يعيش أغلب المستأجرين، تحديدا من ذوي الدخل المحدود، هاجس ارتفاع أسعار إيجارات العقارات، بلا مبررات منطقية لهذا الارتفاع المجنون، فيما يشبه الفوضى في سوق العقار، الذي رغم نموه المضطرد، إلا أنه يفتقر للقوانين التي تنظم وحداته وأسعاره. وإذا كان بعض أصحاب العقارات وملاك المباني الحديثة يبررون رفع أسعار الإيجارت مقابل ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت وغيرها من مواد البناء، فإنه ليس أمام أصحاب المباني القديمة ما يقولونه في تبرير رفع أسعار إيجاراتهم سوى استغلال حاجة الكثيرين للسكن، في ظل النقص الواضح في العقارات؛ وفقا لمبدأ العرض والطلب.. مصلح القارح من مكةالمكرمة، أكد أنه ظل خمسة أشهر يبحث عن شقة سكنية لإسكان أسرته المكونة من 18 فردا، دون أن يعثر على سكن في العزيزية والعوالي، مؤكدا أن انفتاح شهية الملاك وراء رفع عائدات عقاراتهم، عن طريق إسكان الحجاج، خفض نسبة المساكن للمواطنين والمقيمين بشكل واضح. ولا حل في نظر حسين مهدلي (مستأجر) في مكةالمكرمة من تدخل الجهات المعنية للمحافظة على أسعار تأجير الشقق السكنية، بمنع أصحاب المكاتب من السيطرة على العقارات، الأمر الذي أدى لرفع الأسعار بزيادة غير مقبولة، مشيرا إلى أن غياب الرقابة على السوق، أدى إلى رفع الأسعار بلا مبرر. وطالب سعود الهذلي من مكةالمكرمة، بحل قابل للتنفيذ من خلال سماح أمانة المقدسة لأصحاب العقارات على الطرق الرئيسة بتعدد الأدوار، خاصة على طريق المدينة السريع وطريق العوالي- الطائف وطريق السيل والفيحاء، وزيادة الأدوار على الشوارع التجارية في المخططات السكنية، بهدف إيجاد مساكن بديلة تلبي حاجة السوق الذي يعاني قلة العرض منذ ستة أشهر. ويؤكد صالح فليت (أحد المستأجرين في مبنى سكني في مكة) أنه عانى من مطامع المستثمر الذي يفكر في العائد المادي دون مراعاة ظروف الأسر، حيث يقول: كنا ننعم بالاستقرار في هذه الشقة منذ 20 عاما تقريبا، وبإيجار ثابت 22 ألف ريال، إضافة إلى تكبدنا مبالغ كبيرة من أجل عمل تحسينات للشقة، سواء من طلاء الجدران أو السباكة والكهرباء، والآن نخرج منها من أجل رغبة صاحبي العقار في زيادة الإيجار. و(أم رمزي) واحدة ممن يجأرن بمر الشكوى بسبب تعرضها للطرد من قبل صاحب العمارة التي تسكنها في مكةالمكرمة، وقالت : ثلاثة أشهر، وأنا أبحث عن سكن يؤويني وأولادي؛ كوني أرملة بلا سكن أو حتى دخل ثابت. طرد 40 أسرة دون عقد مبرم أو حتى إشعار رسمي، أصر مالك عمارتين في حي النزهة في مكةالمكرمة، على إخراج 40 أسرة من مساكنهم، سعيا وراء تأجيرها كمسكن للحجاج. فيما يتهيأ أكثر من 30 مستأجرا للجوء لإمارة منطقة مكةالمكرمة لنظر قضيتهم، حيث تعيش الأسر وضعا مأساويا بسبب سحب المالك الحارس، وإيقاف 4 مصاعد داخل العمارتين، وقطع توصيلات الهاتف. وحول ذلك، يقول عبدالله الصبياني (أحد سكان العمارة): في ذروة الموسم الدراسي صدمنا برغبة المالك بإخلاء الموقع، في الوقت الذي يصعب فيه نقل أبنائنا من المدارس، في حين رفض موافقة السكان على رفع الإيجار من 17 ألف إلى 20 ألف ريال. على جمعان من سكان العمارة المهدد سكانها بالخروج، كشف أنه تكلف بتحسينات في شقته بأكثر من 20 ألف ريال، وقال إن السكان أصبحوا يستخدمون الهواتف النقالة لإضاءة الممرات عند الدخول والخروج، فيما فضل بعض السكان نقل مرضاهم من كبار السن الذين يحتاجون إلى مراجعة المستشفيات إلى أقارب. الأزمة في جدة في جدة، يؤكد شامي صديق أن المحافظة تعاني خلال الفترة الأخيرة من ارتفاع كبير ومبالغ في إيجارات العقارات، مشيرا إلى أن الفوضى أصبحت تعمها من كل جانب، ونحن الضحية -حسب قوله-. ويضيف شامي: كنت منذ فترة أبحث عن شقة بديلة للتي أسكنها، بسبب القرار المفاجئ الذي واجهني به صاحب المنزل، بعد سبعة أعوام سكنتها في عمارته، كنت حريصا على ألا يكون هناك أي تأخير من ناحية دفع الإيجار، لكنه صدمني برفع قيمة الإيجار وتحديد سعر جديد، دون مراعاة لظروف المستأجرين، أو حتى مجرد التفكير في أحوالنا، حيث رضيت سلفا حين استأجرت شقة بأربع غرف ب19 ألف ريال سنويا لسبعة أعوام، بعدها ودون مبررات قرر رفع الإيجار إلى 24 ألف ريال، علما بأن مالك المبنى رفع إيجاراته، ولم يتعرض أصلا أو يتأثر بارتفاع مواد البناء؛ كون المبنى قديما. ويشير الشاب أحمد علي عسيري إلى أن زواجه يأتي مع بداية الإجازة القصيرة الحالية، وكان يسابق الزمن من أجل الانتهاء مبكرا من تجهيزات العرس، ومع ذلك لم يتمكن من استئجار شقة حتى الآن، فمعظم الشقق في جدة، التي وقف عليها أسعارها رغم بساطتها، خيالية، ولكنه سيكون مضطرا في نهاية الأمر لاستئجار إحداها. ووصف سيف الرويلي الأسعار الحالية بأنه مبالغ فيها، فالشقق التي تحوي ثلاث غرف وصلت إلى 23 ألف ريال، بينما في السابق لم تكن تتجاوز 15 ألفا، أما التي تحوي 4 غرف وصل سعرها إلى 25 ألف ريال، بينما وصلت ذات الغرف الخمس إلى 30 ألف ريال. وأضاف أن تعامل المستأجرين مع الملاك لا يكون بصورة مباشرة، إنما عن طريق مكاتب العقار، أضف إلى ذلك أن بعض هذه المكاتب تأخذ نسبة تزيد على نسبة الخمسة في المائة المتعارف عليها. ويروي عبد الله الصاعدي أنه تفاجأ بصاحب العمارة في جدة، يرفع الإيجار من 28 ألفا إلى 36 ألف ريال، ابتداء من العام، مطالبا بزيادة ثمانية آلاف ريال في الإيجار، مع منحه مهلة ستة أشهر فقط لتوقيع العقد الجديد أو مغادرة الشقة. وقال الصاعدي إنه في ظل الأزمة الحالية في الشقق السكنية فهو مضطر لدفع الزيادة. وينطبق حال الصاعدي على العديد من المستأجرين الذين يتوجب عليهم دفع الزيادة في الإيجار أو المغادرة، حيث يقول ماجد القرشي إن صاحب العمارة التي يسكنها رفع الإيجار مرتين خلال خمسة أعوام، حيث ارتفع من 18 ألفا إلى 20 ألفا، ثم إلى 23 ألف ريال، وإما الدفع أو الإخلاء. عبد الله العمودي (مستأجر آخر في جدة)، قال إنه رفض ابتزاز صاحب العمارة في رفع الإيجار دون أي أسباب