وزع بعض المواقع الالكترونية خبر إطلاق النار الذي حصل في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في مدينة دمشق في السادس من الشهر الحالي من دون ان تذكر ما يشهده المخيم من حراك وتغيرات منذ بداية الثورة السورية، فخلال الأزمة التي تعصف بالنظام السوري، انقسمت مواقف الفصائل والأحزاب الفلسطينية في سورية بين مؤيدة وبين أخرى ادعت الحياد، وأتت هذه المواقف بناء على سياق العلاقة التي تربط هذه الفصائل بالنظام السوري، وكان على رأس مؤيدي النظام، ولا يزال، الجبهة الشعبية-القيادة العامة، التي سعت بكل ما تملكه من جهود لمساعدة النظام ودعمه، ومن دون أن تكون معنية بما يمكن ان تثيره سلوكيات من هذا النوع من فتن بين ابناء الشعب السوري وضيوفه الفلسطينيين، الذين أعلن وجهاء منهم وفي أكثر من مناسبة أن الموقف الشعبي الفلسطيني يقف وبكل وضوح إلى جانب الثورة السورية. غياب المصلحة لم تعمل الفصائل الفلسطينية على قراءة واقع المخيمات الفلسطينية في ظل الثورة، فهي بالأصل بعيدة من الشارع منذ زمن بعيد يمتد إلى ثمانينيات القرن المنصرم، لذلك فإن المصلحة الفصائلية الضيقة والتي تتقلص أحياناً إلى المصالح الشخصية الأضيق، هي التي حكمت القرارات والتي أدت مؤخراً الى تسيير دوريات ليلية في مخيمات دمشق بين الساعة الحادية عشرة ليلاً والساعة الرابعة صباحاً، الهدف منها إحباط أي تحرك سلمي فلسطيني من شأنه أن يدعم الثائرين السوريين. والجدير ذكره أنه عندما قام مسلحو الفصائل المؤيدة للنظام بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين في مخيم اليرموك في السادس من حزيران (يونيو) من العام الفائت، كانت الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وفقاً لما تسرب حينها من أنباء، قد طالبت بتسيير دوريات مشتركة من كافة الفصائل لحماية المخيم من «المندسين» و «المخربين»، إلا أن فصائل اخرى رفضت هذا الأمر واعتبرت أن حماية المخيمات هي مهمة الحكومة السورية، لكن «القيادة العامة» والقيادة القطرية الفلسطينية لحزب البعث العربي الاشتراكي، كما تبين في ما بعد، أخذتا الضوء الأخضر من الحكومة السورية لتسليح كوادرهما، بهدف ملاحقة الناشطين الفلسطينيين الذين رفضوا زج المخيمات في أتون العنف، ما أدى إلى ملاحقة الكثير من هؤلاء الناشطين وخطفهم واعتقالهم في التظاهرة السلمية التي خرجت رفضاً لاقتحام قوات الجيش السوري النظامي مخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية في منتصف شهر آب (اغسطس) من العام الماضي، ما حدا بشباب المخيمات إلى تنظيم ما أطلقوا عليه قائمة العار الفلسطينية في ظل الثورة السورية، وتم نشرها عبر صفحات فايسبوك وبعض مواقع الانترنت. قبل عدة أيام، شهد مخيم اليرموك في العاصمة دمشق مطاردة وإطلاق نار أديا إلى إصابة شخصين واعتقال ثلاثة آخرين. ويشهد هذا المخيم منذ ما يقارب العشرة أيام تظاهرات يومية داعمة للثورة السورية، خاصة بعد أن نال العنف الذي يمارسه النظام السوري مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في معظم المحافظات السورية، ابتداء من مخيم درعا وصولاً إلى مخيم الرمل في اللاذقية. الحياد السجون السورية مليئة بالمعتقلين الفلسطينيين، إضافة إلى عشرات من اللاجئين الفلسطينيين الذين سقطوا جراء الحملة العسكرية التي يشنها الجيش السوري في أنحاء متعددة من سورية، ومعظمهم من سكان المخيمات التي تعرضت هي الأخرى للقصف وخاصة في درعا وحمص واللاذقية، ما أثار غضب الفلسطينيين الذين حاولوا الوقوف على الحياد في بداية الأزمة، لولا ان سلوك بعض الفصائل الفلسطينية المؤيدة للنظام دفع الى رد فعل، كما حدث في السادس من حزيران الفائت عندما تظاهر آلاف الفلسطينيين أمام مبنى الخالصة رفضاً لما اعتبروه تجارة رخيصة بدماء الفلسطينيين لحساب النظام حيث حمّل المتظاهرون الفصائل الفلسطينية مسؤولية المجزرة على حدود الجولان المحتل في ذكرى النكسة، وارتكبت حينها «القيادة العامة» مجزرة مشابهة أودت بحياة ما يقارب العشرة فلسطينيين ومئات الجرحى. وعبَّر معظم المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم عن غضبهم من اللامبالاة التي أبدتها الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير جراء اعتقالهم، وصرح الكثير من هؤلاء المعتقلين بأن صوراً كانت تعرض عليهم من قبل المحققين ممهورة بأختام فصائل فلسطينية، ما يدل على أن هذه الفصائل قد أعطت هذه الصور لأجهزة الأمن السورية لتسهيل عمليات الاعتقال. ويبدي الفلسطينيون اليوم خوفاً كبيراً من جراء ممارسات فصائل فلسطينية داخل المخيمات في سورية، كما يبدون امتعاضهم من عدم تدخل منظمة التحرير الفلسطينية أو الأونروا لحماية المخيمات، الأمر الذي يشعرهم بحسب تعبير أحد المفرج عنهم «باليتم»، لأن الفلسطينيين يدخلون المعتقلات ويخرجون ويستشهدون « ولا مين شاف ولا مين دري»، كما يقول معتقل فلسطيني آخر أطلِق أخيراً.