداف المدرسة اليهودية الاثنين الماضي. وأتاح الوصول إلى مراح، المعروف لدى أجهزة الأمن بسبب ارتكابه 18 جنحة ومكوثه سابقاً في باكستانوأفغانستان، اتصاله عبر الإنترنت بأحد الجنود القتلى المنتمين إلى وحدة المظليين في مونتوبان، وهو عماد بن زياتن، للاستفسار عن إعلان لبيع دراجة نارية على الشبكة. وقتل مراح الجندي بن زياتن خلال اجتماعه معه في تولوز في 11 الشهر الجاري، ثم اغتال بعد أربعة أيام مظليين آخرين في مونتوبان يدعوان عبد الشنوف ومحمد لقواد بإطلاق النار عليهما في احد الشوارع. وأفاد مصدر قريب من التحقيق بأن الرجل أوقف عام 2010 في مدينة قندهار جنوبأفغانستان، معقل حركة «طالبان»، في قضايا تتعلق بالحق العام. كما راقبته المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية لسنوات وعلمت بانتمائه إلى «مجموعة أيديولوجية» صغيرة في تولوز، لكن أي مؤشر لم يظهر لاحتمال إعداده لعمل «إجرامي»، علماً إن إذاعة «أوروبا 1» نقلت معلومات عن محاولة مراح دخول الجيش مرتين، «لكن لم يسمح له بذلك بسبب سجله القضائي ووضعه النفسي غير المستقر». وكانت أجهزة استخبارات غربية قدرت بعشرات عدد الإسلاميين المتشددين الذين عادوا من مناطق مضطربة في باكستانوأفغانستان، وبعضهم إلى فرنسا. وطالما حذرت من احتمال تنفيذهم عمليات إرهابية. وتفيد مصادر استخبارية متطابقة بأن مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن واستمرار خطر الغارات التي تشنها طائرات أميركية بلا طيار والصعوبات المالية التي يواجهها التنظيم، قلصت عدد المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى مناطق القبائل الباكستانية والأفغانية ل»الجهاد». وقال مسؤول في جهاز مكافحة الإرهاب الفرنسي: «منذ ستة شهور، غادر بين 20 و30 شاباً فرنسياً كانوا موجودين في باكستان، لم يبق اليوم أحد منهم». وتوصلت أجهزة الأمن ليل أول من امس، إلى أدلة سمحت لها بالتحقيق في علاقة مراح بالأحداث الدامية، ما حمل القوات الخاصة على تطويق منزله الواقع في احد الأحياء الفقيرة من تولوز الساعة الثالثة صباحاً، والتفاوض معه على تسليم نفسه، تنفيذاً لطلب غيان اعتقاله حياً. وفيما دارت المفاوضات بين مراح والقوات الخاصة، وضعت والدته وشقيقيه وشقيقتيه قيد التحقيق الاحترازي بعد ضبط مواد متفجرة من نوع البودرة وليست بلاستيكية أو ديناميت في منزل شقيقه. وأبلغ مراح القوات الخاصة التي زودته هاتفاً قايضته بمسدس كان في حوزته بين أسلحة أخرى، بينها رشاشان احدهما من نوع كلاشنيكوف وآخر من نوع عوزي، انه يريد تسليم نفسه طالباً إمهاله حتى بعد الظهر. ساركوزي ولوبن ولدى استقباله امس، ممثلين عن الجاليتين المسلمة واليهودية في قصر الأليزيه، وذلك بعد مشاركته مع مسؤولين ومرشحين للانتخابات الرئاسية مراسم تكريم الجنود المسلمين الثلاثة القتلى في مونتوبان، صرح الرئيس نيكولا ساركوزي بأن «الإرهاب لن يقسم عائلتنا الوطنية». ودعا إلى عدم «الاستسلام أو الخلط أو الانتقام»، مؤكداً حرصه على جمع ممثلي الجاليتين لتأكيد وحدة الصف في مواجهة الاعتداءات، وأضاف: «لن تكون فرنسا كبيرة إلا بوحدتها». وفيما غذى إعلان هوية المشبوه وارتباطه ب «القاعدة» النقاش السياسي وحملة الانتخابات الرئاسية في البلاد، اعتبرت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن أن «خطر الأصولية أسيء تقويمه في بلدنا». وأضافت أن «جماعات سياسية دينية تتطور أمام نوع من التراخي. يجب اليوم قيادة حرب على جماعات سياسية دينية تقتل أطفالنا وشبابنا المسيحيين والمسلمين واليهود». الجنازة وفي القدس، شارك نحو ألفي مشيع، وبينهم وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، في مراسم دفن جثامين الأطفال اليهود الثلاثة القتلى، وهم غبريال (4 سنوات) وأرييه (5 سنوات) وميريام مونسونيجو (7 سنوات) ومدرسهم جوناثان ساندلر (30 سنة) ودفت الجثامين في مقبرة هار همينحوت الكبرى في حي غيفعات شاوول بالقدس. وقال جوبيه في مؤتمر صحافي عقده في القدس: «غرق دم بلدينا في مدرسة أوزار هاتوراه (كنز التوراة)» وخلال لقائه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، اكد جوبيه أن إسرائيل «تستطيع الاعتماد على فرنسا لمحاربة معاداة السامية»، وتابع: «نلتزم بنفس الحماس مواصلة الحرب على الإرهاب، المنتشر للأسف في أجزاء كثيرة من العالم والآن فرنسا». ورحب بيريز بوجود وزير الخارجية الفرنسي «في يوم مليء بالحزن»، مضيفاً أن «الإرهاب هو الخطر الأكبر الذي نواجهه». وقال رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين: «كل الجاليات اليهودية معنا في مواجهة القاتل، والشعب اليهودي واجه قتلة شرسين»، مذكراً بالاعتداءات التي وصفت بأنها «معادية لإسرائيل» في الهند والأرجنتين وإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، ومقتل عائلة مستوطنين في الضفة الغربية قبل سنة. وأضاف: «هؤلاء القتلة يعرفون كيف يؤذوننا عبر مهاجمة القيم التي تعلم لأبرياء في معاهد التلمود وكنسنا». ولاحقاً، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد لقائه جوبيه بأنه «يجب التفريق بين عمليات إرهابية ممنهجة يُقتل فيها أطفال وبين مقتل أطفال خلال عمليات الجيش الإسرائيلي». وزاد: «إذا لم نحدّد الفارق، وإذا سمحنا بمثل هذه المقارنة الكاذبة، فإن الإرهابيين سينتصرون. وأؤمن بأن هذا هو الموقف الفرنسي». انفجار قنبلة على صعيد آخر، انفجرت قنبلة يدوية الصنع عثر عليها موظف في اللحظة الأخيرة، أمام السفارة الإندونيسية في الدائرة ال16 من العاصمة باريس والتي استهدفت قبل ثماني سنوات باعتداء مماثل، ما خلفت أضراراً مادية شملت تحطم زجاج مبنى السفارة المؤلف من 4 طبقات ومبانٍ أخرى مجاورة واحتراق سيارتين، من دون سقوط ضحايا. واستبعدت الشرط علاقة الانفجار باعتداءات تولوز ومونتوبان، لكنها اعتبرت عدم سقوط ضحايا معجزة»، بعدما انفجرت القنبلة في ساعة يكون فيها عدد المارة محدوداً». ولم يعثر في المكان على أي رسالة تتبنى الاعتداء، فيما أكد قسم مكافحة الإرهاب في الوحدة الجنائية التابعة للشرطة القضائية بباريس عدم استبعاد أي فرضية».