منطقية، ما دعاه إلى البحث عن بديل، ليكتشف أن جميع أسعار الشقق مرتفعة ومتشابهة، ما دعاه للقبول مكرها بزيادة إيجار منزله. فكرت في خيمة يقول خالد عبد الرشيد ترسن (46 عاما- كاتب معاريض أمام أحد الأرصفة المقابلة للمحكمة في جدة) منذ خمسة أعوام، وأنا أسكن شقة لا ترقى للمستوى الآدمي، والوضع يرثى له، لدرجة أنني فكرت في بناء خيمة للهروب من ارتفاع أسعار الشقق من قبل الملاك، الذين لا يرحموننا، وبما أنني كاتب معاريض لا يتعدى دخلي اليومي ال50 ريالا، وربما تنقص في بعض الأحيان، فإنني لا أجد حقوقا للمستأجر تضمن راحته في سكن مناسب له ولأبنائه، فأنا وزوجتي وطفلان نسكن غرفة وحيدة شاملة المطبخ والحمام، كنت في السابق أدفع مقابلها 920 ريالا، وحاليا أدفع 1300ريال، دون مراعاة لظروفي المادية وحتى الصحية، فأنا أعاني من مشكلة في السمع والأرجل، وعند سؤالي للمالك: لماذا ترفع إيجاري، أجابني: إذا لم يعجبك فبإمكانك الخروج، هكذا بكل بساطة دون مراعاة لمشاعري أو وضعي الصحي والمادي، ما جعلني ألجأ لبعض الجهات، ولكن لم أجد من يسمع معاناتي حتى أن مندوبة من إحدى الجمعيات الخيرية، عندما جاءت لترى حالتي على الطبيعة، لم تستطع أن تكمل نصف الدرج الذي أصعده يوميا حتى الدور الرابع على قدمي، واكتفت بإرسال رجل أمن معي كان يرافقها، ليقف على وضعي، ومن ثم يشرحه لها، وإلى الآن لم أجد من ينصفني، لاسيما أن بعض الملاك لا يراعون ظروف المستأجرين، ما يحتم ضرورة سن قوانين تمنعهم من التلاعب في الأسعار. طمع المالك من جهته يقول حاتم عباس حكيم من جدة إن المشكلة الحقيقية تعود إلى جشع بعض أصحاب العمائر السكنية وليس المستأجر، مؤكدا أن مالك العقار باستطاعته رفع الإيجار دون محاسبة أو مراقبة من أي جهة كانت وبحجج واهية. وأضاف: أنا حاليا أبحث عن شقة أخرى غير التي أسكنها، بعد أن رفع المالك الإيجار 4 آلاف ريال في العام، ليصبح 28 ألف ريال، مشيرا إلى أن أصحاب العمائر يبررون ذلك بارتفاع أسعار مواد البناء. ويضيف: هل هناك مبرر لصاحب عمارة تجاوز عمرها 10 أعوام رفع الإيجار، وعمارته لم يلحقها أي ارتفاع في التكاليف أسوة بالعمائر الجديدة سوى الطمع والجشع. مزيد من المخططات السكنية لأهل القرى الذين يسكنون المدن على نظام الإيجار، بهدف إيقاف النزيف السكاني للمدن بإيجاد فرص سكنية داخل المراكز والقرى والهجر الواقعة خارج مكةالمكرمةوجدةوالطائف، مشيرا إلى إمكانية توظيف دور البنوك الوطنية في إيجاد شراكة تبتعد عن تحميل المواطن بالديون، بحيث تتبنى البنوك بناء قرى سكنية بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك. وقال صالح النجار عمدة حي الأصيفرين في المدينةالمنورة (سابقا) إن عدم وجود لائحة تنظم أسعار الإيجارات وترك تحديد السعر بين صاحب العقار والمستأجر، أدى لارتفاع أسعار العقار في وقت يزداد الطلب بشكل سنوي على العقارات، مطالبا بإيجاد لائحة تعتمد على ضوابط معينة لتنظيم وتحديد