أظهرت دراسة حديثة من مؤسسة «ديلويت» بعنوان «تقرير حول آراء واتجاهات المديرين الماليين في العالم في الربع الرابع من عام 2011»، تراجع التفاؤل عند المديرين الماليين في العالم. وأُجريت الدراسة على أساس نصف سنوي وشملت منطقة الشرق الأوسط في العامين الماضيين، واحتوت على تقويم للمواقف حيال الوجهة الاقتصادية العامة والتمويل والأخطار في منطقة الشرق الأوسط. وعزا تراجع التفاؤل إلى استمرار الأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة منذ العام 2011، إضافة إلى حال عدم الاستقرار والعزوف عن المخاطرة في الصفقات التجارية. وأشارت الدراسة إلى أن تراجع الشعور الإيجابي بين المديرين الماليين ينعكس على التوقعات حول التدفقات النقدية التشغيلية المرتقبة خلال الشهور ال12 المقبلة، إذ أن 47 في المئة فقط من المُستطلعين يتوقعون ارتفاعاً في التدفقات النقدية التشغيلية مقارنةً ب82 في المئة العام الماضي. وقال الشريك المسؤول عن البرنامج في «ديلويت الشرق الأوسط» جايمس باب: «فيما تراجع التفاؤل بين المديرين الماليين في الشرق الأوسط، تبقى الأساسات الاقتصادية في المنطقة متينة نسبياً، مقارنة بمناطق أخرى من العالم، إلا أن القلق من الأحداث غير المتوقعة» يشغل بالهم حالياً. وأضاف «من الأفضل أن يُقيّم المديرون الماليون أحداث العام الماضي، ويُركزوا أكثر على دورهم كخبراء استراتيجيين ومحفزين في مؤسساتهم خلال هذه الفترات الصعبة». يُذكر أن 68 في المئة من المديرين الماليين في الشرق الأوسط أفادوا في دراسة أجرتها «ديلويت» بأن مستوى عدم الاستقرار المالي والاقتصادي الذي يواجه شركاتهم يفوق المعدل، كما تُظهر النتائج أن 46 في المئة منهم لا يعتقدون أن الوقت مناسب للإقدام على مزيد من الأخطار على حساب موازناتهم التجارية، أي بارتفاع نسبته خمسة في المئة مقارنة به في الربع الأول عام 2011. والصورة ليست إيجابية دولياً أيضاً، وفق المديرين الماليين المستطلعين في الكثير من الدول، إذ اعتبر معظمهم أن هذه السنة ستكون صعبة بسبب استمرار مشاكل الدين السيادي في منطقة اليورو، والأزمة الاجتماعية في الشرق الأوسط، وتراجع الطلب العالمي، والمخاوف العالمية من عدم الاستقرار الاقتصادي، ما يُبقي التفاؤل عند مستويات متدنية في كل العالم تقريباً خلال الربع الرابع من العام الماضي، ما أدى إلى تقليص توقعات المديرين الماليين في الكثير من الدول. وأظهرت الدراسة أن الوضع في أوروبا يبدو أكثر تأثّراً، ففي المملكة المتحدة يجزم المديرون الماليون بأن التهديد الأكبر لأعمالهم هذه السنة يأتي من احتمال تفكك الاتحاد الأوروبي، في حين يرى 40 في المئة منهم تقريباً أن دولة أو أكثر، ستترك اتحاد العملة الموحدة هذه السنة. وفي بلجيكا، رأى 76 في المئة منهم أن أزمة اليورو تؤثر سلباً على شركاتهم، وفي سويسرا، يتفاقم الشعور المتشائم بسبب المبالغة في تقدير قيمة الفرنك السويسري والخوف من تراجع الطلب، ويتوقع 53 في المئة من المستطلعين انكماشاً هذه السنة، في حين تراجع التفاؤل حول الفرص المستقبلية لشركاتهم للربع الثالث على التوالي. وفي أميركا الشمالية، وفي حين تلتفت الأنظار مجدداً إلى النمو في الربع الرابع الماضي، يبقى المديرون الماليون قلقين من عدم النجاح في احتواء أزمة الديون، والتهديد بامتداد المشاكل إلى الاستهلاك وأسواق رؤوس المال في العالم. وأكدوا حاجتهم إلى قيادات في الشركات تتمتع بمهارات تحليلية أكثر عمقاً، ومعرفة في مجال الاقتصاد الكلي للتعامل مع هذه البيئة.