تحدث نزار محمد الثبيتي للحياة بعد مرور سنة على رحيل والده الشاعر الكبير محمد الثبيتي قائلاً: أوضح نزار ابن الشاعر الراحل محمد الثبيتي، أن هذه السنة هي الأولى «التي تمر بعيداً عن والدي رحمه الله»، مؤكداً أنه «إذا كان غادرنا جسداً فإنه بقي بيننا روحاً وشعراً». وقال نزار في الذكرى الأولى لرحيل صاحب «التضاريس» التي تصادف اليوم (الأحد 21 2 1433): «لن أنسى ذلك اليوم الكئيب أبداً، وأتذكر فيه أن المطر هطل، وكأنما يشاركنا البكاء عليه. أتذكر أيضاً أنه عند دفنه أصرت أم ثكلى أن تدفن طفلها معه فاستجبنا لها». ويختم نزار محمد الثبيتي حديثه ل «الحياة» قائلاً: أعتقد بأن شاعراً مثل محمد الثبيتي سيبقى، حتى ولو غيبه الموت، وسيترك من خلال شعره آفاقاً من الرؤيا، كما قال في قصيدة «أختر هواك»: و مضيت، لا تلوي على أحد/ ولا تأوي إلى بلدٍ/ وترمي نحو آفاقٍ من الرُؤيا/ خُطى مغلولة، وهوى طليقاَ». فيما قال الشاعر والإعلامي خالد قماش عن الراحل الكبير: «تمر علينا ذكرى الشاعر العملاق محمد الثبيتي الأولى، ونحن ما نزال نردد قصائده ونهجس بأبياته العالية معنى وذوقاً وإيقاعاً، وأعتقد بأن الزمن سيعيد إحياء تجربته الشعرية كونها تجربة إنسانية مبهجة. وسيأتي اليوم الذي تدرّس فيه قصائده في مناهجنا الدراسية بعد أن عانى من الظلم والإقصاء والاضطهاد الفكري». وتطرق إلى أن الحديث عن محمد الثبيتي أو الاقتراب من تجربته الشعرية المهيبة، «أشبه بالمشي حافياً على جمر متوقد أو حزن متورّد، لا لاشيء ولكن لأنه فقط ظاهرة شعرية فريدة لا يمكن أن تتكرر إلا كل 100 عام كعباقرة الزمن الجميل الذي يظل ولاداً بكل الخلاقين والمبدعين الحقيقيين، وكوني قد تشرفت بصداقة هذا الرجل وتعلمت منه الكثير على المستوى الإبداعي والمستوى الإنساني، وما زلت أستضيء بآياته وأفكاره، وأعتقد بأن تجربته لم تنل بعد حقها في الدراسة والنقد الموضوعي، وسيسجل الزمن الآتي هذا الرقم الصعب على المستوى العربي». وأشار الشاعر والناقد سعد الثقفي إلى أن الشاعر الكبير «فضح بموته كما فضح أبان حياته الحياة الثقافية الرسمية وغير الرسمية المتهالكة في المملكة، ففي حياته عاش مشتغلاً على منجزه الإبداعي، ونأى بنفسه عن تعقيدات هذه الوسط الثقافي الذي يصيب المثقف بالإحباط كلما اقترب منه أو حاول الانتماء إليه، ولولا وقفة نادي حائل الأدبي معه أبان فترة تولي الصديق محمد الحمد رئاسته، وطباعته لأعماله الأدبية، لكانت علاقة الثبيتي مع المؤسسة الثقافية في بلادنا وصمة عار بحق»، لافتاً إلى أن الثبيتي الذي مثل المملكة كثيراً، وذاع صيته في الخارج قبل الداخل، «لم ينل المكانة التي حظي بها من هم أقل منه شأناً، وفي وسط ثقافيٍّ رسميّ لا تعرف كيف تؤول فيه الأمور عادة، كان التجاهل كثيراً ما يعتري العلاقة بين محمد الثبيتي وهذه المؤسسة التي لم تكرمه إلا بعد موته، كعادتها حين يموت الأدباء والمثقفون في بلادنا، لم تسمّ شارعاً واحداً باسمه، ولم تطلق اسمه على قاعة وحتى على المستوى الثقافي غير الرسمي، تسابق هذه الوسط على انجاز فعاليات لمحمد الثبيتي أثناء مرضه وبعد موته، وكأن المرض والموت هما شرطان أساسيان للاعتراف بفضل الأديب ومكانته في هذه البلاد». وقال الثقفي: «بعد عام على موته أجد مقولاته وآراءه صحيحة وقوية عن هذا الوسط، بل عن الحياة والناس عموماً، فها هو النادي الذي كان محمد الثبيتي يقرأ عليه الفاتحة كلما مرّ بقربه ساخراً، يعج بالفوضى والمشكلات والشكاوى، وها هي المؤسسة الثقافية لدينا تمعن في تخديرنا بوعود واهية في تطوير المنجز الثقافي، وها هو الشعر يفقد بوصلته محلياً بعد وفاة الثبيتي، بل وجدت من مجايليه من يتنكر لفضله، ولبروزه بسبب مصاحبته لمحمد الثبيتي في رحلاته وأمسياته، إنه زمن الجحود يتجلى تماماً، وعانى منه محمد الثبيتي كثيراً، لكنها سنة الحياة، فلا مكانة للأدب والأدباء في هذه الزمن الأعمى والتأريخ المعمّى كما قال أدونيس، جاءت ذكرى وفاة محمد الثبيتي والمشهد الثقافي يؤكد حاجته إليه وإلى كل مبدع في قامته، وسننتظر طويلاً إلى أن يُلد ثبيتي آخر». محبوه يرددون دوماً: «أدر مهجة الصبح/ صب لنا وطناً في الكؤوس»