أسعار العقار. ارتفاع مبالغ فيه ومن جدة، يقول رجل الأعمال سعيد معروف، أنا ضد ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، ومع ذلك أرى أن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية يتحكم فيه موقع الوحدة السكنية ونوع تشطيبها ومواصفاتها أو الإضافات التي قد تلحق بالوحدة السكنية حتى وإن كانت بنيت قديما. مشيرا إلى أن بعض أصحاب العمائر القديمة لجأوا إلى حفر خزانات ماء لكل وحدة سكنية وترميم الشقة من الداخل والعمارة من الخارج، وهذا بالتأكيد فيه مصاريف يرى بعض ملاك العقار أن يساهم المستأجر في دفعها، وبعضهم يبالغ في رفع الأسعار من أجل إخراج المستأجر حتى يحل مستأجر آخر محله. لا شقق للسعوديين رغم أن الضمانات التي يقدمها المستأجر المقيم للمكتب العقاري لا تشكل فرقا جوهريا مقارنة مع الضمانات المقدمة من المستأجر السعودي، إلا أن العرف العقاري الذي بدأ في الانتشار في العامين الأخيرين بعدم التأجير للسعوديين، أصبح يشكل هاجسا يؤرق المواطنين الراغبين في السكن. يقول أحمد الأزوري صاحب مكتب عقار في جدة إن العقد شريعة المتعاقدين، والمفروض الالتزام به على أكمل وجه سواء المالك أوالمستأجر كلاهما مثل بعض، ولكن ليس هناك قانون يضمن حقوق المالك، بل إن بعض البنود التي توجد في العقد تعتبر تخويفا للمستأجر ليس أكثر، لذلك تجد أكثر المستأجرين يلجأون للأجنبي ولا يؤجرون للسعودي، لأن أكثر الأجانب يعملون في شركات خاصة، ولديهم بدل سكن وبعضهم مستواه المعيشي أو راتبه أفضل، والأجنبي يتخوف ويتردد في عدم دفع المالك حقه حين استحقاقه، أما المواطن فإنه إذا تعسر في عمله أو كان مديونا، فإنه يؤجل الدفع للمالك، ويدخل في متاهات لا نهاية لها، حتى إنني أذكر قصة، منذ فترة امتنع شخص عن الدفع وبصراحة لم يكن السبب تعسره ماليا، بل مسألة كيفية وبعد قضايا ومحاكم وشكاوى، رأى صاحب العقار أنه لا فائدة ترجى من كل ما يفعله، وسوف يكون الخسران من جميع النواحي، فما كان منه إلا اللجوء للحيلة مع المستأجر وبدأ يساومه بأنه سوف يعطيه مبلغا من المال نظير تركه للشقة ليرحل منها، فما كان من المستأجر إلا الموافقة على هذا العرض المغري ومن ثم رحل، والأدهى والأمر أنه ترك الشقة في حالة يرثى لها، ما كلف صاحب العمارة الكثير من المال لصيانة وتجديد الشقة. وعن رفع الملاك للأسعار وخاصة للشقق يضيف الأزوري أن المسألة أصبحت عائمة بالنسبة لهم، فيأتي صاحب العقار ويشعر المستأجر بأنه رفع الإيجار وبشكل مبالغ فيه، ما يضع المستأجر في حرج كبير وتجده يفكر ألف مرة في الانتقال لسكن آخر، خصوصا إذا كان سكنه قريبا من مقر عمله أو قريبا من الخدمات التي يحتاجها أي إنسان، ولعلمه مسبقا أن جميع العقارات ارتفعت أسعارها، وليس هناك مجال أو عدد كاف من الشقق التي سوف يحصل عليها، خصوصا أن 70 في المائة من السكان ليس لديهم سكن خاص، لذلك يلجأون للإيجار حتى إن أكثر الطلب الآن على الشقق الصغيرة ذات