كتبت قبل أشهر عن أمنيتي أن تنقل الجامعات السعودية تجربة الجامعات الأميركية في منافسات كرة السلة و «البيسبول» حيث يعتبر الدوري بين الجامعات في كل ولاية، وبين الولايات لهاتين اللعبتين من مظاهر ثقافة الجامعات، تخلق التنافس، وتغذي الملاعب بالموهوبين، وتمنح الموهوبين في الثانوية العامة منحاً مجانية للدراسة. ومع استعداد قطاع الرياضة لدينا للدخول في تجربة تطوير جديدة، أعاود التأكيد على هذه الفكرة، ويمكن لهذا النقل أو الاستنساخ أن يكون خاصاً بكرة القدم، كونها الأكثر شعبية لدينا، والقابلة للتأثير على الشباب، وربما التأثير بتجربتها إن نجحت على الرياضات الأخرى. يجب ان نتحدث عن مفاهيم جديدة في العلاقة بين الجامعات والرياضة، وتأثيرها المتوقع على تفكير المجتمع، خصوصاً تجاه الرياضة وأهلها، أصحاب الضجيج الأكبر، والمساهمة الأقل في الناتج العام سواء كان اقتصادياً أو ثقافياً أو اجتماعياً، وهذا ما أتمنى ان يركز عليه الأمير نواف فهو يعرف كثيراً عن التجربة الجامعية. المهم ان لا تدخل الرئاسة أو اتحاد القدم إلى هذه المنافسات، هي فقط تدعم الفكرة، ويمكن أن تقدم الاستشارة، لكن الجامعات في ما بينها هي من ينظم ويمول، وتمويل كرة القدم من أسهل المهام في العالم، واعتقد ان الرئاسة معنية بالتطوير «الفكري» وستكون حلقة وصل بين ما يحدث في دوري الجامعات وبين الأندية، وبالطبع سيؤثر ذلك على المنتخب الوطني. أجدد القول بأن الفكرة ليست في كرة القدم بحد ذاتها، إنها تذهب أعمق من ذلك، في اتجاهات كثيرة، منها ما يمكن تبسيطه أن هذه الجامعات وقد قفز عددها من خانة الآحاد إلى خانة العشرات، لا يمكن أن تظل حبيسة فكرة «المدرسة الكبيرة»، ولا يمكن أن تستمر وتنافس وتبدع بالاعتماد فقط على مخصصاتها في الميزانية الحكومية، إنما يجب أن تبدأ طريقها نحو احتراف فكرة أن تكون جامعة، وقد بدأت بعض الجامعات الكبرى بالفعل هذا الطريق، وهي تأخرت، لكنها على الأقل وصلت إلى المبدأ وسنراها قريباً تبدع وتقود فيه. المساهمة الرياضية بما ستجلبه من ضوء، ومال، عبر الرعاية والمساهمات، ما هي إلا نقطة انطلاق، تكسر خوفنا وخشيتنا من التجريب والمغامرة، وتعيد إحياء الرياضة في الجامعات، وغالباً سيؤثر ذلك في المدارس الثانوية. رعاية الشباب او اتحاد الكرة يستطيع ايجاد البيئة، لكنه لا يمكن ان يتحمل مسؤولية ايجاد الموهبة لوحده، ولا يمكن ان يتحمل صقل الموهبة فكرياً، ووضعها في قالب ثقافي واجتماعي مقبول، انها مهمة الجامعات، كما هي مهمة صائدي المواهب في الشوارع والاحياء، ولأن الغالبية تدرس وتتعلم الآن، فالاقتناص سينتقل للجامعات والمدارس الثانوية، وسينكسر الجليد بين ثقافة المجتمع بجميع أطيافه، وبين كرة القدم. [email protected]