لا تنتهي مقطوعة الشكوى من ارتفاع أسعار العقار، سواء من ناحية التملك أو الإيجار، مواطنون إلى أن رواتبهم الشهرية لم يعد يبقى منها سوى القليل بعد أن التهمت إيجارات المنازل معظم دخلهم، في وقت أصبح تملك مسكن بمثابة حلم يحلمون به يستيقظون كل صباح على أمل تحقيقه، إلا أنهم يصطدمون بالواقع الذي يساويهم بالوافدين الذين يأتون لهذه البلاد فترة ثم يغادرون، ويستأجر المواطنون كما هؤلاء الوافدون. أم غازي اضطرت إلى الانتقال إلى ضواحي مدينة من الرياض بعد أن تراكمت عليها إيجارات المنزل الذي كانت تقطنه في شرق العاصمة حتى وصلت حداً لا يطاق بلغ في إحدى المرات 70 ألف ريال استدعى ذهابهم إلى الشرطة مرات عدة. وقالت إن قرار الانتقال تسبب في ترك ابنتها لدراستها الجامعية وتردي أوضاعهم المعيشية إلا أنهم مجبرون على فعل ذلك. وأضافت: «نحن من ذوي الدخل المحدود، وكنا نسكن في شقة صغيرة بداية الأمر، كنا ندفع شهراً ونتوقف شهراً لعدم الاستطاعة، ومن ثم تراكمت الإيجارات وبين فترة وأخرى كان فاعلو الخير يساعدوننا في تسديد ما تيسر من قيمة الإيجار، إلا أن الأمر في نهاية المطاف لم يعد من الممكن السكوت عليه، فاضطررنا إلى الانتقال إلى المدينة التي تنحدر أصولنا منها، لنحصل على سكن بإيجار أقل ولا نزال ندفع إيجارات إلا أن هذا أهون ما كنا ندفع في الرياض». وطلبت أم غازي من الحكومة التعجيل بإيجاد حلول للإسكان، عبر إقامة الوحدات السكنية التي تتناسب مع حجم العائلات السعودية وحاجاتها. وأضافت: «القرارات الملكية الأخيرة جاءت مشجّعة لتملك المواطنين لسكن وتلمست حاجاتهم في هذا الشأن»، وتابعت: «ربما يزيد تأخير تنفيذ هذه المشاريع من متاعبنا، ويضاعف من أزماتنا المالية، لا بد أن يسكن كل سعودي في بيت ملك له، كما يحدث لمواطني الدول المجاورة، يحصل كل متزوج هناك على قرض وأرض يبني عليها مسكنه بالصورة التي يتمناها، بينما يترجى المواطنون هنا إصدار قرار يحدّد الإيجارات ويضبط سوقها». يسكن عبدالله بركي الربيعان في شقة صغيرة تزيد قيمة إيجارها السنوي على 22 ألف ريال، وراتبه الشهري لا يتجاوز 6 آلاف ريال، يقول: «في البداية أبرمت عقد الإيجار مع المالك ليتم دفع الإيجار على قسطين في السنة، إلا أنني اكتشفت عدم قدرتي الوفاء به، فاضطررت بعدها لأن أترجى مالك العقار لكي أستطيع الدفع شهرياً.. ومع هذا فإنني يصعب علي الوفاء أيضاً، وأحياناً تتراكم علي الإيجارات فترة بعد أخرى». ويستغرب طريقة تعامل الجهات المعنية مع قضية السكن «أحس أن التعامل مع مشكلة السكن كشيء ثانوي يمكن تأجيله، ولذا لم نجد حلولاً جذرية حتى الآن تضمن تأمين منازل تمليك للسعوديين». ويضيف: «لا يمكننا تملك منزل إلا بعد أن يشتعل الرأس شيباً، فيما يضيع بقية عمرنا في تقسيط أرض أو وحدة سكنية، أو في انتظار قرض من صندوق التنمية العقاري». وطالب بسياسة واضحة لتمليك السعوديين مساكن، «كل متزوج يجب أن يحصل في أقرب فرصة على حلم عمره، وأن يسكن بيتاً يؤويه وعائلته، من دون إزعاج من مالك العقار بين فترة وأخرى». ويشير إلى أنه يتوجب على الحكومة إنقاذ المواطنين من شبح الإيجارات المتراكمة، خصوصاً مع الجشع الكبير لملاك وتجار العقار، إذ أصبحت قيمة الإيجارات باهظة في مختلف مناطق المملكة، وزادت معدلاتها فجأة دون أسباب حقيقة، كل هذا بسبب غياب الرقابة الصارمة من الجهات المعنية. وانتقد الربيعان وسائل الإعلام المحلية، «فعلى رغم طرحها لقضية تملك السعوديين للمساكن بين فترة وأخرى، إلا أنها لم تتطرق لها بالصورة التي توازي حجمها الحقيقي، فهي أعظم مشكلة يواجهها المواطن السعودي حالياً إلى جانب البطالة». ويوافقه الرأي عبدالكريم البراهيم الذي أكد أن الإعلام الذي يعد مرآة للمجتمع وباحثاً عن تحقيق أحلامه ومعالجة همومه ومشكلاته، من الواجب عليه أن يكثف طرح هذه القضية حتى تلتفت الدولة لها بصورة أفضل، ويمتلك كل مواطن منزلاً خاصاً به. وتساءل البراهيم مقارناً نفسه بالمواطنين في دول أخرى: «إلى متى أسكن بإيجار، وغيري من المواطنين الخليجيين يمتلكون الأراضي والمساكن، على رغم أن بلادنا تمتلك أراضٍ شاسعة؟ إلى متى وأنا أقترض وأقترض لأسدد إيجار منزلي، لأدخل في دوامة جديدة من المتاعب المالية، من دون أن تقف معي الجهات المتخصصة وتساعدني لأمتلك منزلاً يعفيني من هذه المتاعب». وزاد: «يجب أن تقوم الحكومة بفك احتكار التجّار للأراضي حتى تنخفض أسعارها، إذ أصبح سعر الأرض حالياً يعادل قيمة مسكن كامل قبل أعوام»، متسائلاً: «لماذا لا تقدم لنا أراضٍ وقروض من دون فوائد لنقيم عليها مساكننا؟».