الغرفتين والثلاثة، نظرا لأسعارها التي تكون في متناول المستأجر، حتى إن الملاك اهتموا بالشقق الصغيرة لإرضاء المستأجر الذي يبحث عن السعر المناسب، عكس ما كان معمولا به سابقا فإن المواطن لا يقبل بشقة أقل من خمس أو أربع غرف بمنافعها، ولكن الآن تغير الوضع وأصبح الطلب يتزايد على الشقق الصغيرة بشكل كبير. ويضيف الأزوري أنه بإمكان المستأجر وضع إضافات على العقد المبرم بين الطرفين، مثل تمديد العقد لخمسة أعوام متتالية دون رفع الإيجار، وبذلك يضمن المالك والمستأجر حقهما. أحمد البدوي الذي استمر بحثه أكثر من 4 أشهر للحصول على شقة سكنية ملائمة مكونة من 3 إلى 4 غرف في أحياء وسط وشمال جدة، قال إن رفض أصحاب العقار تأجيره الشقة التي يرغبها، هدد بتحطيم آماله في إتمام مراسم زواجه، خصوصا أنه يحتاج من شهرين إلى ثلاثة أشهر لتأثيث عش الزوجية. يتساءل البدوي أين «الوطنية» لدى أصحاب بعض العقارات والعمائر السكنية، الذين أوصلونا إلى هذا الحال لنحصل على شقة سكنية بمبلغ معقول، وأين حقوقنا في السكن في ظل صمت الجهات المعنية في الدفاع عن حقوقنا في الحصول على السكن المناسب. ارتفاع البنية التحتية من جانبه أرجع رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في الطائف أحمد بن ناصر العبيكان أسباب ارتفاع العقارات إلى ارتفاع البنية التحتية الممثلة في الصرف الصحي والإنارة والترصيف والكهرباء. وقال إن تكاليف البنية التحتية التي تشهد ارتفاعا مضطردا منذ أعوام، أدى إلى ارتفاع الأراضي في المخططات الجديدة، وبالتالي ارتفاع العقار بشكل عام، لاسيما بعد القرار الأخير لوزارة الشؤون البلدية والقروية بوقف بيع جميع المخططات السكنية ما لم تستكمل بنيتها التحتية. وأضاف إن من أسباب ارتفاع العقار أيضا خضوعه للعرض والطلب كأية سلعة تجارية، وازدياد الطلب على الشقق، كما أن أسعار الأراضي ارتفعت بشكل كبير مع ارتفاع عدد السكان في الآونة الأخيرة. وحذر العبيكان من أزمة عقارية مقبلة، مشيرا إلى أن الحل يكمن في بناء وحدات سكنية بمشاركة رجال الأعمال والمطورين، ما من شأنه تقليل الضغط على الشقق المفروشة، وبالتالي تناقص الطلب وانخفاض الإيجارات، مطالبا البنوك المحلية بالمساهمة في حل أزمة السكن، ومشاركة المجتمع في حل بعض من مشاكله، كما هو الحال في كثير من الدول. كما أن نظام الرهن العقاري الذي يتوقع أن يصدر قريبا، سيحل من وجهة نظره الكثير من إشكاليات العقار، مشيرا إلى أن اللجنة العقارية تلقت خلال الأشهر الماضية عددا من الشكاوى والاقتراحات حول ارتفاع الإيجارات والعقار بشكل عام، وتتم دراستها لوضع التوصيات والمرئيات الخاصة بها لرفعها إلى الجهات المعنية. لا للتدخل في السوق العقارية من جهته وصف الاقتصادي الدكتور فهد جمعة من المدينةالمنورة أسعار إيجار العقارات في المملكة بأنها مرتفعة وفاقت معدل التضخم، منتقدا محاولات التدخل في السوق العقارية من قبل بعض الجهات التنظيمية. وقال