عزّز إحكام الإسلاميين في مصر من قبضتهم على تشكيل الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد للبلاد، مخاوف من أن تتحول الصحف المملوكة للدولة من «بوق» كان يروج لسياسات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى ناطق باسم الغالبية الحاكمة الآخذة في التشكل. وبرزت مطالب بإعادة هيكلة الصحف التي يسيطر عليها مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) ويملك تعيين رؤساء تحريرها ورؤساء مجلس إدارتها والتمديد لهم في مناصبهم، لتحريرها من قبضة الحكومة. ومدد مجلس الشورى أمس لرؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات القومية من دون أن يحدد المدة، ما أثار جدلاً داخل المجلس. وأفيد بأن أعضاء في المجلس سيعقدون اجتماعاً مع نقيب الصحافيين ممدوح الولي للبحث في «إعادة هيكلة الصحف القومية والارتقاء بهذه المؤسسات من النواحي الإدارية والمالية، ووضع معايير جديدة لاختيار رؤساء تحرير تلك الصحف». وقال رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي خلال جلسة أمس إن اللجنة العامة في المجلس الذي تسيطر عليه جماعة «الإخوان المسلمين» اجتمعت قبل أسبوع للنظر في اختيار رؤساء تحرير الصحف ورؤساء مجالس الإدارات وتمت الموافقة على استمرارهم في العمل على أن تتولى لجنة مشتركة من لجان الثقافة والدستورية والمالية والتنمية البشرية والإدارة المحلية، دراسة وضع معايير وضوابط جديدة لاختيار خلفائهم والنظر في الجوانب المالية والاقتصادية لكل مؤسسة. وأمام اعترض عدد من النواب مطالبين بسرعة الانتهاء من إعادة هيكلة الصحف القومية، قال فهمي إن المدة قد تصل إلى شهر وقد تزيد قليلاً. وأعلن أنه دعا نقيب الصحافيين إلى مكتبه وتم الاتفاق معه على دعوة رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية، للنظر في مستقبل الصحف القومية مالياً وإدارياً والبحث في وضع معايير جديدة لاختيار رؤساء تحريرها، «حتى تخرج القرارات في منتهى الشفافية والنزاهة بما يضمن الحفاظ على اقتصادياتها». ودافع رئيس كتلة حزب «الحرية والعدالة»، الذارع السياسية ل «الإخوان»، علي فتح الباب عن بطء الإجراءات، مؤكداً أن «الهدف من ذلك هو عدم اتخاذ قرار متسرع، وبمجرد الانتهاء من التقارير حول المؤسسات سيتم إعلان التغييرات». وشهدت الجلسة احتجاج رئيس حزب «الجيل» ناجي الشهابي، لعدم السماح له بالحديث في الموضوع «وعدم وجود رؤية واضحة حول القضية». وعلا صوته داخل المجلس، فأخرجه فهمي من القاعة وحرمه من حضور الجلسة في سابقة لم يشهدها مجلس الشورى منذ إنشائه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، قبل أن يتقدم الشهابي باعتذار عما حدث ويعود للمشاركة في الجلسة. وأكد عضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي أن «المسألة لا تتوقف على تمديد فترة رؤساء التحرير أو تغييرهم، بل هناك مخاوف شديدة من تأثر حرية الصحافة في الفترة المقبلة». وقال ل «الحياة» إن «القلق ليس فقط على المؤسسات الصحافية واستعادة استقلالها، وإنما هناك مخاوف شديدة من تهديد الحريات العامة. المنظومة الفاسدة التي كانت تتحكم في وسائل الإعلام ما قبل الثورة لا تزال كما هي بعد الثورة، ما أدى إلى تحول الصحف القومية من ملكية للشعب إلى ملكية خاصة لجماعات الحكم». وشدد على أنه «ما لم تتغير هذه المنظومة من الناحية التشريعية حتى تعود الصحف القومية إلى الاستقلال عن كل السلطات في البلد، فكأننا استبدلنا تحكم النظام السابق في الصحافة بتحكم السلطة الحاكمة بعد الثورة». وأعلن أن «النقابة لديها رؤية لمخطط كامل لتغيير هذه المنظومة من جذورها سواء التشريعية أو الدستورية»، مشيراً إلى أن «البداية تكون من النص في الدستور الجديد على أن وسائل الإعلام العامة مملوكة للشعب المصري تبصر المجتمع وتمده بالمعلومات الصحيحة وتعكس كل تنوعات الآراء ولا تتبع أي سلطة من السلطات، ليتم بعدها وضع حزمة من القوانين تنظم عمل هذه المؤسسات على نحو يضمن استقلالها فيتحول اختيار رؤساء مجلس الإدارة من التعيين إلى الانتخاب». في غضون ذلك، وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب في اجتماع مغلق أمس على رفع الحصانة البرلمانية عن نائب حزب «النور» السلفي أنور البلكيمي على خلفية اتهامه بتقديم بلاغ كاذب بعد إجرائه عملية تجميل في أنفه وادعائه بأن مجهولين قاموا بالاعتداء عليه وسرقة 100 ألف جنيه.