توقفت صحيفة «الثورة» الحكومية اليمنية اليومية عن الصدور أمس، في سابقة، منذ صدر عددها الأول في 29 أيلول (سبتمبر) 1962، بعد ثلاثة أيام على إندلاع الثورة التي أطاحت بالحكم الإمامي في شمال اليمن، وأعلنت قيام «الجمهورية العربية اليمنية» على يد مجموعة من ضباط الجيش ونخبة من المثقفين والسياسيين المعارضين لنظام الإمامة الذي حكم ذلك الجزء من اليمن لأكثر من مئة عام. وجاء توقف «الثورة» عن الصدور بعد قيام مئات المحتجين المؤيدين للرئيس علي عبدالله صالح بالإعتصام أمام مبنى «مؤسسة الثورة للصحافة والنشر» لمنع خروج الصحيفة من المطابع وتوزيعها، احتجاجاً على إزالة نافذة «أهداف الثورة» ونافذة «إضاءات من أقوال الرئيس صالح» مع صورته، من أعلى ترويسة الصحيفة في عددها الصادر أول من أمس، كرد فعل على محاولة اغتيال وزير الإعلام علي أحمد العمراني (المنشق عن حزب المؤتمر الشعبي العام) والمحسوب على المعارضة في حكومة الوفاق الوطني. ومنع المحتجون دخول الصحافيين والموظفين والعاملين في الصحيفة وخروجهم، وطالبوا هيئة تحريرها بإعادة النافذتين إلى ترويستها والاعتذار عن إزالتهما، الأمر الذي رفضته هيئة التحرير بانتظار «توجيهات عليا» في هذا الشأن. وجاءت حادثة توقف الصحيفة الحكومية الأولى في اليمن أمس، في وقت تشهد البلاد أجواء سياسية وأمنية مضطربة واتهامات متبادلة بين أطراف التوافق السياسي عشية التحضير للانتخابات الرئاسية المبكرة وقبل أقل من ثلاثة أسابيع على إجرائها، وتسليم الرئيس صالح السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي باعتباره مرشح تزكية لمختلف الاطراف بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وارتفعت وتيرة الخلافات في الأيام الأخيرة بين أطراف حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها محمد سالم باسندوة، واتهم مصدر مسؤول في حزب «المؤتمر» أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، بافتعال المشكلات الأمنية والعسكرية والإعلامية، وتصعيد الاحتجاجات في العديد من المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية، التي تطالب بإقالة مسؤوليها ومحاسبتهم في قضايا فساد، في محاولة لإقصاء القيادات المنتمية الى «المؤتمر»، إضافة إلى اتهام المعارضة بالوقوف خلف بعض الحوادث الأمنية والاستحواذ على وسائل الإعلام الرسمية وتسخيرها لخدمة أغراضها السياسية، من خلال التغيير الذي حصل في الخطاب الإعلامي العام والذي جاء لصالح المعارضة. وفي المقابل تتهم أحزاب المعارضة «المؤتمر» بالسعي لافتعال المشكلات نفسها، بهدف ايجاد مبررات لعرقلة الانتخابات الرئاسية، وتقول ان «بقايا النظام السابق هم المستفيدون من تأجيل الانتخابات الرئاسية وافشالها، وإنهم يغذون الاعتداءات على أبراج الكهرباء وحجب المشتقات النفطية، ويفتعلون الاشتباكات مع تنظيم القاعدة»، كما تتهمه بالوقوف خلف محاولة اغتيال وزير الإعلام.