إن الشائعة التي ظهرت قبل عامين، والتي أشارت إلى احتمال صدور نظام أو لائحة تنظم أسعار الإيجارات وتفرض زيادة قدرها 5 في المائة على سعر العقار سنويا، أدت إلى ارتفاع الإيجارات لأكثر من 150 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع قياسي وغير مسبوق في إيجارات الشقق والمساكن في مدن المملكة، لاسيما المدن الكبرى التي يزداد فيها الطلب. وأضاف: الحل في عدم التدخل في السوق، وأن العرض والطلب كفيل بحل المشكلة، فالعديد من دول العالم بما فيها أمريكا حاولت فرض تدخلات وضوابط لتحديد أسعار إيجار الوحدات السكنية، ما أدى إلى تدني جودة المباني وخدماتها، لكن المعطيات تشير إلى أن الحل يكمن في الإبقاء على سياسة العرض والطلب أولا، ثم تشجيع زيادة عدد العقارات، وفرض ضرائب على الأراضي الفضاء داخل الأحياء وإلزام أصحابها إما بالبيع أو دفع ضريبة سنوية تفرضها الجهات المعنية، داعيا إلى جذب المزيد من الاستثمارات الحكومية في العقار وإقامة الشقق من خلال دعم وتشجيع بناء المجمعات السكنية والقضاء على المضاربة في العقار. تحديد إيجار الشقق في ذات السياق قال رئيس لجنة البناء والتشييد في غرفة جدة خلف بن هوصان العتيبي، إن حركة العقار في المملكة بشكل عام تسير في اتجاه الارتفاع النسبي في الأسعار، رغم التوسع العمراني في الأراضي شرق وشمال جدة، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الشقق السكنية في جدة بشكل خاص وفي المملكة بشكل عام، يعود إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال ارتفاع أسعار الأراضي إلى الضعف عما كانت عليه قبل خمسة أعوام، وارتفاع أسعار مواد البناء بشكل غير طبيعي خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الشقق السكنية مقارنة بالمعروض، ما أسهم في زيادة قيمة بناء الشقق السكنية إلى الضعف عما كانت عليه سابقا. وأضاف بأن زيادة الإيجارات لم تقتصر على مدينة أو منطقة معينة، بل طالت مختلف المناطق والمحافظات، مشيرا إلى أنه لا بد من وضع آلية من قبل الجهات ذات العلاقة، لوضع المعايير الملائمة والمناسبة التي تحمي حقوق المستأجرين والملاك. وحول مساهمة بناء الشقق السكنية في الوقت الحالي في تقليص الفجوة، قال العتيبي إن المستثمرين اتجهوا إلى بناء وإنشاء الوحدات والمجمعات والشقق السكنية في مواقع مختلفة من مدينة جدة، بهدف تلبية الطلب المتزايد عليها جراء الزيادة الملحوظة في عدد السكان، وخصوصا في الأحياء الجديدة المكتظة بالسكان والتي تتوافر فيها جميع الخدمات، مشيرا إلى أن سعر إيجار الشقة الواحدة في العام بلغ 20 ألف ريال. ويقترح العتيبي تكوين لجنة من الجهات ذات الاختصاص من الغرفة التجارية ووزارة التجارة، لتحديد أسعار إيجار الشقق السكنية وفق تكلفتها وسعر متر أرض المبنى، والتشطيبات والزيادات في الشقة، وعدم تركها لعشوائية التحديد من قبل المستثمرين، بالإضافة إلى تحديد مسؤوليات الملاك من ترميم المباني