بدأت أمس محكمة جنايات القاهرة النظر في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المتهم فيها 43 شخصاً بينهم 19 أميركياً، والتي تسببت في توتر العلاقات المصرية - الأميركية خلال الفترة الماضية، في جلسة لم يحضرها غير المتهمين المصريين ال14 فيما غاب عنها المتهمون الأجانب. وفي وقت نقلت وكالة «رويترز» عن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قولها أمس إن الولاياتالمتحدة تقوم «نتائج الاجراءات القانونية التي اتخذت (أمس). وسيكون لنا تعليق آخر بعد ان ننتهي من ذلك التحليل وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات»، أعلن مسؤول أميركي رفيع أن «مشاورات كثيفة» تتم بين واشنطنوالقاهرة لتسوية قضية الناشطين في أسرع وقت ممكن. وأضاف المسؤول أن واشنطن تأمل بذلك في «تسوية القضية خلال بضعة ايام». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان ديبلوماسيين أميركيين بذلوا جهوداً كبيرة السبت للتوصل إلى «اتفاق» يتيح معالجة القضية. وشهدت جلسة المحاكمة أمس مطالبة النيابة بتوقيع عقوبة السجن ضد المتهمين بعدما وجهت اليهم تهمة «الإضرار بالمجتمع المصري»، قبل أن ترجئ المحكمة النظر في القضية إلى 26 نيسان (أبريل) المقبل للسماح للدفاع والمدعين بالحق المدني بالإطلاع على اوراق القضية، ومخاطبة وزارة العدل لإحضار مترجمين معتمدين في شأن المتهمين الأجانب. وشهدت الجلسة فوضى عارمة بسبب ضيق القاعة وتكدس وسائل الإعلام إضافة إلى المحامين. ومثل المتهمون المصريون، وبينهم ثلاث نساء، في قفص الاتهامات، علمت «الحياة» أن الأميركيين الستة الذين لجأوا إلى سفارة بلدهم في القاهرة، وبينهم نجل وزير النقل سام لحود، لن يحضروا جلسات المحاكمة، وان احكاماً غيابية ستصدر في حقهم ومعهم من غادروا قبل قرار الاتهام. وكانت المحكمة سمحت لممثل الادعاء العام بتلاوة أمر الإحالة (موجز قرار الاتهام) بحق المتهمين والذي ركز في «إنشاء منظمات من دون ترخيص وتلقي أمول من الخارج بطرق غير مشروع»، قبل طلب توقيع أقصى عقوبة مقررة في القانون وهي السجن بين عام إلى ثلاثة اعوام والغرامة، فيما طالبت هيئة الدفاع عن المتهمين بالتأجيل لفترة مناسبة حتى يتسنى لها الإطلاع على أوراق القضية والاستعداد للمرافعة. وأوضحت النيابة أن وقائع الاتهام جرت خلال الفترة من أول آذار (مارس) الماضي حتى 29 كانون الأول (ديسمبر) الماضي حين «قام المتهمون بتأسيس والاشتراك في إدارة بغير تراخيص من الحكومة المصرية لفروع منظمات ذات صفة دولية (المعهد الجمهوري والمعهد الديموقراطي ومنظمة فريدوم هاوس والمركز الدولي للصحافيين ومنظمة كونراد أديناور الألمانية) وأداروا الشؤون الفنية والمالية والإدارية لها من خلال تنفيذ الكثير من برامج التدريب السياسي غير المرخص به وإجراء البحوث والدراسات وإعداد وتنفيذ استطلاعات الرأي وورش العمل والدورات التدريبية لبعض الأحزاب والقوى السياسية ودعمها إعلامياً لحشد الناخبين لمصلحتها وتمويل الكثير من الأشخاص الطبيعيين والمنظمات والكيانات غير المرخص لها بالعمل المدني أو الأهلي من دون ترخيص من الحكومة المصرية بما يخل بسيادة الدولة نتيجة مباشرة ذلك النشاط وما يقدم في سبيل ممارسته في مصر من تمويل أجنبي غير مشروع». واتهمت النيابة المتهمين بأنهم «تسلموا وقبلوا مباشرة أموالاً ومنافع من هيئة خارج مصر في سبيل ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في القانون». وطالبت ب «إعمال نصوص القانون الواردة بأمر الإحالة». وأنكر المتهمون هذه التهم لدى مواجهة المحكمة لهم بها. في غضون ذلك، ناقشت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري مستقبل العلاقات المصرية - الأميركية في حضور مدير شؤون أميركا الشمالية في وزارة الخارجية السفيرة سها الجندي التي أكدت «استراتيجية العلاقات بين البلدين وإن شابها بعض التذبذب خلال فترة الثورة». ولفتت إلى ان «واشنطن وضعت شروطاً لاستمرار المساعدات المقدمة إلى مصر، في مقدمها احترام مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، وإجراء تحول مدني بنقل السلطة من المجلس العسكري إلى المدنيين من خلال انتخابات حرة». وأضافت الجندي أن «أميركا تعلم جيداً مكانة مصر، سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى العالم فهي رمانة الميزان بالنسبة إلى أميركا التي لديها الكثير من المصالح في المنطقة وأهمها علاقتها بإسرائيل. وتلعب مصر دوراً كبيراً في تلك العلاقة بنشر الاستقرار في تلك المنطقة». واعتبرت أن «مصر ليست فقط رمانة الميزان لأميركا بل تستطيع أن تؤثر على دول المنطقة في أشياء كثيرة، ومنها البترول». وكشفت السفيرة أن «أميركا طرحت مبادلة الديون المصرية بطرح بليون دولار من مديونية مصر لديها لإقامة مشاريع تنموية، إضافة إلى تخصيص 2 بليون دولار ضمن خطة أميركا للمنطقة الربيع العربي، والتي تم تخصيص 250 مليون دولار منها لمصر لإقامة مشاريع صغيرة على أن تزود مصر بنسبة أخرى من المبلغ في حال انتهاء من هذه المشاريع». وأوضحت رداً على سؤال النائب هشام الصولي عن مصير هذه الاتفاقات أن «الوعود والاتفاقات بين مصر وأميركا مرهونة الآن في إطار التحول الديموقراطي الذي تمر به مصر الآن، أما الاستثمارات فلن تتأثر». وأكد وكيل اللجنة النائب عن «الإخوان المسلمين» حازم فاروق «رفض مصر لأي تدخلات خارجية وداخلية في ما يخص القضاء المصري، سواء بالتصريحات أو التلميحات، خصوصاً بعد التهديدات التي تلقتها مصر بقطع المعونة في حال محاكمة المتهمين في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية».