«الامتعاض» كما أراه حالة «وسطية» بين الغضب والرضا، تعبر غالباً عن مكنون من يريد انتقاد من لا يقدر على ان يأمره أو ينهاه، وهي تعبير مطاطي فلا تعرف هل هو قريب من المقاطعة أو اتخاذ الإجراء، أو من المصالحة وعودة المياه إلى مجاريها (على رغم عدم وجود شبكات تصريف في الغالب). انظر حولي فأجد الكثير منه، فامتعض بدوري من عدم قدرتنا على القول الواضح الصريح المرتكز على معلومة، والمؤدي إلى هدف، لنصل الى نتيجة، وبت اكره مقولة رضا الناس غاية لا تدرك، فمن الذي وضعها غاية من الأساس مثلاً؟ واية ناس بالتحديد نتحدث عنهم. اجتماعياً الغالبية ممتعضون من تصرفات الشباب والمراهقين، وكأنهم تم استيرادهم عبر البريد السريع وليس تنشئتهم في بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا وثلاثتهم يقول بتكميل الآخر، وثلاثتهم تقريباً ينسفون من يفعله واحدهم بشكل أو بآخر. اقتصادياً الجميع ممتعض من تحويلات المقيمين للخارج، ما رأيكم يتغربون ويكدحون ثم يتبرعون بأجورهم للجمعيات الخيرية، هذه أثمان أعمارهم ومعيشتهم، وهي من قبل ومن بعد ثمن ثقافة الكسل، الاتكال، البحث عن المال السهل، السهر، النظرة المتخلفة للمهن، القصور في التخطيط، وأيضاً هي بسبب عدم وجود ما ينفقون أموالهم فيه هنا لا على صعيد الاستثمار، الترفيه، أو جلب العائلة. رياضياً امتعاض لا منته من كل شيء، اربعة عقود من الزمن ولا نزال نتعامل مع الرياضة عبر وسائل الاعلام، وليس عبر الميدان، كل ميدان لها، نتحدث عن الرياضة أكثر مما نمارسها، ولم نفلح في المحافظة على مستويات حققناها، فضلاً عن تجاوزها. فكرياً «ذولا» ممتعضين من «ذولاك»، وفيما يناقش الناس غالباً حراكهم الفكري عبر المؤسسات، نعتركه عبر الأفراد، وفيما تتحول الثقافة إلى منتج، سلوك، أو أسلوب حياة عند غيرنا، تتحول إلى تهمة، بل إلى تصنيف اجتماعي يكاد يكون مثل تصنيف اللاعبين والفنانين في فترات زمنية قديمة، والامتعاض الحقيقي ان المجتمع في غالبه متصالح مع نفسه لكن وهم الذود عن فكر كل فريق يحيل الكثيرين إلى الانزواء بعيداً حتى عن تصالحه خشية ان يكون مذنباً عند فريق، أو متخلفاً عند فريق آخر. هناك من يكون امتعاضه واجب التحول إلى منطقة النفاذ على طريقة «امتعاض سعادتك أوامر»، وهناك من من لا يكون امتعاضه سوى مزيد من الاستهلاك لمضادات الحموضة. لا بأس ان نمتعض من بعض أحوالنا، لكن لا يجب ان يكون لكل امتعاض فترة زمنية وينتهي، حتى نستطيع البدء في امتعاض جديد، والأمثلة أعلاه ليست هي الهدف بذاتها، الهدف أننا ندور في الفراغ المفتوح، وليس في حلقة كما يعتقد البعض، لأن الحلقة مهما كانت مادة صنعها لا بد ان تنكسر، أنا ممتعض منك أيتها الحلقة المدعاة. [email protected] Twitter | @mohamdalyami