وإصلاح الأعطال الناتجة عن سوء البناء. ثورة المسكن الميسر المهندس عبدالخالق بن عقاب الزهراني قال في معرض حديثه عن إيجاد حلول للأزمة: إن هناك مخططات كثيرة على ضواحي مكة لو أوصلت لها الخدمات مثل الكهرباء على أقل تقدير لحلت أزمة كبيرة على المواطنين ولفتحت المجال أمامهم للسكن فيها، خصوصاً أننا في ثورة المساكن الحديثة التي تسمى (المسكن الميسر)، وهذه المساكن سريعة البناء قليلة التكلفة وتشهد انتشاراً عالمياً منذ عقود مضتن وقد آن الأوان للاستفادة من هذه التقنيات لحل أزمة السكن. مماطلة المستأجرين ويرى بندر حميدة عضو اللجنة العقارية ولجنة المقاولات في الغرفة التجارية في مكةالمكرمة، أن الآلية المتبعة في عدم تمكين أصحاب العقارات من حقوقهم ساهم بجلاء في توجه الملاك إلى الاستثمار في مجال إسكان الحج والعمرة والفندقة، مشيرا إلى أن مكة وحدها بحاجة إلى 30 ألف وحدة سكنية حتى عام1442ه. واقترح لحل الأزمة إيجاد شراكة بين الجهات الحكومية، لحل معضلة مماطلة المستأجرين وصياغة آلية قوية لتحضير الخصوم بما يضمن حقوق الملاك، مؤكداً أن هذه الخطوة ستساهم في ضمان حقوق المستثمرين، خصوصا أن حجم العائد في قطاع الإسكان العام يتراوح ما بين 10 إلى 12 في المائة. ضبط الإيجارات وأشار مقبول بن عبد الله الغامدي (رجل أعمال) إلى أن جدة تشهد ارتفاعا واضحا في أسعار إيجارات الشقق السكنية في مختلف الأحياء، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى وجود أزمة شقق سكنية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء وقبل ذلك ارتفاع أسعار الأراضي، ما أسهم في ارتفاع أسعار الشقق السكنية، لافتا إلى أن الأحياء الداخلية في جدة شهدت ارتفاعا في أسعار إيجارات الشقق، حيث ارتفع سعر الشقة الصغيرة من 16 ألفا إلى 19 ألف ريال، بينما يبلغ سعر الشقة المتوسطة 4 غرف من 20 ألفا إلى 23 ألف ريال، مطالبا ضرورة ضبط الإيجارات وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر. معاناة وتبريرات صالح بابدر (صاحب أملاك وعقارات في جدة) برر رفع الإيجارات بارتفاع المواد الأولية وتكاليف الصيانة والأدوات الصحية والتجديدات التي تحتاجها المباني المستهلكة مع مرور الزمن، بالإضافة للأيدي العاملة والموظفين الذين يعملون على صيانة وترميم كل شقة على حدا. ويضيف بابدر نعاني أشد المعاناة مع المستأجرين حتى قبل ارتفاع الأسعار وأكبر معاناتنا تتمثل في المماطلة في دفع الإيجار، فما إن يتمكن المستأجر من إيجار الشقة والدفع مقدماً لأول ستة أشهر، حتى يبدأ في المماطلة والامتناع عن الدفع ومن هنا تندلع الشكاوى ورفع القضايا، علما بأن مواعيد القضاء طويلة وتأخذ الكثير من الوقت والجهد، فيما يظل الساكن يراوح مكانه دون رادع أو إجباره على الدفع، بالإضافة إلى أنه ليس هناك قانون يتيح لنا كملاك استرداد حقوقنا وهذه بحد ذاتها معاناة. وقال صاحب عمائر السكنية (طلب عدم ذكر اسمه)، إنه اكتشف عن طريق