هز انفجار سيارة مفخخة في حلب أمس هدوء بداية أسبوع العمل بعد 24 ساعة من تفجيرين مماثلين استهدفا مراكز أمنية في دمشق. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن التقارير أشارت إلى أن الانفجار الذي وقع قرب مكتب لأمن الدولة، أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 شخصاً على الأقل، وقال التلفزيون السوري إن التفجير وقع خلف مؤسسة البريد في السليمانية «بين بناءين سكنيين». وحملت السلطات السورية «إرهابيين» مسؤولية التفجير، لكن المعارضة السورية اتهمت النظام بالوقوف وراء التفجيرات، واعتبرتها ترمي إلى «ترويع» السوريين كي «يقول الناس إن البلد يذهب إلى الفوضى والتفجيرات». وتوازت مع التفجيرات عمليات واسعة للجيش في ريف حلب وإدلب ودير الزور ودرعا أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. ومع استعداد دمشق اليوم لاستقبال أعضاء فريق المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان للبحث في مطالب دولية بفتح الطريق أمام مساعدات إنسانية للمدنيين والاتفاق على «آلية مراقبة» للإشراف على وقف لإطلاق النار تهميداً لبدء عملية سياسية، فتحت إيران النار على مهمة أنان في سورية. ووصف مستشار المرشد الأعلى في إيران للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي الجهود التي يقوم بها أنان بأنها «غير مخلصة»، ما يلقي بظلال من الشكوك حول مدى التعاون الذي ستُبديه دمشق مع البعثة الدولية. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن ولايتي قوله على هامش لقاء مع المشاركين في «مسيرة القدس العالمية» في طهران «إن الجهود التي تقوم بها الدول الغربية لحل قضايا سورية لا تنطوي على حسن نية وأهدافها غير مخلصة... واعتقد أن الهدف ليس دعم حقوق الشعب السوري». وأشار ولايتي إلى أن «هدف الغربيين هو الإطاحة بحكومة بشار الأسد... وأن سورية هي الجبهة الأمامية لمقارعة الكيان الصهيوني منذ فترة طويلة وهي احد أضلاع المقاومة في مواجهة إسرائيل». وتطرق المسؤول الإيراني إلى مهمة أنان قائلاً «إنها ليست خارج إطار مؤامرات الأمم المتحد ضد سورية، فبعد استخدام الصين وروسيا لحق الفيتو لإفشال القرار ضد سورية، يحاولون تسليح قوى المعارضة السورية في المناطق الحدودية». وجاء الموقف الإيراني المتشدد فيما ظهر أن سورية تحكم سيطرتها على معقل مقاتلي المعارضة في حمص وإدلب وريف دمشق. وقال مسؤول لبناني مقرب إلى الحكومة السورية لوكالة «رويتزر» انه «من الواضح أن المعركة تنتهي في مصلحة النظام بصفة عامة». وأضاف «على الصعيد الأمني هناك معركة صعبة وطويلة وسيستغرق إنهاؤها وقتاً طويلاً... سنرى المزيد من الانفجارات مثل تلك التي شهدناها أمس لكن بصفة عامة فقد أنهوا المعركة العسكرية وليس لديهم الكثير للقيام به». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انفجار حلب استهدف منطقة قريبة من فرع الأمن السياسي في حي السليمانية ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وأفاد سكان للمرصد السوري بأنهم شاهدوا جثثاً في الشوارع وأن انفجاراً قوياً هزّ المنطقة. واتهم «المجلس الوطني السوري» النظام السوري بالوقوف وراء تفجيرات دمشق وحلب، مطالباً بلجنة تحقيق دولية لكشف ملابساتها. وقال في بيان امس انه يتهم «عصابات (الرئيس السوري بشار) الأسد بالوقوف وراء التفجيرات كمحاولة يائسة لتضليل الرأي العام وترويع أبناء دمشق وحلب خصوصاً بعد تصاعد الحركة الاحتجاجية في المدينتين». وطالب المجلس المجتمع الدولي ب»تشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن مسؤولية عصابات النظام عن تلك التفجيرات وكل العمليات الإرهابية على الأراضي السورية». كما طالب المجلس بتدخل دولي «عاجل وفوري لوقف الجرائم