ها هو الموت يضرب مُجددا، لم يكن باستطاعتنا أن نفيق من حزننا المديد على رحيل القصيبي وقبله درويش ليفجعنا الموت ثانية برحيل سيد البيد شاعرنا الكبير محمد الثبيتي الذي حفر اسمه بامتياز في ذاكرة الشعر العربي والمحلي على حد سواء، واستطاع بموهبته الفذة أن يتصدر المشهد الشعري لعقدين ماضيين من الزمن كان ذلك بشهادة الجميع. والحق يقال، إن الوسط الثقافي في المملكة لم يُجمِع يوما على تميز تجربة أحد من الشعراء مثلما أجمع على تميز تجربة الثبيتي الشعرية، وهو الذي لم يكن مهتما بتلميع اسمه أو تكريس حضوره الشعري عبر الملتقيات والمهرجانات الشعرية العربية، بل كان طوال الوقت بمنأى عن كل ذلك، مثلما كان في الوقت ذاته قريبا من الشعر، الشعر وحده. أيضا لا يخفى على أحد أن تجربة الثبيتي كانت وراء ظهور وبروز أهم الأسماء النقدية بالمملكة وخير دليل على ذلك الإصدارات النقدية العديدة التي تناولت تجربته بالكثير من الثناء والتقدير. ضرب الموت ضربته.. لكن محمد الثبيتي الشاعر الإنسان سيظل حاضرا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، سيظل حاضرا في المخيلة والوجدان على الدوام. ضرب الموت ضربته لكن الشاعر كان قد عاش حياته كما يجب أن تُعاش الحياة. ضرب الموت ضربته لكن الشاعر كان قد كتب قصائده كما يجب أن تكتب القصيدة. ضرب الموت ضربته فطوح بنا جميعا في مفازات الفقد السحيقة والألم.. رحمة الله عليك أبا يوسف.