علمت «الحياة» أن اتفاقاً في طوره النهائي يجرى الترتيب له بين القاهرةوواشنطن لتقنين أوضاع عمل منظمات المجتمع المدني الأميركية العاملة في مصر، فيما يُرتقب استصدار البرلمان قانون جديد ينظم عمل المنظمات الأهلية المصرية. ودافع رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي عن رفع حظر سفر المتهمين الأميركيين في قضية منظمات المجتمع المدني، مؤكداً «أننا نضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار». وشنت لجان البرلمان أمس هجوماً حاداً على الحكومة بسبب قرار رفع حظر السفر عن الأميركيين الذين كانوا أحيلوا على المحكمة بتهمة «إنشاء منظمات من دون ترخيص وتلقي اموال من الخارج بالمخالفة للقانون». وطالب نواب في لجنة الدفاع والامن القومي التي يسيطر عليها الإسلاميون بقطع العلاقات مع واشنطن «لرد الكرامة» وسحب الثقة من حكومة كمال الجنزوري، قبل ان تقرر اللجنة استدعاء وزير العدل والطيران المدني ووزير الداخلية وممثل عن المجلس العسكري لاستيضاح حقيقة الموضوع. وعلى النهج نفسه، سارت لجنة العلاقات الخارجية التي يترأسها القيادي في «الإخوان المسلمين» عصام العريان. واعتبر نواب خلال اجتماع اللجنة أمس أن «الحكومة قالت إنها لن تركع ولن توافق على الاملاءات لكنها ركعت وسجدت وقبلت الاملاءات والشروط وسمحت للأميركيين بمغادرة البلاد رغم تورطهم في القضية». وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان أنور السادات بإقالة وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا «بعد النهاية الدرامية لمسرحية قضية المنظمات الأجنبية». ورأى أن الوزيرة هي «السبب الرئيس في افتعال الأزمة بداية من تقدمها ببلاغ ضد منظمات المجتمع المدني والعمل على شحن الرأي العام، فضلاً عن موجة النشر المتتابع في الصحف القومية والخاصة والقنوات الفضائية بطريقة مستغربة عبأت الرأي العام ضد منظمات المجتمع المدني كافة». واعتبر أن «الوزيرة أحرجت القضاء بل والدولة بأكملها وأشعرت كل المصريين بالإهانة وافقدتهم الثقة في المؤسسة القضائية والقائمين على ادارة البلاد بما قد يشعل أزمة داخلية في وقت نسعى لبناء مؤسسات الدولة وعودة الامن والاستقرار». في المقابل، سعت ابو النجا إلى الدفاع عن نفسها وعن الحكومة. وقالت امام اجتماع للجنة الاقتصادية: «اننا أمام قضية لا تحتمل كشف أسرارها في ضوء الأجواء الملتهبة في الشارع المصري وإحساسه بالإهانة والتدخل في السيادة المصرية». وأمام زيادة حدة الانتقادات للمجلس العسكري، خرج طنطاوي عن صمته مستنكراً خلال لقائه قادة عسكريين «محاولات التشويه والتقليل». وأكد ان الجيش «سيظل يؤدي دوره في حماية الوطن واستقراره مهما كانت الضغوط والتحديات ومحاولات الاستفزاز والتشويه والتقليل من القوات المسلحة ودور رجالها الذين يؤدون مهمتهم الوطنية بأقصى درجات الالتزام وضبط النفس لتفويت الفرصة على المغرضين ممن يحاولون ضرب تماسك الوطن والوحدة بين الشعب والقوات المسلحة»، مشدداً على أن المؤسسة العسكرية «تضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، وهي ليست بديلاً من الشرعية». في غضون ذلك، أفيد بأن لجنة حقوق الانسان في البرلمان قاربت على الانتهاء من مشروع قانون ينظم عمل المنظمات غير الحكومية قبل عرضه على البرلمان خلال ايام لاستصداره، فيما علمت «الحياة» أن مراسلات جرت بين القاهرةوواشنطن بهدف تقنين أوضاع المنظمات الأميركية العاملة في مصر، وان منظمتي «المعهد الديموقراطي الوطني» و «المعهد الجمهوري الدولي» صاحبتا الأزمة ستحصلان على تراخيص. وقال ل «الحياة» عضو اللجنة النائب عمرو حمزاوي الذي أوكل إليه قانون المنظمات الاهلية إن القانون بات في طوره النهائي قبل العرض على البرلمان لاستصداره، مشيراً إلى ان الهدف الاساسي للقانون هو «رفع قبضة الدولة عن نشاط الحقوقيين المصريين». وأضاف ان اللجنة عقدت جلسات استماع مع المنظمات الحقوقية المصرية ومسؤولين حكوميين وان مشروع القانون يكاد يتطابق مع مشروع قدمته منظمات حقوقية. وكشف أن «القانون المقترح سينص على أن يتم تأسيس المنظمات الحقوقية عبر الإخطار، وتقدم المنظمات المستندات المتعلقة بالتمويل إلى الجهة التنفيذية على ان يتم وضع حد اقصى لمدة شهر اذا لم يرد تعليق من الحكومة خلاله سيعتبر التمويل موافقاً عليه». وأشار إلى انه «سيتم وضع لائحة تنفيذية بهدف رفع يد البيروقراطية عن مراقبة عمل الحقوقيين اضافة إلى الغاء العقوبات السالبة للحرية لأي مخالفات قد ترتكبها المنظمات غير الحكومية لتقتصر العقوبات على الغرامات او منع النشاط لفترة». ويأتي ذلك في وقت علمت «الحياة» أن وزارتي التأمينات والشؤون الاجتماعية والخارجية ستعقدان اليوم اجتماعاً مشتركاً لمناقشة ترخيص عمل المنظمات الأجنبية في مصر، ما يشير إلى نهاية قضية المنظمات بالفعل. وقال مسؤول إن «الاجتماع سيبحث في الشكل النهائي والنقاط المتوقع اعتراض المنظمات عليها في عقد الترخيص لها بالعمل». وأفيد بأن مراسلات جرت بين القاهرة وإدارة المعهدين الديموقراطي والجمهوري للتوافق على صيغه العقد الجديد. وحصلت «الحياة» على نسخة من عقد الترخيص الذي وضعته اللجنة وستوقع عليه المنظمات، ويتضمن بأن «تمارس المنظمة أنشطتها في مصر كمنظمة أجنبية غير حكومية تأسيساً على القوانين واللوائح المصرية، إضافة إلى الالتزام بكل الاتفاقات والمعاهدات والبروتوكولات والتفاهمات بين الجانبين المصري والأميركي، بما في ذلك كل اتفاقات المنح والمساعدة وتعديلاتها المبرمة بين الحكومة المصرية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وفي حال ممارسة النشاط مع شركاء محليين، يشترط أن يكونوا من المسجلين لدى وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية». وجاء العقد لينص أن «التصريح يسري للعمل لمدة عام واحد، على أن لا تخرج آليات تمويل المنظمة عن تحويلات لها من المقر الرئيس في الولاياتالمتحدة، وأن تعمل تحت إشراف وزارتي الخارجية والتأمينات والشؤون الاجتماعية، وأن تقوم المنظمة بإخطار الوزارتين كتابة بأسماء وبيانات وجنسيات القائمين على المنظمة والعاملين بها، وأي تعديلات تطرأ عليها، كما تقوم بإخطار الوزارتين أيضاً بصورة من القرارات الصادرة بندب أي من الموظفين العموميين في مصر للعمل بالمنظمة». ونص العقد أيضاً على «عدم اشتراك المنظمة او التعاون أو التنسيق مع أي منظمة أو هيئة أجنبية تعمل داخل او خارج مصر، بهدف تنفيذ أي مشاريع أو أنشطة في مصر، من دون الحصول على إذن كتابي مسبق من الوزارتين، وعدم إرسال أو نقل أو تحويل أي أموال أو تبرعات إلى أي شخص أو منظمة أو هيئة أو مؤسسة أو جهة في الخارج من دون الحصول على إذن كتابي مسبق من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية مع إخطار وزارة الخارجية بذلك».