يعد صانع ألعاب الأهلي محمد أبو تريكة حالة خاصة في تاريخ كرة القدم المصرية، إذ استطاع خلال أقل من 10سنوات منذ التحاقه بالفريق (الأحمر) موسم 2003 أن ينتزع لقب اللاعب الأشهر بين أبناء جيله. شعبية أبو تريكة لم تأت نتاجاً لمنجزاته الرياضية فقط، إذ يعد من بين الرياضيين القلة الذين سجلوا مواقف واضحة في الأحداث السياسية المحلية منها والعربية. واليوم يعود أبوتريكة لإثارة عاصفة من الجدل بعد ما أشيع عن رفضه السلام على رئيس المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر المشير حسين طنطاوي لدى استقبال الأخير بعثة الأهلي في القاهرة عقب الأحداث الدموية في إستاد بورسعيد التي أسفرت عن مقتل نحو 70 من مشجعي فريقه، قبل أن ينفي أبو تريكة ذلك، مؤكداً انه وزملاءه لم يكونوا بحالة تسمح لهم بالسلام على أحد. وأخيراً حاول بعض المحتجين أمام وزارة الدفاع الزج باسم أبوتريكة، إذ أعلنوا مشاركة اللاعب في (جمعة الرحيل) التي تطالب برحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة لرئيس مدني، قبل أن ينفي مدير أعمال اللاعب و«التراس الأهلي» مشاركته في أي مظاهرات احتجاجية، مؤكدين بأنه كان يؤدي واجب العزاء لأسرة إحدى ضحايا مجزرة بورسعيد. وإبان ثورة 25 يناير واجه أبو تريكة حملة من الانتقادات لغيابه عن المشاركة في أية فعاليات، إذ هاجمه نقاد وخبراء وصفوه وبقية لاعبي المنتخب المصري بالمستفيدين من نظام الرئيس السابق حسني مبارك. لكن أبو تريكة برر اختفاءه عن مظاهرات الثورة برفضه خطف الأضواء ممن وصفهم ب «الصناع الحقيقيين» للثورة وهم الشباب، قبل أن يظهر في ميدان التحرير قبل ساعات من إعلان مبارك تخليه عن رئاسة مصر. في العام 2008 وبعد تسجيل أبو تريكة أحد أهداف المنتخب المصري أمام نظيره السوداني في بطولة الأمم الأفريقية والتي انتهت بنتيجة 3/0 رفع اللاعب عن قميصه مظهراً عبارة (تعاطفاً مع غزة) رداً على مجازر إسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة إبان تلك الفترة، في واحد من أبرز مواقف اللاعب السياسية، وأشارت أنباء حينها إلى نية الاتحاد الأفريقي (الكاف) إيقاف اللاعب بناء على لوائح الاتحاد الدولي التي تحظر استغلال مباريات كرة القدم لأغراض سياسية أو عنصرية. لكن (الكاف) تراجع عن معاقبة اللاعب بعد أن أمطر بكم هائل من الرسائل الإلكترونية من صحافيين ووسائل إعلامية مختلفة تابعت البطولة وأعلنت تعاطفها مع اللاعب، كما ترددت أنباء عن تضامن منتخبات المغرب وتونس والجزائر مع اللاعب. فيما بيع القميص الذي حمل عبارة التضامن مع غزة في مزاد خيري لمصلحة صندوق توفير الدواء لأبناء غزة أقامته لجنة الإغاثة الإسلامية بنقابة أطباء مصر في مقابل 1500 جنيه. واعتبر أبو تريكة بأن الحصار الجائر الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في غزة أثار ألماً شديداً في نفسه ما دعاه إلا التضامن مع الفلسطينيين بهذه العبارة. قبل الملاعب الرياضية وشهرتها عاش محمد أبو تريكة حياة بسيطة مع أسرة متواضعة بقرية ناهيا بمحافظة الجيزة، إذ التحق بنادي الترسانة وهو في ال12 من عمره، وتخرج من قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة وتزوج من زميلته في الجامعة (سمية) في عام 2002، ولديه طفلان توأم سيف وأحمد وطفلة (رقية)، وعرف أبو تريكة بالالتزام الديني كما اختير سفيراً لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة لمحاربة الفقر، وقال حينها: «الإسلام يعالج الفقر من خلال الزكاة لأن الغني يشعر بمحنة الفقراء، ويجب علينا أن نساعدهم بقدر الإمكان حتى لا يشعروا بالغربة في المجتمع». ومن هذا المنطلق، في عام 2005 انضم أبو تريكة إلى اللاعب البرازيلي رونالدو واللاعب الفرنسي (الجزائري الأصل) زين الدين زيدان إضافة إلى 40 من نجوم الكرة العالمية للمشاركة في مباراة حملة شعار «ضد الفقر بهدف جمع التبرعات للفقراء حول العالم. ويتمتع أبو تريكة بشعبية عالية في مصر والعالم العربي إذ اختير ضمن قائمة أقوى 20 شخصية عربية مؤثرة بعد استفتاء أجرته مجلة «شباب 20 الإماراتية». وكان أبو تريكة انضم للأهلي موسم 2003 منتقلاً من الترسانة وحقق مع فريقه الجديد إنجازات عدة، إذ حصل معه على بطولة الدوري 7 مرات ولقب الكأس المصري 3 مرات وكأس السوبر المصري 4 مرات ودوري أبطال إفريقيا 3 مرات وكأس السوبر الأفريقي مرتين كما نجح في مع فريقه لكأس العالم للأندية 3 مرات إضافة إلى الفوز مع المنتخب المصري بكأس الأمم الأفريقية عامي 2006و2008. أما على الصعيد الشخصي فحصل أبو تريكة على لقب أفضل لاعب بالدوري المصري مرتين ولقب هداف الدوري وهداف أفريقيا، كما حصل على جائزة أفضل لاعب أفريقي، وأفضل لاعب عربي 2007 و 2008 على التوالي في استفتاء جريدة «الهداف» الجزائرية، ولقب أفضل لاعب عربي 2008 وأفضل لاعب أفريقي لعام 2009 في استفتاء مجلة (الهدف) الليبية، وكذلك على لقب أفضل لاعب عربي 2008 في استفتاء مجلة (سوبر) الإماراتية، وحصل بالإجماع على لقب أفضل لاعب في الدوري المصري طوال الأعوام الأربعة الأخيرة، وكان هداف كأس العالم للأندية 2006 إذ أحرز 3 أهداف مع الأهلي ساهمت في حصول الأهلي على برونزية المونديال. كما اختير مع نخبة من نجوم كرة القدم ضمن قائمة «منتخب العالم» الذي شارك في لقاءات ودية خصص دخلها للأعمال الخيرية، وكان أكثر لاعب شعبية في العالم بحسب تصنيف الاتحاد العالمي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم (IFFHS) مرتين على التوالي عام 2007 وعام 2008. وتقدم أبو تريكة إلى المركز العاشر في قائمة هدافي العالم لعام 2008 التي يصدرها الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء بعد أن كان في المركز ال22 وذلك بعد أن ارتفع رصيده إلى 11 هدفاً دولياً خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2008. كما حصل أبو تريكة في شباط(فبراير) 2009 جائزة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لأفضل لاعب كرة قدم في أفريقيا لعام 2008. واختاره «فيفا» ضمن فريق منتخب القارات في بطولة كأس القارات 2009 التي انتهت في حزيران (يونيو) 2009.