لاحت أمس بوادر مخرج للأزمة التي تفجرت بين مصر والولاياتالمتحدة على خلفية قضية تمويل منظمات غير حكومية. وعقد رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي اجتماعاً مع رئيس الحكومة كمال الجنزوري وعدد من أركان حكومته «خصص لمناقشة ملف التمويل الخارجي للمنظمات الحقوقية»، قبل ساعات من وصول قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الفريق جيمس ماتيس إلى القاهرة اليوم للقاء طنطاوى ونائبه الفريق سامي عنان. وأفيد بأن الجانبين سيبحثان في «حلول توافقية» لأزمة إحالة 19 مسؤولاً أميركياً في منظمات غير حكومية على المحاكمة الجنائية، وذلك قبل زيارة مرتقبة لوفد من الكونغرس الأميركي برئاسة جون ماكين. وبدا أن الجانبين يسعيان إلى تجنب التصعيد واتخاذ مواقف مرنة، فيما عبر ممثلو منظمات دولية وعربية عن «خيبة الأمل» في شأن مستقبل عمل منظمات المجتمع المدني في ظل الحكم العسكري. وعقد طنطاوي اجتماعاً مع الجنزوري في حضور عنان ورئيس الاستخبارات مراد موافي ووزراء العدل عادل عبدالحميد والخارجية محمد كامل عمرو والداخلية محمد إبراهيم والإعلام اللواء أحمد أنيس والتخطيط والتعاون الدولي فايزة ابوالنجا. وعلمت «الحياة» أن الاجتماع خصص لملف قضية التمويل الاجنبي. وبدا من صيغة بيان رسمي وزع على الصحافيين في اعقاب الاجتماع، أن ملف المنظمات الحقوقية يتجه نحو الحل، إذ حرص على تأكيد «عمق العلاقات» مع الولاياتالمتحدة. وقال إن «الاجتماع ناقش المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك في ضوء عمق العلاقات المصرية - الأميركية والحفاظ على هذه العلاقات وترسيخها لمصلحة البلدين». لكن أبو النجا قالت إن «كل دولة لديها أوراق ضغط في المجال السياسي، ومصر ليست استثناء من ذلك، وستعمل بشتى الطرق لتحقيق مصالحها». وكانت أبو النجا استبقت الاجتماع بتأكيد أن قضية المنظمات «لن تؤثر في العلاقات بين مصر وأميركا». وقالت في تصريحات صحافية إن «العلاقات المصرية - الأميركية مهمة جداً للطرفين، ومصر دولة مهمة جداً للولايات المتحدة في ما يتعلق بالمصالح الاستراتيجية». وأشارت إلى أنها لا تعتقد أن ملف منظمات المجتمع المدني يمكن أن يؤثر في مستقبل العلاقات بين مصر وأميركا «في الشكل الذي نسمع عنه». ورأت أن «هذه العلاقة فيها مساحة للاختلاف بلا شك، وهناك احترام لهذه الاختلافات». واستبعدت تأثيراً أميركياً على صندوق النقد الدولي الذي تسعى مصر إلى الاقتراض منه. في المقابل، عبر ممثلو 284 منظمة حقوقية دولية وعربية يزورون مصر عن قلقهم من «انتكاسة» للوضع الحقوقي. وعقد الوفد الذي يضم منظمات «الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان»، و «الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان» و «شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان»، وكان وصل إلى القاهرة قبل خمسة أيام، جلسات استماع إلى عدد من المنظمات الحقوقية العاملة في مصر خلص في نهايتها إلى أن «وضع المنظمات الحقوقية يشهد انتكاسة في أعقاب الثورة». وأفيد بأن الوفد سيلتقي اليوم وزيرة التعاون الدولي للبحث في قانون مزمع استصداره لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية، وانه سينقل إلى أبو النجا «قلقه في شأن مستقبل المنظمات الحقوقية»، كما سيلتقي اليوم أيضاً رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، محمد مرسي «للاستماع إلى وجهة نظر الحزب الذي يملك الاكثرية النيابية في شأن مستقبل حقوق الإنسان والحريات». إلى ذلك، نفت السفارة الأميركية في القاهرة في بيان أمس فرار الأميركيين المتهمين في قضية منظمات المجتمع المدني بجوازات سفر ديبلوماسية. وكانت تقارير إعلامية زعمت أن السفارة أصدرت تلك الجوزارت، وهو ما نفته السفارة تماماً عبر بيان شددت فيه على أنها «لن تلجأ إلى مثل هذا الأسلوب». ودعت إلى «تحري الدقة في كل مادة إعلامية منشورة، خصوصاً في تلك الفترة التي بات الإعلام مؤثراً فيها في شكل كبير». واستغلت أسرة الزعيم الروحي ل «الجماعة الإسلامية» عمر عبدالرحمن المسجون في الولاياتالمتحده، أزمة المنظمات الحقوقية لمعاودة الضغط على الحكومة لإطلاق سراح الشيخ الضرير. وطالبت بالربط بين إنهاء ملف الأميركيين المحالين على المحاكمة وإطلاق سراح عبدالرحمن، كما حضت البرلمان على تبني ملف الرجل الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولاياتالمتحدة لإدانته بالتورط في تفجيرات نيويورك العام 1993. وطالبت أسرة عبدالرحمن في بيان أمس «القوى السياسية والإعلامية والإسلامية بالضغط على مجلس الشعب لتبني قضية الشيخ للإفراج عنه، واستدعاء وزير الخارجية المصري لمعرفة أسباب عدم تقديم وزارة الخارجية طلباً للخارجية الأميركية لعودة الشيخ إلى بلاده حتى الآن». وقالت: «إذا تم تقديم هذا الطلب ووجدنا أن أميركا امتنعت، فنحن الآن لدينا صفقة قوية نستطيع أن نضغط بها على واشنطن حتى يفرجوا عن الشيخ ويعود إلى أرض الوطن». وشددت على ضرورة «ألا تمر هذه الصفقة القوية مرور الكرام».