التي باتت تستهدف كل المؤسسات وأبناء الشعب السوري كافة». وندد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالتفجيرات، وأعرب عن أسفه الشديد وتعازيه للشعب السوري ولأهالي الضحايا. ودعا العربي مجدداً إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف ومن أي مصدر كان، وإلى التحرك الفعال من أجل إقرار آلية لوقف إطلاق النار في كل أنحاء سورية، حتى تتمكن الجهود العربية والدولية المبذولة من التوصل إلى صيغة تضمن الانتقال بالأوضاع في سورية إلى مرحلة سلمية يسودها الحوار حول سبل الخروج من الأزمة تتحقق فيها طموحات الشعب السوري في الحرية والتغيير السلمي الديموقراطي. ومن المقرر أن يلتقي العربي اليوم في جنيف مع كوفي أنان. وقال مصدر مسؤول في الجامعة إن العربي سيبحث مع أنان في آخر مستجدات الأزمة والجهود التي يقوم بها المبعوث الدولي العربي وفي نتائج زيارته إلى دمشق ورد الحكومة السورية على مقترحاته. وزار وزير الخارجية المصري محمد كمال عمرو الدوحة أمس، ونقل في زيارة استمرت ساعات، رسالة إلى ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني من رئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي ذُكر أنها تتعلق بالعلاقات الثنائية وقضايا ذات اهتمام مشترك. وكان الوزير المصري استهل زيارته باجتماع مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري رئيس اللجنة العربية المعنية بملف سورية الشيخ حمد بن جاسم واكتفت وكالة الأنباء القطرية بالإشارة إلى أنه تم «استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها، اضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة». إلى ذلك، قال نشطاء إن قتالاً ضارياً اشتعل في محافظة دير الزور شمال غربي البلاد وأضرمت النيران في المركبات العسكرية. كما قال المرصد السوري إن مقاتلين فجروا جسراً في درعا مهد الانتفاضة. وكان الجسر يستخدم في نقل إمدادات لقوات الأمن الذين يطوقون المدينة. وقالت لجان التنسيق المحلية إن سكاناً هناك تمكنوا من سماع دوي النيران. وفي وسط دمشق تجمعت حشود من السوريين عند مواقع تفجيري دمشق لوداع ضحايا الانفجارين. وتحدث عدد منهم إلى التلفزيون السوري متهمين دولاً عربية بالمسؤولية عن «الدم الذي يسيل في سورية». وشنت الصحف السورية الصادرة صباح امس هجوماً حاداً على «الإرهابيين» الذين يتحركون بدعم من «القوى الخارجية التي تدعمهم بالمال والسلاح». واعتبرت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم أن تفجيري دمشق اللذين نفذهما «إرهابيون بتشجيع من القوى الخارجية التي تدعمهم بالمال والسلاح»، جاءا «لمعاقبة الشعب السوري على موقفه الوطني الصامد ومحاولة إعادة خلط الأوراق للتشويش على مهمة (المبعوث الدولي كوفي) أنان وإفشال التوجه الدولي نحو الحل السياسي للأزمة». وكتبت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات في صفحتها الأولى «صباح أمس اكتشف السوريون سبب اغلاق سفارات دول مجلس التعاون الخليجي في دمشق» وذلك في إشارة ربما إلى مرحلة جديدة كانت تُحضر لسورية وهي مرحلة التفجيرات والإرهاب المرسل من دول الخليج التي سبق أن هددت في السابق ونفذت بالأمس بعدما فشلت مخططاتها لإسقاط سورية». ورفعت جمعية لمساعدة الشعب السوري شكوى في باريس ضد وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس الموجود في فرنسا منذ أيام، تتهمه فيها بارتكاب جرائم حرب، كما أفادت الجمعية أمس. وذكرت الجمعية في شكواها أمام المحكمة العليا في باريس «منذ أن علمنا بوجوده في فرنسا نريد أن نستغل هذه الفرصة لرفع شكوى ومحاكمته في فرنسا بتهمة ارتكاب جرائم حرب وأعمال تعذيب واغتصاب واختفاء وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان».