يقف الجمهور البرازيلي بين مطرقة تشجيع ألمانيا التي سحقت منتخبه الوطني (7-1) في نصف النهائي، وسندان الوقوف مع جارته اللدودة الأرجنتين في نهائي مونديال 2014 لكرة القدم المقرر على ملعب «ماراكانا» في ريو دي جانيرو اليوم (الأحد). طاف الجمهور الأرجنتيني في شوارع البرازيل منذ بداية المونديال رافعاً لافتات كتب على بعضها «مارادونا أفضل من بيليه»، و«سنعود بالكأس إلى بلادنا» وذكر جماهير «سيليساو» بهدف كلاوديو كانيجيا الذي أبكاهم طويلاً في الدور الثاني لمونديال إيطاليا 1990 عندما سجل مهاجم أتالانتا الإيطالي هدف التأهل إلى ربع النهائي في تورينو قبل 10 دقائق على صافرة الحكم الفرنسي جويل كينيو. تحدث دييغو أرماندو مارادونا، صاحب التمريرة التي جاء منها هدف كانيجيا، عن ذلك النصر في سيرته الذاتية: «يحب بلدي الفوز على البرازيل، ويفضله على أي انتصار آخر في كرة القدم، وينطبق الأمر ذاته عليهم، إذ يستمتعون بالفوز علينا أكثر من استمتاعهم بحلاوة النصر على هولندا أو إيطاليا أو ألمانيا أو أي منتخب آخر، مثلنا ومثلي، فما أحلى طعم الفوز على البرازيل». وعلى رغم أن المنتخب الألماني اكتسح البرازيل بسباعية موجعة وإمكان اقترابه من سجل البرازيل الخماسي في حال أحرز اللقب الرابع بعد 1954 و1974 و1990، يبدو الأقرب إلى قلوب الجماهير البرازيلية التي تعاني من حساسية أرجنتينية مفرطة، سواء أكانت في العلاقات السياسية أم الاجتماعية أم الرياضية، ومنها المقارنة الأبدية بين اللاعب الأفضل في تاريخ المستديرة البرازيلي بيليه أو الأرجنتيني دييغو مارادونا، اللذان خاضا حرباً لم تنته بعد مناكفاتهما على موقع الزعامة التاريخية على رغم منح الاتحاد الدولي لقب لاعب القرن لبيليه، وفي حال فوز الأرجنتين ربما يدخل عنصر ليونيل ميسي على المعادلة كونه سيضيف اللقب الوحيد الكبير الذي ينقص خزائنه. هانزي فليك مساعد المدرب الألماني يواكيم لوف طلب من البرازيليين مساندة طوني كروس ورفاقه، خصوصاً بعد تحية التقدير التي نالوها بعد فوزهم على البرازيل، وقال: «نأمل ونعتقد أن كل البرازيليين سيشجعوننا. كان رد فعلهم رائعاً بعد تأهلنا إلى النهائي». وربما تكرر مشهد مباراة الأرجنتين والبوسنة في الدور الأول (2-1)، إذ بدا وكان جمهور ماراكانا قادماً من سراييغو دعماً لأدين دجيكو ورفاقه، وكان الملعب الرائع بركاناً يغلي بهتافات مناهضة للبعوضة وبقية لاعبي المدرب اليخاندرو سابيلا، فيما زحف الآلاف إلى شواطئ كوبا كابانا، وبعضهم نام في السيارات بقميصه الأزرق والأبيض، والمشهد ذاته تكرر في المباريات التالية للأرجنتين. تاريخ شرس نزاع بين الدولتين حول السيادة على إقليم سيسبلاتينا اندلع بعد استقلال الأوروغواي، أزمة ديبلوماسية عند ترسيم حدودهما النهائية عام 1895، على رغم بعض العلاقات الأخوية الطيبة، ثم انتقل الصراع إلى المستديرة. هيمنت الأوروغواي والأرجنتين على منافسات أميركا الجنوبية في البداية، ولما تجاوزت البرازيل عقدة النقص، حصدت الأخضر واليابس. جاء المنعطف التاريخي الحاسم، عندما انتظمت أمور المنتخب الأرجنتيني، وأحرز لقب أم البطولات، ونال احترام عالم كرة القدم. الصراع الكروي بين الجانبين مرتبط بثلاث مباريات تاريخية ضمن كأس العالم، وكانت كلها مواجهات مصيرية وحاسمة، التعادل (صفر-صفر) في 1978 في الموقعة المسماة «معركة روزاريو»، والفوز البرازيلي (3-1) عام 1982، والانتصار الأرجنتيني في 1990. قبل نحو عام مازح عمدة ريو دي جانيرو أدواردو بايس، قائلاً: «إذا فازت الأرجنتين على البرازيل في النهائي سأقتل نفسي... لديهم ميسي والبابا. لا يمكنهم الحصول على كل شيء». صراع تاريخي للريادة في أميركا الجنوبية يعود عمره إلى الحقبات الاستعمارية الإسبانية والبرتغالية. سيشد البرازيليون همتهم في ملعب ماراكانا الذي حلموا 64 عاماً بالعودة إليه لخوض النهائي المنتظر بعد كارثة «ماراكانزو» على يد الأوروغواي (1-2) في المباراة الحاسمة لنهائي 1950، لكن للقيام بخيار سيئ من بين الأسوأ ودعم ألمانيا بدلاً من الأرجنتين. سيبزغ يوم (الإثنين) فجر سيئ على البرازيليين، أقله سوء إحكام ألمانيا قبضتها على الكرة العالمية من عقر دارهم، أو عودة الأعداء إلى بوينوس آيرس بلقبهم العالمي الثالث.