زادت استقالة السفير الباكستاني السابق لدى واشنطن حسين حقاني بسبب فضيحة المذكرة التي اتهم بإرسالها إلى الرئيس السابق لهيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة الأميرال مايك مولن لطلب مساعدة الرئيس آصف علي زرداري في التغلب على قائد الجيش الجنرال اشفق كياني ومدير الاستخبارات العسكرية الجنرال شجاع باشا، عزلة الحكومة الباكستانية والانتقادات الموجهة إليها. وعلى رغم نجاح زرداري ورئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني في تفادي خسارة أكبر من استقالة حقاني، اتهمت وسائل الإعلام المحلية الحكومة ب «التآمر على حماة باكستان والقدرات الاستراتيجية للجيش الوطني»، في ظل تزايد التباين بين باكستان والولايات المتحدة حول «الحرب على الإرهاب» والموقف من الفصل الأخير للصراع في أفغانستان. ولم تجد وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة طريقة للدفاع عن المذكرة السرية التي أرسلت إلى القيادة العسكرية الأميركية إلا التشكيك برواية رجل الأعمال الأميركي الباكستاني الأصل منصور إعجاز الذي فضح الأمر، على رغم ارتباط إعجاز بعلاقة وطيدة مع زرداري وزوجته رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو سابقاً و «حزب الشعب» الحاكم. وأظهرت الفضيحة الجيش بأنه الجهة الوحيدة المؤتمنة على مسيرة البلاد والحفاظ على أمنها واستقرارها، ما يعزز موقعه ونظرة الشعب إليه. في المقابل، منح الأداء السيئ للحكومة وسط معاناة البلاد من أزمات اقتصادية وأمنية متراكمة مبررات للمعارضة من أجل شن حملة إعلامية وشعبية على الحكومة بهدف إسقاطها. وطالب زعيم المعارضة نواز شريف بفتح تحقيق في قضية المذكرة، متهماً من وقفوا وراءها ب «الخيانة العظمى»، على رغم انتقاده المعهود لدور الجيش في السياسة وتدخل أجهزة الأمن في الحياة العامة والحكومة. وزاد الطين بلة تعهد عمران خان، زعيم حركة «الإنصاف والعدالة»، تنظيف باكستان من الفئات الفاسدة في الحكم، واستعادة بلايين الدولارات المنهوبة من الحكومة. كذلك، اضطلعت المؤسسة القضائية بدور في انتقاد أداء الحكومة، إذ رفضت المحكمة العليا دفاع ممثل الحكومة عن قانون المصالحة الوطنية الذي أقرّه الرئيس السابق برويز مشرف قبل عام من إجباره على الاستقالة، وأفاد مئات من السياسيين في مقدمهم زرداري وعدد من الوزراء الحاليين أو أعضاء التحالف الحاكم. ورفضت المحكمة العليا دعوة الحكومة لإعادة النظر في قرار إسقاط قانون المصالحة الوطنية، مطالبة إسلام آباد بإحالة كل القضايا التي أسقطت بموجب هذا القانون إلى الجهات المختصة للتحقيق فيها مجدداَ، وإدانة المتورطين بقضايا الفساد والرشوة وسوء استخدام السلطة. ومع تزايد جبهات فتح النار على الحكومة، ينتظر الرئيس زرداري موعد انتخابات مجلس الشيوخ في آذار المقبل كي يثبت دعائم حكمه حتى لو ضحى بالحكومة الحالية أو بعض وزرائها وسفرائها في الخارج. في المقابل، تهدد المعارضة بالاستقالة من البرلمان الفيديرالي والبرلمانات الإقليمية قبل موعد انتخابات مجلس الشيوخ، كي تفوت فرصة بقاء زرداري في السلطة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية في آذار (مارس) 2013. وستجبر استقالة المعارضة من البرلمان الفيديرالي والبرلمانات الإقليمية الحكومة على إجراء انتخابات عامة مبكرة، ما يزيد من فرص نيل المعارضين للحكومة الحالية غالبية في البرلمان، ويحرم الحزب الحاكم من العودة إلى السلطة. لكن الأحزاب التي ينتظر فوزها لا يجمعها نسيج واحد، ما يجبرها على التحالف بمساعدة من الجيش الذي يتوقع أن تبقى هيمنته على الحكم والسياسة من خلف الستار.