الصدفة أن كافة العمائر التي حوله رفعت إيجاراتها، ما دفعه لرفع إيجاراته أسوة بالبقية. أسعار مواد البناء يعزو يوسف أبو علام (مسؤول في أحد مكاتب العقار في جدة) ارتفاع إيجارات الشقق إلى ارتفاع أسعار مواد البناء من حديد وأسمنت، والتي حدت من إقدام كثير من المواطنين على التعمير مؤملين في انخفاض مقبل للأسعار. وقال هاني سليمان (عقاري) أن ثمة ظاهرة عقارية جديدة بدت تطل برأسها على سوق عقارات الإسكان السنوي في مكة، أبطالها أصحاب مكاتب عقارية وضحاياها المواطنون الظاهرة الجديدة تتمثل في استئجار أصحاب المكاتب العمائر السكنية من أصحابها مباشرة بعقود طويلة تمتد لخمسة أعوام، تدفع قيمة الإيجار مقدماً وبشكل سنوي في حين يضع صاحب المكتب السعر الذي يريده أو تحويلها إلى مساكن حجاج . وطالب سعد اللحياني (عقاري) بسرعة تدخل أمانة مكة لتخطيط الأراضي العامة والتعجيل في توزيعها كمنح سكنية للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود، في ظل بروز مساحة نزع الملكيات الآن بشكل غير مسبوق في تاريخ أطهر بقاع الأرض مع أهمية تدخل الجهات المعنية في إيجاد ضوابط لمواجهة رفع الإيجارات السكنية والتوسع في مشاريع التمويل العقاري، ورفع القروض العقارية إلى 400 ألف على أقل تقدير لمواجهة ارتفاع مواد البناء، والتسريع في رفع نسبة القروض العقارية المخصصة لمكةالمكرمة، بطريقة استثنائية لمواجهة أزمة الإسكان. 12 ألف قضية حقوقية بين عضو اللجنة العقارية في غرفة جدة لافي البلوي أن المشكلة تكمن في قلة المباني الجاهزة للسكن، ونزوح الكثير من السكان من المناطق القديمة إلى المناطق الحديثة، ما سبب زيادة الضغط والطلب، الأمر الذي يجعل الأسعار ترتفع بشكل أو بآخر، علاوة على الطفرة الكبيرة في الزواج والتعداد السكاني، ما حدا بأصحاب العمائر لاستغلال ذلك ورفع الإيجار، فضلا عن أن ارتفاع أسعار المواد الأساسية للبناء، ساهم في رفع إيجارات المساكن حديثة الإنشاء، مؤكدا أن ما يحصل في ارتفاع أسعار المساكن القديمة لا مبرر له. ووصف البلوي رفع الإيجارات بشكل مبالغ فيه من جانب صاحب العقار بأنه أمر غير منطقي، وغير مقبول بالنسبة للعمائر والشقق القديمة، والتي لم تتأثر بالتكلفة الإنشائية المرتفعة مؤخرا، مشيرا إلى أن اللجنة العقارية عقدت اجتماعات في هذا الجانب، وتوصلت إلى أن تكون عملية رفع الإيجارات مقننة حسب المنطقة، بحيث يكون إيجار الشقة على سبيل المثال 20 ألف ريال، وبالتالي يقف المالك عند هذا الحد ولا يستطيع أن يرفعه لأي سبب كان، «ونحن بصدد رفع هذه التوصيات إلى الجهات الرسمية لدراستها والنظر فيها»، مؤكدا أن هناك تعاونا مشتركا بين اللجنة العقارية في الغرفة والمحافظة ووزارة التجارة للحد من زيادة الإيجارات، حتى يكون هناك إنصاف للمستأجر بحكم أنه مستهلك، مشيرا إلى أن القضايا العقارية الحالية بين المالك والمستأجر التي وصلت المحكمة واللجنة العقارية، بلغت أكثر من 12 ألف قضية.